الصحافة

تغييرات فرنسية في بيروت؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم تصدر أية إشارات عميقة تؤدي إلى فهم ما خفيَ من زيارة رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية إلى العاصمة الفرنسية باريس مطلع الشهر الجاري، وما تمّت مناقشته هناك مع المسؤولين الفرنسيين، ومن أي وزن كانوا، وهل تلقى فرنجية رسالة (أو رسائل ما) تخصّه أو تخصّ حلفائه، أم أن الوضع اقتصر على تبادل وجهات النظر حول تطورات الملف اللبناني بوصف فرنجية صاحب أذن مسموعة في الإليزية؟

بصرف النظر عما تمّ بحثه خلال الزيارة، ثمة مسألة أساسية اتصلت بزيارة أميركية مهمة سبقت زيارة فرنجية، قام بها وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن. حضر الوزير الأميركي إلى العاصمة الفرنسية، وعلى جدول أعماله بحث ملفات عدة من بينها شؤوناً لبنانية. وإن كانت زيارتي فرنجية وبلينكن غير مرتبطتين حكماً، لكن باريس سارعت فور انتهاء زيارة بلينكن، إلى إعادة تنشيط محركاتها لبنانياً بشكلٍ مختلف اتّسم على الأغلب بالهدوء البعيد عن الضوضاء. ويتردّد أن باريس في صدد إجراء "حركة استطلاع" تشمل مستويات لبنانية حينما تفرغ من النشاط ضمن الخماسية الدولية.

ووفق المعلومات، فقد تخلّل زيارة بلينكن إلى باريس التوصل إلى تفاهمات مشتركة بين الدولتين حول كيفية إدارة الملف اللبناني وآلية التنسيق بينهما، ما شكل تجاوزاً للتباينات التي سادت موقف كلٍ منهما وكادت أن تؤدي إلى اشتباك ديبلوماسي فوق الأرض اللبنانية. وكان من بين الأسباب التي أملت "تسوية الأوراق" بين الحلفين الأميركي والفرنسي، ما اتصل بانزعاج فرنسي واضح من أداء السفيرة الأميركية الجديدة في بيروت ليزا جونسون. وفهم أن مردّ الإنزعاج الفرنسي، ما سُرِّب عن لسان جونسون، كذلك ملاحظة أكثر من فريق لبناني أن السفيرة الجديدة تحاول إدخال "ذهنية تعامل جديدة مختلفة" في ما خصّ رئاسة الجمهورية.

من الواضح أن الأداء الفرنسي في لبنان تغيّر، واختلفَ كثيراً عن الأسلوب الذي كان معتمداً في السابق، تحديداً إبان الحكومة الفرنسية التي تم تغييرها قبل أسابيع قليلة، وهو ما لمسه المتحدثون الدائمون مع الفرنسيين. ويتردّد في بيروت أن باريس ذهبت صوب تبنّي مقاربة أخرى. ويندرج هذا الإطار من ضمن التغييرات التي أدخلتها باريس حيال نظرتها الخارجية بشكل عام. وقد فُهم من جانب متواصلين دائمين مع الديبلوماسية الفرنسية، أن الأخيرة آخذة في تبدل دائم حيال موقفها من مجمل القضايا اللبنانية. وبالنسبة لملف رئاسة الجمهورية فُهم أن موقف باريس لم يعد محصوراً في إبداء الإهتمام برجلٍ واحد، إنما باتت تعمل من ضمن "دائرة واسعة"، وأصبحت أقرب إلى سياق تقديم طروحات تضم أكثر من شخصية. وقد فُهم أيضاً أن باريس تحاول استنساخ "النموذج القطري" في مقاربة ملف الرئاسة من خلال البحث من ضمن "سلة".

لكن عملياً، لا يمكن فصل التغييرات الجارية حيال المقاربة السياسية عن تلك الأمنية، حيث كان للتغييرات الفرنسية ضمن هذا الجانب تأثير كبير على الأداء والتقدير المتصل بالملف اللبناني، وقد ظهرَ هذا النموذج منذ تغيير مدير المخابرات الخارجية الفرنسية DGSE (التي تتولى عادة الملف اللبناني) برنار إيميه. ويبدو واضحاً أن التبدلات الفرنسية لن تبقى محصورةً في باريس، إنما ستشمل بيروت في القريب العاجل، مع تردّد أنباء عن تغييرات فرنسية على فريقها الأمني في بيروت. ويحكى أن مسؤولاً رفيعاً في السفارة الفرنسية طلب تغييره أو مرشح لأن يكون من ضمن أي تغيير فرنسي أمني مرتقب في لبنان. ويمكن تصنيف هذه التغييرات على كونها إزاحة لشخصيات من العهد القديم واستبدالها بأخرى جديدة، مع الأخذ في الإعتبار ما قد يؤدي إليه أي تغيير على هذا المستوى.

ويجدر الإلتفات في هذا الصدد، إلى أن التغييرات الفرنسية الأخيرة بشكل عام، بدأت مع اختلاف المقاربة التي قدّمتها المخابرات الخارجية الفرنسية للملف اللبناني، وقد شكلت "إزاحته" بالنسبة لباريس عامل راحة، ما مكّن مثلاً الرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون في ما بعد، إجراء "إصلاحات" على نظرة باريس إلى السياسة الخارجية، لا سيما في المسألة اللبنانية، كان من بينها تعيين وزير الخارجية الجديد ستيفان سيغورنيه، وكان التعبير الجدي عن عقد اتفاق فرنسي داخلي قضى في أن يكون الثقل في متابعة الملفات الخارجية عائداً إلى رئاسة الجمهورية، حيث تصبح الأخيرة مقرّرة رئيسية، ويصبح دور الوزير محدوداً.

هذه التغييرات كان لا بدّ أن تطال الملف اللبناني كواحد من الملفات التي تميّزها فرنسا خارجياً، ما انعكسَ مثلاً على أداء الديبلوماسية الفرنسية في بيروت، حيث راحت تعبّر عن "حرية أكبر" في مقاربة الملف اللبناني مقارنة بالفترة الماضية.


"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا