الصحافة

في مغزى تكريم بو صعب شمالا: بين الخلفية والتوقيت

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ليست مفارقة أن تحمل زيارة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب لبلدة عكار جانبا من القراءات التحليلية، على الرغم من إمكان وضعها في إطارها الإنمائي - المناطقي الحيوي.

لكن عناوين هذه الزيارة أخذت حيزا واسعا، ولاسيما أنها تناولت محاور مهمة مثل المطلب الملح حول إعادة تفعيل مطار القليعات الذي يبقى همّا شماليا بامتياز.

ومن هذا العنوان الإنمائي الكبير، تأخذ زيارة بوصعب طابعا سياسيا، إلى جانب لفتة التكريم التي تلقّاها في منزل رئيس لجنة الأشغال العامة النائب سجيع عطيه.

ليس التكريم عابرا في شكله ومضمونه، بل يأتي في لحظة سياسية حاسمة بالنسبة إلى بو صعب أولا.
فالأخير بات يغرّد خارح سرب "التيار الوطني الحر"، أو بالأحرى خارج "تكتل لبنان القوي". هذا التغريد الذي مرّ عليه نحو خمسة أشهر، ساهم أكثر في بروز حركة بوصعب السياسية و"الاستقلالية".

باتت كل حركة تحسب عليه، أو تبرز أكثر في مدلولاتها السياسية.
"ليس غريبا أن يكون ابن المتن راعيا أساسيا أو داعما لمطالب شمالية إنمائية".

بهذه المعادلة، يقرأ البعض جولة بو صعب في عكار. فقد راعى فيها أبرز المقامات الدينية، من مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا إلى مطران عكار وتوابعها للروم الأرثوذكس باسيليوس منصور، وختمها بلفتة تكريمية أتت من عطيه.

بين الخلفية والتوقيت
من المعلوم أن لعطيه دورا بارزا على صعيد الشمال، في ما يختص بالشؤون الإنمائية وكل #مشاريع البنى التحتية، وهو لا يزال منذ أشهر، يواظب على متابعة هذه الملفات مع كل القنوات النيابية والوزارية الضرورية، انطلاقا من موقعه رئيسا للجنة الأشغال.

فتراه يجول مع وزير الأشغال علي حميه من أجل شبكة الطرق والأوتوسترادات الحيوية، ومع بو صعب لاستكمال تنفيذ بعض المشاريع. وبين كل هذه الجولات، يبقى القاسم المشترك عنده "المطلب القديم - الجديد": إعادة "إقلاع" مطار القليعات.

ويمكن إدراج التكريم الذي أقامه على شرف بو صعب في هذا "الإطار المناطقي - الإنمائي". إذ تكاد لا تتوقف دارة عطيه في عكار عن استقبال العديد من الشخصيات الوزارية والنيابية التي لها طول باع في مجلسي النواب والوزراء، ويمكن بالتالي أن تشكل الداعم الأساسي لأي مشروع أو اقتراح قد يراد له أن يبصر النور قريبا، إذ إن تأمين القاعدة المناسبة لإقراره يعتبر "نصف العدّة" المطلوبة للنجاح.

هذا في خلفية التكريم. أما في التوقيت، فلا يمكن أن تنفصل "الحركة السياسية - الإنمائية" لبو صعب، مع ما رافقها من تغطية إعلامية مباشرة، عن كل ما يجري داخليا في قلب "تكتل لبنان القوي". إذ كان بو صعب الأول الذي افتتح سلسلة قرارات الفصل من التكتل. يومها، عزي السبب الأساسي إلى أن "حركته أوسع بكثير من مظلة رئيس الحزب جبران باسيل"، بمعنى أن نائب رئيس مجلس النواب يتمتع بدائرة مروحية واسعة، اكتسبها بو صعب لما يتمتع به من "انتشار" في أدواره وقنوات اتصالاته بعدد كبير من القوى السياسية. وهي تعطيه هامشا أوسع من التحرك والفعل، مما اعطاه إياه موقعه النيابي داخل التكتل.

لا شك في أن بو صعب كان على علم بكل ذلك. فخرج ربما "غير آسف" من رحم التكتل، علما أنه في الأساس لم يكن يوما من الرحم الحزبي لـ"التيار الوطني الحر".
من هنا، فإن خروجه يختلف تماما عن خروج النواب الآخرين، فهو لا ينحصر فقط بالتمايز في الآراء بينه وبين رئيس الحزب، إنما يتعداه إلى ما هو أوسع: حركته السياسية واتساع دوره نيابيا. وقد ساعده في ذلك موقعه نائبا لرئيس مجلس النواب.

لكل ذلك، لا يمكن فصل إطلالته من الشمال عن هذا الحيّز السياسي، ولاسيما أنها الإطلالة الأولى بهذا الحجم، والتي تأخذ طابع المثالثة بين السياسي والإنمائي والروحي، فتعطيه "قيمة مضافة"، أو أقلّه هكذا أرادها، في هذا التوقيت بالذات.

هذه القراءة لا يمكن فصلها عن المعلومات التي كانت تردد بين الحين والآخر عن أن باسيل كان يعارض انتخاب بو صعب لموقع نائب رئيس مجلس النواب، مما أدّى إلى اتساع رقعة الخلافات بين الرجلين.

والواقع أنه منذ الانتخابات الأخيرة، يتغّيب بوصعب عن اجتماعات "التكتل"، وهو لطالما ردد أن مواقفه تؤخذ بناء على اقتناعاته أولا، لا استنادا إلى أي أمر آخر... ولكن، منذ زمن، ظهر إلى العلن أن مواقفه تتمايز عن مواقف "التيار" ورئيسه، لا بل أكثر، إن حركته باتت أوسع.

ولعلّ أبلغ دليل زيارته الرئيس سعد الحريري في "بيت الوسط" في شباط الماضي، وشاء القدر أن يكون النائب "العوني" الثاني الذي التقى الحريري منفردا، هو آلان عون، والاثنان باتا اليوم خارج التكتل.

أما الدليل الثاني، فهو أن بو صعب نجح في أن يحجز لنفسه موقعا ودورا بعيدين عن باسيل، وعزز ذلك انطلاقا من موقعه النيابي كنائب لرئيس السلطة التشريعية، فكان أن نسج علاقة مباشرة مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، "متأبطا" ملف الترسيم ومترئسا أكثر من جلسة للجان النيابية المشتركة حول هذا الملف الدقيق.

تبقى لافتة العبارة التي رددها بو صعب حين سئل عن شعوره عندما رأى أعلام "التيار الوطني الحر" على مدخل بلدة رحبة العكارية، خلال جولته الأخيرة برفقة عطيه، إذ علّق: "ما لفتني هو صور ملكة جمال لبنان، ابنة رحبة، والتي غطّت المشهد عند مدخل البلدة".
إلى هذا الحد، لم يعد الرجل يرى لافتات "التيار" ووجوده!

"النهار"- منال شعيا

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا