إيران في لبنان: ماذا تفعل وماذا تريد؟
عندما بنى الإمام عبد الرحمن الأوزاعي إمام بيروت وأهل الشام في زمانه، قلعته الصغيرة عند شاطئ البحر في بيروت، للرباط بوجه الغزاة للمدينة. لم يكن يتخيّل أو يتوقّع، أن تُبنى بعد 1359 سنة، خلف قلعته السفارة الإيرانية، التي تعتبر اليوم من أكبر السفارات الأجنبية مساحة وحجماً في لبنان.عاصر الأوزاعي عهدين سياسيَّين. شهد نهاية الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية. تشاء الأقدار اليوم أن يعايش ضريحه في مسجده عهد إيران في لبنان.
كيف تنظر إيران للملفّ الرئاسي؟ وما تأثير علاقتها المستجدّة مع السعودية على الملفّ اللبناني؟
ينقل مرجع سياسي عن السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني، أنّ السعودية لا تريد مقاربة الملف اللبناني من حيث التفاصيل والاستحقاقات المحلية. وذلك ضمن استراتيجية في السياسة الخارجية قد اعتمدتها تقوم على قاعدة “السعودية أوّلاً”. والتركيز على التنمية والتطوير في داخل المملكة. وعدم الانخراط في الأزمات الخارجية.
ما نقله المرجع السياسي عن لسان السفير الإيراني يتقاطع مع ما نقله الكثير من زوّار السفارة الإيرانية في مبناها الجديد بمنطقة الأوزاعي. زوّار السفارة خرجوا بانطباع مفاده أنّ السعودية وإيران متّفقتان حول الملف اللبناني. لجهة عدم التدخّل المباشر وفقاً لمعادلة أُرسيت في اتفاق بكين. فلا تصادم ولا خلاف بين الدولتين في لبنان. وهي معادلة ترتاح وتطمئنّ لها إيران في لبنان لسببين:
1- إنّ إيران في لبنان لا تحتاج إلى تدخّل مباشر، بوجود الحزب وأمينه العامّ حسن نصر الله. يحظى نصر الله من قبلها، بتكليف شامل للتعاطي مع الملفّ اللبناني، دون الرجوع إليها.
2- إنّ السعودية منذ عام 2015 وفقاً للاستنتاج الإيراني، لديها أصدقاء في لبنان وليس حلفاء، وإن ادّعوا تحالفهم معها. لم تسعَ السعودية ودائماً وفقاً للرؤية الإيرانية إلى بناء جبهة سياسية متحالفة معها، تسير وفقاً لأجندتها، بقدر ما سعت إلى مدّ قنوات الصداقة لا أكثر ولا أقلّ.
إيران والملفّ الرئاسيّ
وفقاً لكلّ ما سبق، تنظر إيران في لبنان للملفّ الرئاسي استناداً إلى ثلاث قواعد:
1- إنّ الانتخابات الرئاسية شأن لبناني. يجب على الأطراف الخارجية عدم التدخّل فيه وتركه للّبنانيين كي يتحاوروا ويتوافقوا حوله لاختيار رئيسٍ قادر على جمعهم وتجاوز أزماتهم.
2- إنّ إيران لا تسعى ولا تريد الانضمام إلى اللجنة الخماسية لا اليوم ولا غداً. هي ترى أنّ اللجنة الخماسية باتت خارج الخدمة والفعّالية، بسبب التباينات بين أعضائها على مقاربة الملفّ الرئاسي. وإن استمرّ حراكها. وبخاصة أنّ المؤثّرين فيها هما دولتان فقط السعودية والولايات المتحدة. وترى إيران أنّ وجود مصر بالخماسية، حصل برغبة خماسية لإحداث بعض التوازن بين فرنسا وباقي الأعضاء. فالسعودية لا تريد الدخول في التفاصيل، والولايات المتحدة لا تسعى إلى انتخاب رئيس للجمهورية في هذه المرحلة. هي نقطة يثابر الإيرانيون على تكرارها في الجلسات الضيّقة مع اللبنانيين سياسيين وإعلاميين. طارحين تساؤلاً أقرب إلى الجواب: هل تريد الولايات المتحدة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان الآن؟
3- إنّ المرشّح الرئاسي الرسمي الوحيد هو سليمان فرنجية، فيما البقيّة هم أسماء تُطرح غبّ الطلب، دون أفق جدّي لاعتبارها مرشّحة رسميّة. هي تتبدّل عند كلّ مفترق ومرحلة. والأطراف التي تتداول تلك الأسماء تُدرك صعوبة وصولها إلى الرئاسة.
ويستبعد الإيرانيون أن تشنّ إسرائيل حرباً موسّعة ضدّ لبنان لعدّة أسباب:
1- عدم وجود رغبة أميركية باشتعال حرب كهذه لأنّها غير محسومة النتائج والمدّة. والأميركيون منشغلون بأكثر من ملفّ في هذه المرحلة. تبدأ من الانتخابات الرئاسية وصولاً إلى الحرب في أوكرانيا.
2- الوضع اللوجستي للجيش الإسرائيلي الذي تلقّى ضربات قاسية في عدوانه على غزة. وأظهر هشاشة غير مسبوقة بالاستعداد للمواجهات الميدانية الكبرى.
3- جهوزية المقاومة لصدّ أيّ عدوان مرتقب وقدرتها على إلحاق الأذى الكبير بالجيش الإسرائيلي في حال قرّر توسيع الحرب.
4- أمن لبنان من أمن إيران. وأيّ اعتداء على لبنان والمقاومة هو اعتداء على طهران. إيران في لبنان ليست تفصيلاً صغيراً. بل على أميركا وحلفائها أن يعوا أنّ الحرب إن توسّعت لتطال لبنان، فلن تقف عند حدوده.
إيران في لبنان ليست كما إيران في غزة، والحزب ليس حماس. هي خلاصة كلّ الجلسات الإيرانية داخل الحدود وخارجها واستنتاج من يمرّ أمام السفارة الإيرانية في بيروت وضخامة المبنى والأرض التي بُنيت عليها.
زياد عيتاني-اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|