محليات

استراتيجية الحزب في مواجهة العدوان... رؤية متكاملة من المقاومة إلى إعادة الإعمار

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

داود رمال – "اخبار اليوم"

 

في ظل تصاعد التوترات في المنطقة بين لبنان وإسرائيل واشتداد المواجهة مع غزة، جاءت مواقف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لتقدم قراءة شاملة للرؤية الاستراتيجية للحزب في هذه المرحلة الحساسة. وتضمنت اطلالته الثالثة جملة من النقاط المهمة التي تستدعي التحليل والتمعن.

أولاً: التأكيد على هزيمة إسرائيل
يشير الشيخ قاسم إلى أن إسرائيل ستُهزم، وهو موقف متكرر في خطاب حزب الله الذي يرى أن إسرائيل، رغم قوتها العسكرية والدعم الغربي لها، ستفشل في تحقيق أهدافها. الحزب يبني هذا التصور على تجاربه السابقة، خاصة حرب تموز عام 2006، عندما تمكنت المقاومة اللبنانية من الصمود وفرض معادلات جديدة على الساحة الإقليمية. يُستند هذا الطرح إلى قوة الإرادة والشجاعة التي يتمتع بها محور المقاومة، وهو خطاب يهدف إلى تعزيز معنويات جمهوره واستمرار الدعم الشعبي للمقاومة.

ثانياً: تحميل الولايات المتحدة المسؤولية عن العدوان
يرى حزب الله أن الولايات المتحدة هي الفاعل الأساسي وراء العدوان الإسرائيلي، ليس فقط من خلال تقديم الدعم العسكري والمالي لإسرائيل، ولكن أيضاً عبر تبني سياسات خارجية تعزز هيمنة إسرائيل في المنطقة. هذا الخطاب يعكس موقف الحزب من الهيمنة الغربية في المنطقة، والتي يعتبرها جزءاً من مشروع أوسع لإعادة رسم الخريطة السياسية في الشرق الأوسط. ويهدف الحزب من خلال هذا الطرح إلى تسليط الضوء على أن الصراع ليس فقط مع إسرائيل بل مع مشروع أميركي-إسرائيلي أوسع.

ثالثاً: عدم إمكانية فصل لبنان عن فلسطين والمنطقة عن فلسطين
هذا الموقف يعكس الأيديولوجية المركزية لحزب الله فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. بالنسبة للحزب، لبنان جزء لا يتجزأ من الصراع مع إسرائيل، وفصل القضية الفلسطينية عن الشأن اللبناني أو عن المنطقة ككل هو أمر مستحيل. هذا الموقف يُبرز أن أي حل في فلسطين سيؤثر على لبنان والعكس صحيح، وهو ما يعني أن دعم القضية الفلسطينية والدفاع عنها يشكلان ركيزة أساسية في استراتيجيات الحزب الداخلية والخارجية.

رابعاً: شرعية المقاومة ودورها الدفاعي
أكد قاسم أن المقاومة شرعية ودفاعية، وهي تسعى إلى تحرير الأرض ودفع الاحتلال. هذا التأكيد يأتي في سياق تعزيز شرعية الحزب على المستوى الداخلي والإقليمي، في ظل الانتقادات الدولية التي تصفه بالمنظمة الإرهابية. يحاول الحزب عبر هذا الطرح تقديم نفسه كقوة دفاعية لا تهدف إلى العدوان، بل إلى تحرير الأراضي اللبنانية والفلسطينية المحتلة، وهو خطاب موجه أيضاً إلى الدول الغربية والمجتمع الدولي لتبرير عملياته العسكرية.

خامساً: المشروع التوسعي و"الشرق الأوسط الجديد"
يتهم قاسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمحاولة تنفيذ مشروع توسعي جديد في المنطقة بمساعدة أميركية. هذا المشروع، بحسب الحزب، يهدف إلى فرض هيمنة إسرائيلية على المنطقة عبر تكريس الاحتلال وتفتيت الدول المحيطة. طرح هذه الفكرة يعكس تخوف الحزب من مخططات سياسية وعسكرية تعمل على تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط، ما يتطلب مواجهتها عبر توحيد جهود قوى المقاومة.

سادساً: صمود المقاومة والتفاف الشعب حولها
يؤكد قاسم على صمود المقاومة ووقوف الشعب بجانبها. هذا الطرح مهم لأنه يعكس مدى اعتماد الحزب على "البيئة الحاضنة"، حيث يشير إلى أن استمرار الدعم الشعبي هو العمود الفقري لاستمرار المقاومة. هذا الخطاب يعزز من قدرة الحزب على مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية، ويعطيه الشرعية الشعبية لمواصلة القتال.

سابعاً: دعوة البيئة الحاضنة والنازحين للصبر
دعا الشيخ نعيم قاسم جمهور المقاومة ولا سيما النازحين إلى الصبر في مواجهة الظروف الصعبة التي يمرون بها. هذه الدعوة تعكس إدراك الحزب لحجم المعاناة التي تكابدها المجتمعات المتضررة من الحرب، خاصة في جنوب لبنان. كما تؤكد على أهمية التلاحم الاجتماعي والوطني خلال الأزمات، مع وعود بإعادة الإعمار وعودة الأمور إلى طبيعتها بعد انتهاء العدوان.

ثامناً: من مرحلة المساندة إلى مواجهة الحرب الإسرائيلية
يشير قاسم إلى أن المقاومة لم تعد في مرحلة "المساندة" وإنما دخلت في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. هذا التصريح يعكس تحولاً في استراتيجية الحزب، حيث أصبح أكثر انخراطاً في الصراع المباشر مع إسرائيل، ولم يعد يقتصر على دعم معنوي أو لوجستي للمقاومة الفلسطينية. هذا التحول يؤكد أن الحزب انتقل الى استراتيجية التصعيد في المواجهة كلما اقتضت ضرورات الميدان.

تاسعاً: المعادلة للميدان لا سيما في الحافة الأمامية
يبرز قاسم أهمية الميدان والمواجهات المباشرة في الحافة الأمامية. هنا يؤكد على أن القرار النهائي سيكون للميدان، في إشارة إلى أن المعارك هي التي ستحدد موازين القوى وتفرض المعادلات. هذا التصريح يحمل في طياته رسالة لإسرائيل بأن المقاومة مستعدة لخوض معارك طويلة الأمد ولن تتراجع أمام الضغوط العسكرية.

عاشراً: حق استهداف أي نقطة عسكرية إسرائيلية
في ضوء التصعيد العسكري الإسرائيلي، يؤكد قاسم أن الحزب لديه الحق في استهداف أي نقطة عسكرية وحربية في إسرائيل. هذا الموقف يشير إلى تحول الحزب نحو استراتيجية ردع متكاملة، حيث يرى أن التصعيد الإسرائيلي مبرر للرد بالمثل على جميع الأهداف العسكرية الإسرائيلية، سواء كانت في الجنوب أو العمق الإسرائيلي، واللافت لم يُدخل معادلة مدني مقابل مدني.

حادي عشر: الحل بوقف إطلاق النار والعودة إلى الشمال
يرى الحزب أن الحل الوحيد للصراع الحالي هو التوصل إلى وقف إطلاق النار، وبعده سيعود المستوطنون الإسرائيليون إلى الشمال. هذا الطرح يعكس رؤية الحزب لحل موقت للصراع، مع التأكيد على أن وقف إطلاق النار سيسمح بإعادة ترتيب الأوراق ورسم الخطوات المستقبلية.

ثاني عشر: ملء المراكز الشاغرة في هيكلية الحزب
يشير قاسم إلى أن الحزب ملء جميع المراكز الشاغرة في هيكليته بلا استثناء. هذا يعكس استراتيجية الحزب في تعزيز صفوفه وتأمين استمراريته على المستوى التنظيمي، ما يعزز من قدرته على الصمود في مواجهة التحديات المستقبلية سواء كانت عسكرية أو سياسية، وفي ذلك تلميح الى انتخاب امين عام جديد من دون الاعلان الاسم.

ثالث عشر: الاستعداد لإعادة الإعمار
يبعث قاسم برسالة طمأنة للنازحين والمتضررين بأن الحزب يستعد لعملية إعادة إعمار واسعة، مؤكدًا أن البيوت والمصالح التي تهدمت ستعود أجمل مما كانت. هذه الرسالة تأتي لتهدئة المخاوف الاجتماعية والاقتصادية لجمهور المقاومة، ولتعزيز الثقة في قدرة الحزب على إدارة الأزمات وإعادة بناء المناطق التي دمرها العدوان.

رابع عشر: تأكيد الثوابت الداخلية
في ظل تصاعد الأحداث، يؤكد قاسم على ثوابت الحزب الداخلية، خصوصًا فيما يتعلق بالملفات المطروحة على الساحة اللبنانية. هذا الموقف يعكس رغبة الحزب في الحفاظ على وحدته الداخلية وعدم السماح للضغوط الخارجية بالتأثير على مواقفه الثابتة، سواء في السياسة الداخلية أو في مسألة العلاقات الإقليمية.

في الخلاصة؛ تمثل مواقف حزب الله التي عبر عنها الشيخ نعيم قاسم رؤية متكاملة للمرحلة الراهنة، حيث يجمع الحزب بين الجوانب العسكرية والتنظيمية والسياسية. من جهة، يؤكد على شرعية مقاومته ضد الاحتلال الإسرائيلي وحقه في الرد، ومن جهة أخرى يسعى إلى تعزيز الثقة بينه وبين جمهوره عبر وعود بإعادة الإعمار وتحقيق الانتصار على المدى الطويل. في ظل هذه المواقف، يبقى حزب الله متمسكاً بثوابته ومتجهاً نحو تصعيد المواجهة إذا تطلب الأمر ذلك، مع مراعاة ضرورة التفاوض على وقف إطلاق النار كخطوة أولية نحو حل موقت للأزمة.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا