الصحافة

"الخماسية" لا تفصل بين الرئاسة والحدود...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يزداد الارتباط بين حرب غزة ولبنان، ليس من باب معركة المساندة التي يخوضها "حزب الله" منذ 8 تشرين الأول 2023، بل أيضاً في ما يتعلق بالاستحقاقات اللبنانية التي يأتي في مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تتولى إعادة البناء ومعالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية.

كان لافتاً البيان الصادر عن اجتماع سفراء الخماسية في لبنان، الذي شدد على أن انتخاب الرئيس ضروري لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق ديبلوماسي مستقبلي بشأن حدوده الجنوبية، إذ إنه يربط بوضوح بين الانتخاب والمفاوضات المقبلة التي يبدو أنها لن تنطلق قبل تبيان صورة الوضع في غزة على ما تثبته المواجهات الميدانية المشتعلة على الحدود بين "حزب الله" وإسرائيل.

يدرك سفراء الخماسية الذين تحدثوا في بيانهم عن مهلة الشهر لانتخاب الرئيس، أن الربط بين غزة ولبنان بات قائماً واقعياً، وإن كانت اللجنة تحاول الفصل بين الملفين. لكن ما يجري على الحدود من تصعيد، إن كان من جهة الاحتلال الذي يستهدف بالتدمير القرى اللبنانية أو رفض "حزب الله" البحث في القرار 1701 قبل وقف إطلاق النار في غزة يؤكد أن إنجاز الاستحقاقات اللبنانية تلزمه رافعة إقليمية ودولية أو صفقة تشمل المنطقة وبينها إنهاء حرب غزة.

إنضاج حل للملفات اللبنانية العالقة لا يقتصر على موقف سفراء الخماسية، وإن كان أشار الى بنود اجتماع الدوحة لممثلي دولهم في ما يتعلق باتخاذ إجراءات ضد المعرقلين لإنجاز الاستحقاق، لكن في ما تواجهه الجهود الدولية ووساطاتها من استعصاءات، فهي لم تتمكن من تثبيت التهدئة على جبهة الجنوب ولا فصلها عن غزة، كمقدمة لإطلاق التفاوض من أجل التوصّل إلى تسوية لترسيم الحدود. ولذا يعتبر مصدر ديبلوماسي أن بيان سفراء الخماسية لا يشكل رافعة فعلية أو عامل ضغط لإنجاز الاستحقاقات، وهو تحفيزي في الوقت الفاصل عن تطورات غزة، في انتظار ما سيتقرر بين الأميركيين والإيرانيين على مستوى المنطقة.

وفي ظل الاستعصاءات والشروط التي تنتصب أمام إنهاء حرب غزة والتسوية في لبنان، لا مؤشرات ملموسة على إمكان إنجاز انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً في ظل التصعيد الميداني القائم جنوباً واستمرار التهديدات الإسرائيلية بشن حرب على لبنان. ويشكل غياب المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين عن متابعة مهمته بين لبنان وإسرائيل عامل قلق من وصول الوساطة إلى طريق مسدود، وذلك على الرغم من تأكيد واشنطن على لسان أكثر من مسؤول أنها تضغط على إسرائيل لعدم شن حرب شاملة في لبنان. ويشير المصدر الديبلوماسي في هذا الصدد، إلى أن عودة هوكشتاين مؤجلة وإن كان يتابع اتصالاته من العاصمة الاميركية، لكنه بات مقتنعاً بأن تسجيل تقدم على جبهة الجنوب يحتاج إلى تحقيق إنجاز بوقف النار في غزة.

وعلى الرغم من الحديث الذي تنقله مصادر فرنسية عن إمكان عودة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، فإن الأمر غير محسوم ما لم يتحقق تقدم في الاتصالات على جبهة الجنوب، إذ إن لودريان سيتطرق هذه المرة إلى أكثر من ملف، وقد يجمع بين الرئاسة والجنوب انطلاقاً من الورقة الفرنسية التي رد عليها لبنان رافضاً قسماً كبيراً من بنودها.
النقطة الأساسية التي تتوقف عندها كل المبادرات الدولية، هي رفض "حزب الله" فك الارتباط بين غزة وجبهة الجنوب. ويتبين من موقف "حزب الله" أنه يربط في شكل وثيق بين انتخابات الرئاسة وملف الحدود، ولذا هو يتشدد رئاسياً بالإصرار على رئيس لا يطعن ظهر المقاومة، ويستمر بإسناد غزة، لا بل إنه وسّع من نطاق عملياته تحت عنوان معادلة الردع رهاناً على أن إسرائيل لا يمكنها مع أزماتها الداخلية أن تستفرد بلبنان. وعليه يقطع "حزب الله" الطريق أمام أي تسوية لتطبيق القرار الدولي 1701 ويربط أي تفاوض بوقف إطلاق النار في غزة.

تعامل "حزب الله" أيضاً بعدم اكتراث مع مهمة اللجنة الخماسية، فهو يعتبر أنه حقق إنجازات في معركة إسناد غزة، وبات مقرراً في الحرب والتسويات. وعلى هذا ستبقى الملفات اللبنانية معلقة، في وقت يراهن فيه الحزب على تغييرات يعتبرها تصب في صالح محور المقاومة، ولذا استعجل أمينه العام السيد حسن نصرالله إعلان الانتصار، من دون تقدير لما يمكن أن تكون عليه الحال إذا اشتعلت الحرب بلا حسابات وسقوف.

لكن بين إعلان النصر والوقائع في الميدان مسافة شاسعة، خصوصاً إذا انزلقت الأوضاع إلى حرب شاملة، لا يستطيع لبنان تحمّل نتائجها. ومع التصعيد الجديد للحزب جنوباً واحتمال الحرب الإسرائيلية، ينطلق رهان الحزب على نضوج صفقة إيرانية - أميركية تشمل لبنان بعد انتهاء حرب غزة. وهذا الرهان يؤجل الحل في لبنان ويعلقه في المجهول.

 "النهار"- ابراهيم حيدر

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا