العدالة القضائية لمحاسبة مجرمي الحرب "الفارين" إلى لبنان...الحزب لا يحمل تبعاتهم
اتركوا الطائرات والمؤتمرات... نحتاج لأطباء يتشاجرون مع رجال المال والاقتصاد والسياسة...
بأزمات اقتصادية أو من دونها، هناك مسؤوليات كبيرة تقع على عاتق القطاعات والسلطات الصحية في كل بلدان العالم، وعلى المنظمات والمؤسّسات التي تُعنى بالشؤون الصحية أينما كان.
غرفة تعذيب
فالعامل المشترك بين كل البشر حول العالم، هو كره دخول المستشفيات، والعيادات الطبية. وهذه مشكلة لا ترتبط بصعوبة الأوضاع المعيشية والاقتصادية فقط، بل بتقصير عالمي متراكم حوّل الطبيب والعيادة والمستشفى والصحة الى ما يُشبه العدو والعقوبة في حياة الناس اليومية، في ما لو اضطّروا لرعاية معيّنة.
صحيح أن كره المستشفيات والطبابة قد يكون طبيعياً من حيث تمسّك كل إنسان بغريزة الحياة، وشعوره باضمحلالها أو فقدانها ربما، لمجرّد التفكير بمستشفى. ولكن هناك مسؤولية تقع على عاتق السلطات الصحية في كل مكان، وهي ضرورة العمل على تغيير النظرة التقليدية تجاه الصحة والقطاع الصحي، ومساعدة الإنسان على التفكير بأن الطبيب ليس عدوّاً، وعلى أن المستشفى ليست غرفة تعذيب، وعلى أن العيادة ليست حلبة مصارعة.
"صداقة"
فالتفكير التقليدي السابق ذكره ليس صدفة، إذ إنه نتيجة للكثير من الممارسات التي تحصل في القطاع الصحي، سواء من قِبَل أطباء أو ممرّضين أو صيادلة أو مستشفيات...
فماذا يتوجّب على السلطات الصحية في كل بلدان العالم أن تفعل؟ وأين دور منظمة الصحة العالمية على هذا الصعيد؟
مسألة أخرى أيضاً قادرة على أن تساهم بنوع من "الصداقة" بين الطرفَيْن، وهي شعور الإنسان بأن العاملين في المجالات الصحية يهتمّون بصحته فعلاً، وليس بالأرباح فقط.
أرباح اقتصادية
فعلى سبيل المثال، هناك الكثير من الدراسات التي تطالعنا يومياً عن طُرُق تساعد على حماية الصحة وتجنّب الأمراض، مثل ضرورة تأمين ساعات كافية من النوم، بالإضافة الى التعرّض للشمس، والاهتمام بتغذية سليمة، وممارسة الرياضة... مع تعداد لأطعمة صحية هي مُكلِفَة جدّاً في الواقع، فيما لا يمكن لصاحب الدخل المحدود أن يشتريها. هذا فضلاً عن استحالة تأمين الوقت اللازم من ساعات النوم، والتعرّض للشمس، وممارسة الرياضة... لمن تجبره الأزمات على العمل لساعات طويلة.
وهنا لا بدّ للقيّمين على القطاعات والسلطات الصحية في كل مكان من أن يتحدّثوا الى السلطات السياسية والاقتصادية في دولهم، وأن يقودوا رأياً عاماً ضاغطاً لإجبار الدول على القبول بأرباح اقتصادية أقلّ، وذلك مقابل التركيز على صحة الإنسان وحمايته من الأمراض، لا سيّما أن كل الدول تتذمّر من فواتير شعوبها الصحيّة، فيما يلهث معظمها لتطبيق ممارسات تسرّع في إنهاء حياة شرائح من الناس، تقليصاً لتكاليف تُعتبَر خسائر.
أزمات
أوضح النائب السابق الدكتور عاصم عراجي أن "المشكلة متعدّدة الأسباب. وإذا تحدّثنا عن الشرق الأوسط، وعن لبنان تحديداً، نقول إن قطاعه الصحي انهار بعد عام 2019 بسبب الأزمة الاقتصادية. فقبل 5 سنوات، كان اللبناني يُجري فحوصاته الطبية الدورية، بين الحين والآخر، أكثر من اليوم. وبالتالي، كان الوضع مقبولاً الى حدّ ما في ذلك الوقت".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "هذا الوضع تراجع كثيراً الآن بسبب الظروف الاقتصادية في لبنان. ولكن حتى بدول أخرى في أوروبا وكندا مثلاً، هناك الكثير من التأخير في إعطاء المواعيد للمرضى من أجل إجراء الفحوصات، نظراً للموازنات الصحية القليلة حالياً. وحتى في بريطانيا مثلاً، قد يُضطر المريض للانتظار في الطوارىء فترة طويلة قبل أن يحين دوره، إذ أُصيبت القطاعات الصحية بالأعباء التي ألمّت بمعظم موازنات دول العالم".
تقصير
وشرح عراجي أن "هناك زيادة كبيرة في عدد السكان أيضاً، لا سيّما في بلدان العالم الثالث، وبشكل غير موازٍ لنِسَب الموازنات الصحية فيها. وهذا يؤدي الى تقاعص الكثير من الناس عن القيام بالفحوصات الدورية، نظراً للوضع الاقتصادي الصّعب".
وأضاف:"يبقى الأهمّ بالنّسبة إلينا هو الطب الوقائي، الذي يوازي الطب العلاجي وأكثر. ومن واجب السلطات الصحية توعية الناس على الوقاية، وعلى إجراء كافة أنواع الفحوصات الضرورية، خصوصاً بعد عُمْر معيّن. فالسلطات الصحية في معظم دول العالم صارت مُقصِّرَة أيضاً، وهذه مشكلة بالفعل".
كلفة كبيرة
ولفت عراجي الى أن "في لبنان، قد يفضّل الإنسان عدم الاقتراب من أي شيء صحي، لأنه إذا قام بفحص عام وتبيّن من خلاله الحاجة الى تدخّل طبي، فقد لا تكون لديه القدرة على تحمّل الكلفة الكبيرة".
وتابع:"التقصير موجود بالطبع في السياسات الصحية، بشكل كبير جداً، وذلك الى جانب الفوضى، وعدم تنظيم استيراد الدواء كما يجب، بسبب الوضع الاقتصادي المُنهار. فالأحوال لم تَكُن هكذا قبل عام 2019".
استثمار
وردّاً على سؤال حول ضرورة أن تبذل السلطات الصحية في كل مكان مجهوداً بالحديث مع السلطات السياسية والاقتصادية، من أجل الاهتمام بصحة الناس حتى ولو كان ثمن ذلك انخفاض الأرباح الاقتصادية، أجاب عراجي:"المشكلة في هذا الإطار هي في أن الصحة نفسها تحوّلت الى تجارة واستثمار مع الأسف، خصوصاً في الدول التي تفتقر الى أي نوع من التنظيم والانتظام".
وختم:"يحقّ لهم أن يقولوا إنها استثمار، من حيث السعي الى توفير أكبر عدد ممكن من فرص العمل في القطاعات الصحية، وليس من أجل البحث عن الأرباح والمبالغ الطائلة. ولكن التجارة طغَت على الأمور الإنسانية والأخلاقية، الى درجة أن بعض شركات الدواء تفكر بزيادة أرباحها لا أكثر، فيما تغيّر مفهوم الإنسانية كثيراً حول العالم. فأخلاق الدول والشعوب تغيّرت، وبات الإنسان سلعة، وفُقِدَت الضوابط بحثاً عن المال سواء بطُرُق شرعية وقانونية، أو لا".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|