الشباب بين سندان الحدّ الادنى للأجور ومطرقة البطالة
كثيرون من شباب وشابات طرابلس، تخرّجوا حاملين شهادات جامعية بمختلف الاختصاصات، وتعثروا خلال البحث عن فرص عمل لهم. وباحسن الاحوال في حال وفق احدهم وكان محظيا، فان راتبه لا يتجاوز خمسة ملايين ليرة لبنانية (55 دولارا).
منهم حظي بوظيفة لا تمت بصلة الى اختصاصه الجامعي، والعشرات منهم يعملون اليوم في مطاعم ومقاهي طرابلس والشمال، على امل ان يلقوا لاحقا وظيفة تتلاءم مع اختصاصاتهم...
ليست ازمة الاجور المنخفضة التي تواجه ابناء طرابلس والشمال، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تكفي لعائلة من شخصين، بل ازمة اخرى لا تقل اهمية هي فرص العمل غير المتوافرة، والتي دفعت بالعديد من الشماليين، إما الى مغامرة مراكب الموت والهجرة نحو اوروبا، واما التوجه الى بيروت وجبل لبنان للعمل في المطاعم والمقاهي وغيرها بمهن مختلفة، فيغترب الشاب في وطنه، بحيث يغيب عن عائلته لاسبوع كي يوفر أجرة النقل الزهيدة...
شباب وشابات اينما اتجهت في طرابلس تلتقي بهم يشكون ازمة تخنقهم في ظل الظروف المعيشية والمالية المنهارة...
شاب تخرج حديثا متخصصا في ادارة اعمال، جاهد لايجاد فرصة عمل، فلم يجد مكانا له سوى مقهى بالضم والفرز براتب زهيد لا يكفيه ثمن سجائر...
ويتساءل الشباب عن اثرياء في طرابلس ورجال اعمال واصحاب مصالح ومؤسسات وشركات، فهم غائبون عن مواجع اهل مدينتهم واهل الشمال عامة، احدهم يقول: ماذا يضير رجال الاعمال هؤلاء لو بادروا الى استنهاض الاقتصاد في مدينتهم وتوظيف مئات الشباب، بالطبع لن يخسروا، فقد يوفرون فرص عمل لشباب ضائعون وتحولوا الى فريسة سهلة لتجار ومروجي المخدرات...
والمسؤولية تقع ايضا على عاتق الدولة والوزراء المعنيين، في مرحلة مصيرية يناقشون فيها رفع الحد الادنى للاجور الى 18 مليون ليرة، والمضحك المبكي انهم يتحدثون عن " بشارة " لموظفي القطاع العام، وبان الاجور الجديدة ستكون في اول نيسان المقبل، مع رفع بدل النقل الى 450 ألف ليرة...
الشباب المتألمون من هذا الواقع ومن هذه الارقام، يقولون ان من يدرس قيمة الاجور من المسؤولين يعيش في كوكب آخر، فرب العائلة يحتاج الى حوالى 600 دولار شهريا، ليؤمن حاجياته الاساسية بالحد الادنى، وليعيش بتقشف على مدار الشهر، فكيف الحال في شهر رمضان والاعياد، حيث تتضاعف المصاريف والنفقات؟ وكيف يستطيع المواطن تأمين لقمته اليومية؟ او هل نسي هؤلاء الذين يؤخرون اقرار الزيادة وصرفها ان الاعياد على الابواب، واطفالا لا يجدون ما يدخل الفرح الى قلوبهم؟...
مصادر طرابلسية تقول لو ان المسؤولين والنواب، يتجولون في باب التبانة وفي الاحياء الشعبية من القبة الى الزاهرية وباب الرمل والى الميناء وحارة التنك، لتلمسوا حقيقة الجوع والفقر والمعاناة التي تكتب فيها مجلدات من المآسي...
وتتساءل المصادر عن اصرار الشباب خوضهم مغامرات التهلكة بمراكب الموت، وفي كل مرة يضبطون وتعيدهم الدوريات الامنية، الا انهم يكررون المحاولة مرة ومرتين واكثر، وهم مدركون لمخاطر الهجرة عبر البحر، وما ينتظرهم في المجهول خلف البحار.
طرابلس والشمال، اكثر المناطق اللبنانية معاناة على مختلف الاصعدة، لا اجور كافية، وفرص عمل ضئيلة ومحدودة جدا، ومساحات البطالة تزداد اتساعا، واهل الشمال متروكون لقدرهم...
ومرافق عديدة مهملة مهمشة كالمعرض الدولي، او المنطقة الحرة في المرفأ ومطار القليعات والملعب الاولمبي، ومصانع اقفلت، فلو مارست الحكومات المتعاقبة سياسة الانماء المتوازن، لكانت هذه المرافق ابواب رزق لالوف الشباب والشابات، ولشهد الشمال نهضة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.
دموع الأسمر -"الديار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|