"التغييريون" ومحور الممانعة!
صحيحٌ أن المكونات المختلفة للمعارضة اللبنانيّة لم تنجح حتى اللحظة في زيادة عدد الأصوات المرتقبة لمرشحها الحالي رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوّض نتيجة الموقف العدائي غير المبرر لنواب «كتلة التغيير»؛ ولكن الصحيح أيضاً أن هذه القوى تقدمت بمرشح محدد وها هي تخوض معركته.
أما الفريق الآخر الذي يضم بقايا الثامن من آذار وتيّار العهد الآيل إلى الأفول وعدد من النواب الآخرين الذين يدورون في فلك «محور الممانعة»، فهو لم يتقدّم قيد أنملة في طروحاته أو ترشيحاته. ورغم أن التصويت بورقة بيضاء هو حق دستوري غير قابل للنقاش، إنما ليس هناك من إمكانيّة حقيقيّة إلى «تقريشه» في السياسة وتحديداً في جلسات إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة.
والسؤال المطروح على القوى «المترددة» على ضفتي الانقسام اللبناني، سواءً من «قوى التغيير» أم من قوى الثامن من آذار: ماذا ينتظرون؟ وإذا كانت أحزاب وتيّارات الممانعة معتادة على التعطيل وشل المؤسسات كسلوك بديهي بالنسبة لحساباتها ومصالحها، فلماذا تسمح كتلة «نواب التغيير» لنفسها أن تتقاطع معها في ذلك من خلال إصرارها على رفض مرشح المعارضة وإطلاق التهم المغرضة بحقه؟
وعلى ماذا تراهن هذه القوى وتلك إذا ما دخلت البلاد في حقبة طويلة من الشغور الرئاسي مع كل ما ينطوي عليه من إنهيارات إضافيّة في مختلف المجالات الإقتصاديّة والإجتماعيّة والمعيشيّة؟ عمليّاً، سوف تبقى موازين القوى داخل المجلس النيابي على حالها، إلا إذا كان التعويل على تطورات خارجيّة ترخي بثقلها على الواقع المحلي وتؤدي إلى فرض تسوية رئاسيّة، إنما بعد «خراب البصرة»!
سياسة «النفس الطويل» من التعطيل والاستنكاف عن توفير النصاب لانتخاب الرئيس الجديد التي مورست بعد إنتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في العام 2014، وصولاً إلى شهر تشرين الأول من العام 2016، ستكون أكلافها باهظة هذه المرة لا سيّما إذا ذهب تيار العهد بعبثيته المعروفة إلى إفتعال أزمة سياسيّة ودستوريّة (يفترض ألا تكون موجودة)، في حال عدم تأليف حكومة جديدة (التي يعيق تأليفها التيّار ذاته بالمناسبة) وهذا سيعني المزيد من المعاناة للبنانيين في الآتي من الأيّام.
إذا كان «تهريب» إنتخاب الرئيس بتوفير 65 صوتاً (لا يبدو تأمينها سهلاً على الإطلاق بسبب تعنت «التغييريين») غير متاح بسبب طبيعة البلاد وتركيبتها، وإذا كان من الصعب توفير مناخ من التفاهم نتيجة الحسابات المصلحيّة لتيّار العهد الذي قد يراهن على متغيّرات ما تجعله أحد أقوى «صانعي» الرؤساء، ونتيجة تريث محور الممانعة عن الضغط في إتجاه بناء هكذا تفاهم بسبب حساباته وأجنداته الخارجيّة؛ فأغلب الظن أن الشغور الرئاسي سيكون سيّد الموقف في الأشهر المقبلة.
لو أن كتلة «نواب التغيير» وبعض النواب المستقلين بادروا إلى ملاقاة قوى المعارضة إلى منتصف الطريق وذهبوا إلى جلسات إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة بمرشح موحد، لأصبحت إمكانيّات التفاوض والتفاهم على تسوية معقولة أكثر قابليّة للتحقق. ولكن من الواضح أن المقاربات «الأفلاطونيّة» للبعض من هؤلاء ستصب في خدمة أهداف محور الممانعة، عن قصد أو غير قصد، في الفشل بالالتزام بالمهل الدستوريّة.
لقد كرّست قوى الممانعة مع حليفها «التيار الوطني الحر» العديد من الأعراف السياسيّة الجديدة وفي طليعتها الدوس على الدستور والقوانين والمهل والأصول، وهو ما سيتكرر ما لم تحصل أعجوبة سياسيّة ما تهبط من مكان ما.
ليس هناك ما يبرّر على الإطلاق تجاوز المهلة الدستوريّة لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. يكفي عبثيّة وتعطيلاً وتخريباً. اللبنانيون سئموا وتعبوا من النكد السياسي!
رامي الريس - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|