لهذه الاعتبارات والعوامل... امسكت الرياض بزمام المبادرة في لبنان
تحرك الملف الرئاسي من "خيمة" السفير السعودي في بيروت الوليد البخاري، ويأتي هذا الدور الذي احتل واجهة الاحداث اللبنانية بعد سلسلة اخفاقات في ادوار مختلف اطراف اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني (التي تضم ممثلين عن المملكة العربية السعودية، قطر، مصر، فرنسا، والولايات المتحدة).
لكن لماذا تقدم هذا الدور في هذه اللحظة الحساسة التي رُبط فيها لبنان بمصير غزة؟ يشرح مرجع سياسي واسع الاطلاع، المجريات السياسية والدبلوماسية التي قدمت المملكة السعودية على ما سواها، قائلا: مصر لا ترغب في هذا الدور، وكان سفيرها قد ردد في اكثر من مناسبة ان الاستحقاق الرئاسي شأن لبناني لبناني، ودور بلاده للمساعدة، اما بالنسبة الى فرنسا فكانت تؤيد مرشحا معينا (الوزير السابق سليمان فرنجية) بالاتفاق مع حزب الله ومن ثم عدّلت موقفها ونادت بالخيار الثالث، علما ان الموفد جان ايف لودريان ما زال مفوضا من قبل الرئيس ايمانويل ماكرون للقيام بهذه المهمة في لبنان التي تهدف بالدرجة الاولى الى توفير الاستقرار، بمعنى آخر ان فرنسا التي كانت سبّاقة في الدور لم تعد في هذا الموقع بالرغم من انها في مكان ما صادقة في ايجاد حلّ لان لبنان يعنيها في المبدأ اضافة الى ان مصالحها في لبنان كبيرة سواء اكان آنية او لاحقة او مستقبلية.
ويضيف المرجع: قطر التي تحركت على الساحة اللبنانية ما قبل 7 تشرين الاول الفائت، دخلت بقوة على خط التفاوض مع اسرائيل في موضوع الرهائن والهدنة الانسانية ووقف اطلاق النار في غزة، وبالتالي اصبح لها اهتمامات اخرى انطلاقا من دورها الاقليمي، علما انها كانت قد عبّرت عن اختيار بعض الشخصيات وسمتها - ومعظمها من العسكريين- وتنقلت من مرشح الى آخر. ويتابع: حتى ولو زار موفدها لبنان، او ناشده الرئيس نبيه بري من اجل اعادة تحريك الخماسية او المسار الرئاسية، تبقى قطر منهمكة في امور اخرى، في حين ان المطلوب في لبنان واحد: "استقرار سياسي يساوي انتخاب رئيس".
اما بالنسبة الى الولايات المتحدة، فيشير المرجع الى بدء السفيرة الجديدة ليزا جونسون مهامها في بيروت، وهي متمرسة وقوية وتأتي من عالم استخباراتي، كما انها مطلعة جدا على الملف الرئاسي اللبناني وترغب في اخذ دورها كاملا، تفصل بين الحرب ووضع لبنان الخاص انطلاقا من جيشه، لكن لا بد من الاخذ في الاعتبار انغماس ادارة بلادها مع اسرائيل في موضوع الصراع والقتال الحاصل في غزة وفي جنوب لبنان.
وانطلاقا من كل هذه الاعتبارات، يلفت المرجع الى ان المملكة تهيأت للعب دور لم تلعبه على مدى السنوات الاخيرة في لبنان، فانتقلت من دور المساهم الصامت الى دور اكثر فاعلية، لا بل تظهّر نفسها بانها اللاعب الاساسي على الساحة اللبنانية.
ويشدد المصدر على انه اذا كان هذا الاداء يروق للمملكة، فانه ايضا يروق للبنان على الرغم من ان للرياض في مكان ما بعض العدوات او الخصوم شئنا او ابينا!
لكن، يستطرد المرجع الى القول: لا بد من الاشارة الى ان سفيرها دمث يعرف الطبع اللبناني ويدرك كافة الاشكاليات على حدتها.
وعن العوامل المرتبطة باللجنة الخماسية والتي دفعت بالدور السعودي قدما؟ يجيب المرجع: لا يمكن ان تترك الرياض قطر وحيدة على الساحة اللبنانية تقوم بدور تقريري او ان تكون المساهم الاكبر في عملية انتاج دولة جديدة في لبنان بدءا من الانتخابات الرئاسية ووضع ركائزها من صداقات وتحالفات، لا سيما لما تمثله الدوحة في الوجدان العربي انطلاقا من علاقتها او دعمها بشكل او بآخر للاخوان المسلمين. وما ينطبق على الرياض ينطبق ايضا على القاهرة التي اساسا ترتاح للجانب السعودي اكثر من اي جانب آخر. وهذا الخيار تقدمه ايضا الولايات المتحدة التي تريد الانعتاق اكثر من الحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو. اما بالنسبة الى الفرنسي فهو على تواصل مستمر مع المملكة سواء في باريس او في الرياض او في لبنان، لا سيما بعد تعيين لودريان رئيسا لوكالة التنمية الفرنسية في العلا السعودية.
كيف ستتلقف الاطراف في لبنان هذا الدور المستجد؟ يشدد المرجع عينه على ضرورة ان يكون دورها مرحبا به، قائلا: على بعض الاطراف ان تضع جانبا ما تتوجسه بالمملكة.
ويختم المرجع: هذا الدور تسعى اليه المملكة ويسعى اليه لبنان ايضا... فلتكن هي من يقود هذه المسيرة اليوم اكثر فاكثر لعلها تصل الى خواتيم سعيدة على عكس المبادرات الاخرى.
عمر الراسي - "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|