بالفيديو : بعد تواريه عن الأنظار لأشهر... دكتور فود يطّل على متابعيه من جديد
حديث مستجدّ عن ضرورة التمييز بين الودائع المشروعة وغير المشروعة
تقبع عربة الإصلاح المالي في أقبية المماحكات السياسية والنكايات المتبادلة بين أطراف السطة المختلفين على كل شيء إلا على ثقافة شراء الوقت الذي أدّى الى ضياع ودائع اللبنانيين وخسارة درّة الاقتصاد الوطني أي المصارف.
مطالبات عدة أتت من جهات مختلفة بضروة إسراع الدولة في إقرار ما يلزم من قوانين وتشريعات تؤمن حماية للودائع في المصارف من جهة، وتبقي على القطاع المصرفي "حيّاً يُرزق" ليقوم مستقبلاً بعد هيكلته وإصلاح الشوائب التي كشفها الانهيار المالي والنقدي، بإعادة الودائع بالتكافل والتضامن مع مصرف لبنان والدولة.
فالدخول الى الإصلاحات يقتضي أمرين الأول هو تطبيق ما هو موجود من قوانين مالية ومصرفية، والثاني الشروع في تعديلها إذا دعت الحاجة الى تطوير يراعي المستجدات والحالة الفريدة للانهيار المالي اللبناني. من هنا طرحت مشاريع قوانين عدة، سعى معدّوها الى بلورة واقع الودائع العالقة في المصارف وإعادة تصنيفها وفقاً لمصدرها وتاريخ إيداعها أو تحويلها الى العملات الأجنبية وتحديداً الدولار. وهنا ظهر مصطلح الودائع المؤهلة والودائع غير المؤهلة ولاحقاً الودائع المشروعة وغير المشروعة، واختلط حابل التصنيفات مع نابل التوصيفات السياسية، فسقطت الكثير من مشاريع القوانين قبل وصولها الى الهيئة العامة للمجلس النيابي لإجراء المقتضى.
وإن كان مصطلح الودائع المؤهلة وتلك غير المؤهلة أشبع درساً وأعدّت له مشاريع قوانين عدة، يجري التركيز حالياً على ضرورة سن قوانين للفصل أو التمييز بين الودائع المشروعة وغير المشروعة بهدف تقليص حجم الفجوة المالية في النظام المالي البالغة 73 مليار دولار.
بيد أن مصادر مالية تؤكد لـ"النهار" أن "لا لزوم لتشريعات جديدة في هذا الإطار. فقانون النقد والتسليف والقوانين السارية المفعول كافية وقادرة على تحقيق المبتغى بما يضمن سلامة المصارف وعودة الودائع كلياً أو جزئياً مع آجال طويلة أو متوسطة الى أصحابها دون السقوط في عشوائية تعدد القوانين والمرجعيات وتقاذف المسؤوليات التي تدمن عليها السلطة السياسية". وبرأي المصادر عينها فقد "أشبعت ودائع اللبنانيين درساً لتصنيفها بين ودائع مؤهلة تكونت قبل 17 تشرين 2019 وأخرى غير مؤهلة تكونت بعد هذا التاريخ بتحاويل وشيكات وغيرها من العمليات، من دون التوصل الى أي نتيجة".
ولكن الحديث عن ضرورة التفريق بين الودائع المشروعة وتلك غير المشروعة، انتقل من إطار النقاش الى تضمين مشاريع القوانين نصوص تسمح بإقرار تلك التفرقة. وبغض النظر عن مدى احترام تلك النصوص القانونية للنظام القانوني اللبناني، وكذلك عن فذلكات تلك القوانين والأحاديث المتصلة بها، يبقى السؤال القانوني هو: هل فعلاً نحتاج إلى قوانين ترمي الى إقرار التفرقة بين الحسابات المصرفية وتوصيفها بين مشروع وغير مشروع؟
والمعلوم أن لجنة حماية حقوق المودعين في نقابة المحامين في بيروت، كانت قد أعدت اقتراح قانون معجل مكرر عرفت فيه الوديعة غير المشروعة على أنها تلك المتأتية من أعمال محظورة بموجب القوانين والأنظمة، ولا سيما تلك التي تكوّنت جزئياً أو بكاملها من أموال غير مشروعة ناتجة عن ارتكاب أو محاولة ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 44 تاريخ 24/11/2015 (تبييض الأموال). أما الوديعة أو العملية المشروعة فهي تلك التي لم تتجاوز مبالغ معيّنة وفق الحالات (250 ألف دولار، أو 500 مليون ليرة للحساب الواحد أو العملية الواحدة، و750 ألف دولار أو مليار ليرة لبنانية للحساب المجمع مع الأزواج و/أو الأولاد القاصرين و/أو الحسابات العائدة لهم كصاحب حقّ اقتصادي). ووضع الاقتراح آليات للتثبت من وضعية الوديعة مما إن كانت مشروعة أو غير المشروعة، ومنها أن يتقدم المصرف بتصريح يرفق به مستندات تثبت مشروعية ومصدر الودائع خلال مهلة ثلاثة أشهر تحت طائلة الملاحقة والمساءلة، على أن تحال هذه التصاريح إلى لجنة الرقابة على المصارف التي بدورها تبدي بالتعاون والتنسيق مع لجنة التحقيق الخاصة رأيها في مشروعية الوديعة ويترك قرار البت النهائي للقضاء.
المحامي الدكتور باسكال فؤاد ضاهر لا يرى أن لبنان في حاجة إلى إقرار قوانين جديدة ترمي الى تمويه الارتكابات، بل الى "تطبيق القوانين الموجودة"، معتبراً أن "الطروحات المتوافرة راهناً تتجه الى هدف واحد وهو هضم الحقوق"، مؤكداً أن "النظام القانوني في الجمهورية اللبنانية يتضمّن أصلاً ما يفرّق بين الأموال المشروعة وتلك غير المشروعة، بدليل أن القانون الرقم 318 الصادر منذ تاريخ 20/04/2001 المعروف بقانون مكافحة تبييض الأموال قد أنشأ لدى مصرف لبنان هيئة مستقلة، ذات طابع قضائي، تتمتع بالشخصية المعنوية، غير خاضعة في ممارسة أعمالها لسلطة المصرف، ومهمتها التحقيق في عمليات تبييض الأموال والسهر على التقيّد بالأصول وبالإجراءات وقد سُمّيت "هيئة التحقيق الخاصة" ولها الحق برفع السرية المصرفية ولا يُعتد أمامها بها".
وقد ورد في الأسباب الموجبة لهذا القانون ما حرفيته: "لقد وُضع مشروع قانون مكافحة تبييض الأموال وإنشاء "هيئة التحقيق الخاصة"، بعد اتصالات متعددة مع المراجع المالية الدولية المعنية، وبعد الاستئناس بما اعتُمد من تدابير من دول أخرى لديها أوضاع مشابهة". ووفق ضاهر فقد "حدد هذا النص الأموال غير المشروعة بأنها الأموال كافة الناتجة من ارتكاب إحدى الجرائم الآتية: زراعة المخدرات أو تصنيعها أو الاتجار بها، أو جرائم الإرهاب أو تمويل أو المساهمة بتمويله، أو الاتجار غير المشروع بالأسلحة، أو تلك الناتجة عن جرائم السرقة أو اختلاس الأموال العامة أو الخاصة أو الاستيلاء عليها بأي وسيلة أخرى. كما تشمل تزوير العملة وبطاقات الائتمان والدفع والإيفاء أو الأسناد العامة أو الأسناد التجارية بما فيها الشيكات".
أما تبييض الاموال فهو كل فعل يُقصد منه: "إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة أو إعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر بأي وسيلة كانت، أو تحويل الأموال أو استبدالها مع علم الفاعلين بأنها أموال غير مشروعة لغرض إخفاء أو تمويه مصدرها أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الإفلات من المسؤولية، إضافة الى تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة أو للقيام بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة". وأناط النص القانوني مهمة التحقيق وضبط الأموال غير المشروعة بهيئة التحقيق الخاصة التي تبقى مسؤولة أمام القانون والمشرع عن أعمالها.
ومن هنا، يعتبر ضاهر أن "المنظومة التشريعية اللبنانية، بخلاف ما يشاع، تحوز القوانين والهيئات الكاملة للتحقق من مصدر كل قرش داخل النظام اللبناني ولا سيما أن هذه الهيئة تملك الصفة القضائية، وتتألف من حاكم مصرف لبنان رئيساً، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف، والقاضي المعيّن في الهيئة المصرفية العليا، إضافة الى عضو أصيل وآخر رديف يعيّنهما مجلس الوزراء بناءً على إنهاء حاكم مصرف لبنان. علماً بأن هيئة التحقيق الخاصة مكتملة الأعضاء، وتالياً لا شيء يحول دون قيامها بالمهام المناطة بها تحت رقابة القضاء والتقصي عن الأموال غير المشروعة وضبطها".
من هنا يعتبر ضاهر أن "أي حديث عن حاجتنا لإقرار قوانين بعد 5 سنوات من عمر الأزمة المفتعلة هو غير قانوني، ويرمي الى ترك الأمور على حالها بحجة انتفاء النص، وهذا خطأ فادح برأيه لسبب بسيط جداً وهو أن "القوانين كافة أقرت منذ زمن طويل، فيما المطلوب فقط الالتزام بتطبيقها. أما المراوحة فتسيء أكثر الى النظام المصرفي المالي والاقتصادي في لبنان وتعزز إبقاء هيئات الرقابة في الدول الأجنبية عينها على كل تدفق من المصارف اللبنانية".
"النهار"- سلوى بعلبكي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|