الصحافة

"عيون" روسيا على لبنان: تنتظر الحريري ومرتاحة لجنبلاط

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يحظى لبنان وقواه السياسية والطائفية بمتابعة دقيقة من العواصم الكبرى نظراً الى الموقع الذي يحتله بلدهم، فضلا عن الحيوية التي يتمتع بها أهله رغم انقساماتهم السياسية ومؤامراتهم في كثير من الاحيان حيث لا يتم تعامل الدول
مع مكوناته بـ"الجملة" على عكس اكثر من دولة في المنطقة يقودها رأس واحد. ومن تلك الدول روسيا التي لا يغيب شعاع اهتماماتها عن لبنان وتشعباته منذ ما قبل الاتحاد السوفياتي حيث تعمل بهدوء وبأدوات تختلف عن اسلوب الاميركيين والغربيين لاسباب عدة.

ورغم تأثر لبنان بواشنطن وباريس وطهران، الى عواصم عربية في حجم الرياض والقاهرة والدوحة في السنوات الاخيرة والمواكبة للملف اللبناني، تحافظ موسكو على خيوط علاقاتها بهدوء مع اكثر من جهة، من الحزب التقدمي الاشتراكي (عمرها اكثر من ستين سنة) الى "حزب الله"، مع ملاحظة شبْكها علاقة خاصة مع الرئيس سعد الحريري وشخصيات مسيحية. وفي لحظة وجود الحريري في بيروت في الذكرى الـ 19 لاغتيال والده، يكشف المبعوث الخاص للحريري الى روسيا جورج شعبان عن تسليم نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف دعوة للحريري لزيارة موسكو وإسماعه عبارة "نحن في انتظارك".

وفي المعلومات ان الدعوة تمت قبل ثلاثة اشهر في لقاء عُقد بين الرجلين في ابو ظبي واتفقا على تثبيت الموعد في الوقت المناسب لتتوَّج الزيارة بلقاء الرئيس فلاديمير بوتين، إذ سبق لهما ان التقيا اكثر من مرة كان فيها الحريري رئيسا للحكومة واخرى بصفة رئيس سابق في دلالة الى علاقة ثابتة بين الجانبين وضع اسسها الرئيس الراحل رفيق الحريري عندما ساهم في تعزيز جسور العلاقة بين روسيا والسعودية.

ومن غير المستغرب هنا ان يحافظ بوتين على هذا التواصل مع الحريري الابن الذي حضر اسمه في اجتماعات آخر زيارتين له الى ابو ظبي والرياض مع توقع مراقبين ان تتم تلبية الحريري لهذه الزيارة المنتظرة بـ "مباركة" من القيادتين السعودية والاماراتية اللتين تربطهما علاقات جيدة مع موسكو. وتتعاطى الديبلوماسية الروسية مع الحريري من الموقع الذي يحتله في الخريطة السياسية في لبنان رغم قراره بالعزوف قبل سنتين، ويرون فيه انه يمتلك دورا اساسيا رغم كل ما تعرّض له ابان وجوده في رئاسة الحكومة او خارجها، فضلا عن الدور الذي يمكن ان يلعبه في مسألة "الاعتدال السني" في لبنان وتأثيره في المنطقة وسط ترقب اكثر من جهة لما سينتهي اليه عدوان اسرائيل على غزة وكيف ستخرج حركة "حماس" من هذا الامتحان العسكري - السياسي الاصعب عليها منذ نشأتها الى اليوم.

ويعود توصيف "الاعتدال السني" واقترانه بالحريري الى ديبلوماسي روسي تحرص بلاده على استمرار هذه العلاقة مع "تيار المستقبل" ومكونات سياسية اخرى في بلد كانت ابوابه وما زالت مشرعة على تدخلات الخارج. في غضون ذلك، لا يمكن التقليل من تأثير عامل الكيمياء السياسية لقادة الدول ورؤساء بعثاتها الديبلوماسية ودخول العامل الشخصي على هذه العلاقة، علما ان سياسات الدول وخصوصا الكبرى منها لا تعمل بفعل العواطف على اساس انها ليست جمعيات خيرية بل تركز في الاساس على مصالحها الاستراتيجية. واذا كانت روسيا لا تدخل في يوميات السياسة اللبنانية على غرار الاميركيين والايرانيين وما بينهما، إلا ان لروسيا مصلحة في لبنان من خلال علاقته وتأثره بسوريا التي توجد على اراضيها جملة من القواعد العسكرية والمصالح الروسية التي تريد ان تكون صاحبة كلمة وتأثير في المنطقة في سباق مفتوح بين موسكو وواشنطن واكثر من عاصمة غربية وعلى اكثر من بقعة في العالم. ومن هنا لا يتم التقليل من الموقع الاستراتيجي للبنان الذي لا يحسن أهله استغلاله والاستفادة منه في خريطة المنطقة التي قد تتحضر لتبدلات جديدة في جغرافيتها السياسية على ضوء حصيلة ما ستنتهي اليه الامور في حرب اسرائيل على قطاع غزة والتي قد تغير المشهد السياسي والعسكري في انتظار موعد حلقاتها الاخيرة.

وكانت هذه الملفات موضع نقاش بين المسؤولين الروس والرئيس السابق للحزب التقدمي وليد جنبلاط حيث جرى التأكيد على العلاقة التاريخية بين الطرفين. وحضرت غزة بقوة على طاولتهما ولم يخفيا الخشية من إقدام اسرائيل على تهجير الفلسطينيين الى سيناء في لحظة تراخٍ عربية ودعم اميركي غير مشروط لتل ابيب، وان الحديث عن "حل الدولتين" قد انتهى وهو اقرب الى الكذبة.

ولم تخلُ زيارة جنبلاط الى موسكو من التطرق الى الملف الرئاسي ولو ترك الجواب على هذا الملف لرئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب تيمور جنبلاط لكنه ردد كلاما دافئا حيال المرشح سليمان فرنجية من دون ان يعلن تبنّيه له.

وبعد التدقيق باهتمام روسيا بشؤون لبنان من خلال تواصل ديبلوماسيتها مع الحريري وجنبلاط و"حزب الله" وآخرين لا يبدو انها تريد امورا خاصة في لبنان، مع اظهار ان واشنطن هي من تشارك وتدير اللعبة من اوكرانيا الى غزة. ولذلك تشدد موسكو على انها ستبقى في موقع الصديق للبنان، واذا لم تقدم له مساعدات عسكرية لأسباب تخص الجيش اللبناني فانها تقول إنها لن تقصّر في رفع مستوى علاقاتها الاقتصادية والثقافية والتعليمية المشتركة مع لبنان.
ولدى عرض كل هذه الوقائع من جانب موسكو تسهل الاجابة عن سؤال: ماذا تريد من لبنان وما الذي يمكنها ان تحققه مع عواصم منافسة اخرى في بلد ذي تربة سياسية واقتصادية رخوة قادرة على امتصاص تدخلات الخارج والعمل بموجبها امس واليوم؟

 "النهار"- رضوان عقيل

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا