الصحافة

ما هو أخطر من التداعيات الاقتصادية للاعتداءات

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تتزايد أعداد النازحين. أضحوا 1200000. يعيشون لدى أقاربهم، في فنادق ومنازل مؤجرة وفي الساحات والمدارس. وبعضهم سافر جواً أو براً. الأمن العام سجل ما بين 23 حتى 30 أيلول عبور 234023 سورياً و76269 لبنانياً إلى سوريا. بيان منسق الأمم المتحدة أشار الى نزوح أكثر من 300 ألف طفل من منازلهم. صارت حياتهم كوابيس.

الحرب تتوسع والخوف من تحوّلها إقليمية. لبنان الغد بشر باضطرابات نفسية. الاعتداءات التهمت النمو الذي كان يُتوقع أن يكون 1.2 % من الناتج المحلي، فصار ما دون 0.2 %. من أين ستتوفر الاعتمادات لتسديد فواتير معالجة 10000 جريح في المستشفيات، من سيعول عائلاتهم ويعوّض عليها فقدان الأب والأم والإخوة وتدمير المساكن؟ كيف ستسترجع القطاعات خسائرها؟

الأزمة إذا ما طالت ستنتج أزمات. الخوف من أن ينهار نظامنا الصحي والتعليمي. تزايد الضغوط وفقر الحوكمة وشح المساعدات في ظل اقتصاد منهار وبنية بنيوية وتحتية متداعية لا ترحم. ما هو أسوأ من الأضرار المباشرة للاعتداءات الإسرائيلية الفتنة. البلد ليس مجهزاً للتعاطي مع هذا الكم من المصائب. أترى من سيعالج الاكتظاظ والانقسام والتوترات؟ النتيجة فقر ودوامة عنف أخشى!

من يعالج ندوب الفظائع التي يعانيها أولادنا؟ إسرائيل بحربها تزرع بذور حروب أبدية لن تنتهي (فوّاز جرجس، 2024). لن تعيد الحرب سكان الشمال الإسرائيلي بل ستضاعف أخطارهم.
أخشى أن تحوّل الحرب مجتمعاتنا الى ثأرية، فيستمر التاريخ في التحكم بالحاضر، ملاحقاً المستقبل.

ما يقلقني ليس أعباء تدمير المساكن بل تداعي جودة رأس المال البشري والاجتماعي. ثمة بشر فُقدوا أو أصيبوا. اضطرابات ما بعد الصدمة سيعاني كثيرون منها طويلاً. والاكتئاب سيخفض إنتاجيات المصابين لعقود ويستلزم أدوية ومعالجات. كلّ ذلك يولد أداءً وظيفياً وتعليمياً منخفضاً، وغياباً متكرراً وتركيزاً أقل، وقدرة أقل على تحمّل الضغوط. هذا يفقد أولادنا مهارات أساسية تلزمهم لدخول سوق العمل.

تكاليف الحرب أكبر من عوائدها الاقتصادية، حان الوقت لإيقافها والبحث عن السلام المربح. "متروكون كأطفال، بخبرة شيوخ. فظّون وحزينون وسطحيون، تائهون... ليس الموت مغامرة لمن يقف في حضرته"، فكأننا في رواية إريك ريمارك "كل شيء هادئ على الجبهة الغربية". عيوننا على الميدان وعلى ديبلوماسية الرئيس برّي وكل الخيّرين، فهل يستطيعون انتشالنا قبل دمار ما بقي؟

مازن عبود - النهار

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا