الصحافة

صيفنا ليس أرقاماً وأرباحاً ولا سياحة بل موسم حياة يحقّ لملايين الناس بها...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قد تكون آخر المستجدات الأمنية والعسكرية والسياسية التي شهدها لبنان والمنطقة، أطاحت بالكثير من الآمال السياحية في عزّ الموسم، وباكراً جدّاً، نظراً الى أننا لا نزال في القسم الأول تقريباً من فصل الصيف.
ولكن رغم تلك الخسائر، إلا أن الحرص على صيف لبنان يجب أن يتجاوز السياحة. وهناك ضرورة لإخراجه من تلك الدائرة "التبسيطية" التي حُصِرَ فيها بشكل مقصود، منذ انهيار عام 2019.

آلاف الأشخاص
فالصيف ليس أرقاماً وأرباحاً، بل هو موسم يلتقي فيه مئات وآلاف الذين يعملون في الخارج مع ذويهم أيضاً.
هناك آلاف اللبنانيين الذين يعملون في الخارج، والذين زاد عددهم بعد انهيار عام 2019، وهم يتركون آلاف الأشخاص من آباء وأمهات وكبار السنّ... ومن زوجات وأزواج وأبناء وبنات... خلفهم، فيما نسبة كبيرة منهم عاجزة عن العودة لرؤية من انفصلت عنهم بحُكم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، بشكل دائم.
طبعاً، يمكن لبعض اللبنانيين الذين يعملون في بلدان معيّنة، وبمناصب معيّنة، أن يزوروا لبنان لمرّات عدة خلال عام واحد، وهو ما يُتيح لهم فرصة رؤية أولادهم... بشكل أكثر استقراراً من أولئك الذين لا يمكنهم القدوم الى لبنان سوى لمرة واحدة خلال السنة الواحدة، ولمدّة زمنية قد لا تتجاوز الأيام العشرة ربما.
فيما هناك نسبة لا بأس بها من اللبنانيين العاجزين عن زيارة لبنان سوى لمرة واحدة فقط خلال عامَيْن أو ثلاثة أعوام في بعض الحالات، ولمدّة زمنية قد تصل الى شهر ونصف بالأكثر، وذلك رغم طول مدة غيابهم عن البلد، وعجزهم عن القدوم بشكل سنوي.

التضخّم العالمي
هؤلاء فقدوا فرصة الاستمتاع بمعاينة أولادهم يكبرون أمام أعينهم بشكل ملموس، وذلك بعدما أجبرتهم أزمات بلادنا الكثيرة على الانفصال عنهم.
كما أن بعضاً منهم فقدوا نسبة من الأحباء، ومن دون أن يكون لديهم الحقّ بوداعهم في شكل مباشر، بسبب أزمات بلادنا الكثيرة التي صعّبت إمكانيات العودة السنوية الى البلد لكثير من الناس، حتى في الظروف الطارئة.
وإذا أضفنا أزمات التضخّم العالمي، والتآكل المعيشي الذي أحدثته في وسائل العيش، والصعوبات الكبيرة التي ألقتها على محدودي الحال في ما لو أرادوا السفر لتفقُّد عائلاتهم بشكل سنوي، نفهم أسباب استحالة عودة بعض الناس الى البلد سنوياً، واضطرارهم الانتظار مدّة عامَيْن أو ثلاثة، للتمكّن من ذلك.
هؤلاء كلّهم وعائلاتهم وأولادهم... ليسوا أرقاماً. ولا صيفنا موسم أرقام، وضجيج، وحفلات أو مهرجانات... فقط، وبأي ثمن.

أكثر من الأرقام...
مظاهر الحياة جميلة طبعاً، ومشروعة، ولا ننكر ذلك. ولكن صيفنا هو موسم حياة، والحياة ليست أرباحاً وأرقاماً، بل هي بشر من لحم ودم. ولا بدّ من الاهتمام ولو قليلاً بمن كان يودّ القدوم الى البلد خلال الصيف الحالي، أو بمن أتى ليزوره بالفعل بعد غياب ثلاث سنوات مثلاً، ليجد نفسه مضطّراً لاختصار زيارته... وذلك خوفاً من أي تطوّر أمني يمنعه من العودة الى عمله وقوته اليومي، في الخارج.
هذا مع العلم أن زيارة البلد وسط ظروف أمنية مماثلة، يجعل العودة غير مُمتِعَة أبداً، وشبيهة بدخول مستشفى ربما، أي التواجد في مكان ليس سجناً، ولكنّه غير مُريح أبداً.
هؤلاء كلّهم ليسوا أرقاماً. هؤلاء نبض حياة نُغِّصَت عليها الأيام في بلدها، وحرمتها الظروف حقّها بصيف هادىء الى جانب عائلاتها، وذلك بمعزل عن مواسم سياحية، وخسائر أو أرباح...
وليست مبالغة إذا قُلنا إن لهؤلاء، ولعائلاتهم وأولادهم، الحقّ بلبنان آمن وبعيد من الحروب. ولهؤلاء كلّهم أولوية تأمين الهدوء في البلد، وليس للأرقام والأرباح.

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا