محليات

استراتيجية إسرائيلية لِشل حزب الله... هل ستنجح؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ بداية تشرين الأول الحالي، بدا للحملة الإسرائيلية القائمة ضد حزب الله وجه آخر، على مستوى خارطة الغارات وعلى صعيد تصريحات المسؤولين العسكريين. وتمثلت تفاصيله على نحو محدد بالتركيز على ضرب "شرايين الأسلحة" التي تصب في مستودعات حزب الله، ومصدرها مناطق سيطرة نظام الأسد في سوريا.

أول حادثة كشفت عن هذا الوجه كانت إعلان إسرائيل استهداف مواقع حدودية بين سوريا ولبنان، إحداها بالقرب من معبر المصنع، في الرابع من تشرين الأول. وشيئاً فشيئاً، استنسخ الجيش الإسرائيلي ذلك على وصلات حدودية أخرى، كان آخرها يوم الجمعة، مما أسفر عن خروج معبرين عن الخدمة.

تقول إسرائيل إنها تسعى لقطع كامل طرق الإمداد التي يعتمد عليها حزب الله للحصول على الأسلحة والذخائر من سوريا. وفي تصريح سابق لـ"الحرة"، وضع الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، هذا الهدف كجزء لا يتجزأ من الحملة لإضعاف حزب الله المدعوم من إيران وتقليص قدرته على القتال.

ورغم أن الضربات الإسرائيلية على طرق الإمداد المارة والنابعة من سوريا ليست جديدة، إلا أنها باتت تأخذ منحى تصاعدياً الآن، مما يطلق تساؤلات عن مدى قدرة إسرائيل على تحقيق ما تسعى إليه، والبدائل التي قد تعتمد عليها حزب الله في حال انقطع شريان إمدادها من سوريا، وهل قد تتضرر بالفعل؟

ترتبط سوريا مع لبنان بحدود يبلغ طولها 373 كيلومتراً. وفي حين أنه توجد هناك ستة معابر شرعية، طالما سلطت تقارير إعلامية خلال السنوات الماضية الضوء على الوصلات غير الشرعية التي تستخدم في عمليات تهريب الأسلحة والبشر.

ليس ذلك فحسب، فقد تحولت المناطق الخاضعة لسيطرة النظام منذ دخول حزب الله لدعم رئيسه بشار الأسد إلى ساحة يستفيد منها كممر للحصول على الأسلحة القادمة من العراق عبر الطريق البري المار من البوكمال.

ولم يكن الطريق المار برا هو الوحيد، بل كان يسير بموازاته آخر بحري وجوي.

ودفع ما سبق إسرائيل لأكثر من مرة، قبل أن تبدأ حملتها القائمة الآن في جنوب لبنان وغزة، لتنفيذ ضربات قالت وسائل إعلام إسرائيلية مراراً إنها استهدفت شحنات أسلحة وذخائر وصواريخ متطورة.

لاتزال الطائرات المسيّرة الإسرائيلية تواصل مراقبة الحدود السورية-اللبنانية، في محاولة "لتضييق الخناق على حزب الله، ومنعه من نقل السلاح من سوريا إلى لبنان"، كما يقول "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

ويؤكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لموقع "الحرة" أن "هذه الرقابة المشددة هي جزء من استراتيجية إسرائيلية تتبعها بهدف محاولة شل حركة عمليات نقل السلاح إلى حزب الله"، لافتاً إلى ضربات جوية حصلت مؤخراً، واستهدفت نقاطاً بالقرب من المعابر، ومسؤولين يشرفون على عمليات النقل.

الجغرافيا السورية ونظام الأسد يعتبران ضروريين لبقاء حزب الله، وهو ما ترجم على الأرض من خلال تحرك الأخير الكامل نحو سوريا بعد 2011، لحماية الأسد كشخص وحماية نظامه وما يمثله كلاعب مهم في سلسلة الدعم والممر الوحيد للأسلحة من إيران، كما توضح الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتي.

وتستعرض الخبيرة في حديثها لموقع "الحرة" تفاصيل المسارات المتعلقة بـ"شريان الأسلحة السوري" والمحطة التي يصب فيها عند حزب الله.

وتقول إن الأسد يزود حزب الله منذ سنوات بالذخيرة والصواريخ من مناطقه، كما أن حزب الله لديه مستودعات خاصة به منتشرة في ريف حمص الجنوبي والغربي، وريف حلب الجنوبي، وريف دمشق الغربي والجنوبي، وداخل محافظة درعا.

وفي مقابل ذلك، كانت إيران وميليشياتها قد سيطرت على عدد من مصانع الدفاع التابعة للأسد، وأهمها مصنع السفيرة في ريف حلب، وبالتالي فإن "سوريا ليست ممراً فحسب، بل أيضاً مورداً عسكرياً لحزب الله"، وفق كولوريوتي.

إحدى الضربات الإسرائيلية، التي حصلت قبل عشرة أيام، كانت قد استهدفت مستودعات أسلحة للجيش التابع للنظام السوري في ريفي حمص وحماة.

وضربت غارات أخرى مواقع عسكرية تابعة للنظام في ريف العاصمة دمشق، وجاء ذلك بالتزامن مع مواصلة إسرائيل قصفها لنقاط بالقرب من المعابر من جهة منطقة القصير.

ومنذ عام 2018، بنت إيران وحزب الله في سوريا، كل على حدى، أساسات لطريقة العمل بناءً على ظروف جغرافية معينة، بحسب الباحث السوري في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة"، نوار شعبان.

ويشرح شعبان لموقع "الحرة" أن اختيار حزب الله لمناطق مثل القلمون الشرقي، ومن العريضة وصولاً إلى عرسال وبعض المناطق والأرياف في حمص وحلب والقنيطرة "لم يكن عن عبث" خلال السنوات الماضية.

على العكس، كانت حزب الله كمنظومة "تدرك كافة الاحتمالات".

ويضيف الباحث السوري أن "عمليات تهريب السلاح في سوريا من جانبه لم تكن وليدة الحرب الحالية، بل هي عملية أشرف عليها وما يزال كأداة من إحدى الأدوات التي عمل عليها بالتدريج وخلال السنوات الماضية".

التركيز على ضرب مخازن حزب الله من الأسلحة والذخائر لا يقتصر على الساحة السورية والمعابر الحدودية، بل يتعدى إلى القرى والبلدات الجنوبية الواقعة في جنوب لبنان، بحسب ما تشير إليه البيانات المتكررة من جانب إسرائيل.

ومع ذلك، لأكثر من مرة كان اسم سوريا في الصورة، وتمثلت آخر المعطيات الخاصة بذلك بصور نشرها الجيش الإسرائيلي، يوم الخميس، وأظهرت صناديق صواريخ مضادة للدبابات تمت السيطرة عليها في جنوب لبنان.

أكثر ما ميز تلك الصناديق أنها ممهورة من الخارج بتفاصيل ورد فيها اسم سوريا وروسيا أيضاً ومحطتها الأولى في طرطوس الساحلية.

وتعتقد الخبيرة كولوريوتي أن وقف استيراد الأسلحة على الحدود السورية اللبنانية "أمر صعب لعدة عوامل".

إلى جانب الحدود الطويلة وصعوبة مراقبتها كاملة، يمتلك حزب الله شبكة أنفاق في منطقة القلمون وريف حمص الجنوبي، وتربط بين البلدين، ويصعب تعقبها من الجو.

من الجانب الإيراني، لن تتخلى طهران عن حزب الله، على الأقل في المرحلة الحالية، ما يعني أنها ستستمر في دعمه عسكرياً في هذا الصراع، بحسب الخبيرة.

ونظراً لحاجة حزب الله إلى الذخيرة والصواريخ، فإن طهران تعطي الأولوية لإيصال هذا الدعم إلى الأراضي اللبنانية، وهو ما يفسر زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى دمشق بعد زيارته لبيروت، قبل أسبوعين.

وتضيف كولوريوتي أن "رسالة الإيرانيين لنظام الأسد، الذي يرفض فتح جبهة الجولان، كانت على الأقل إبقاء الأراضي مفتوحة لشحنات الأسلحة المتجهة إلى لبنان".

ولا يعتقد الباحث السوري شعبان أن حزب الله يفتقد القدرة على التأقلم، في تعليقه على ما تسعى إليه إسرائيل بشأن قطع طرق إمداده مع سوريا.

ويبين من ناحية أخرى أن الغارات التي تنفذها إسرائيل ما تزال حتى الآن "جراحية".

وفي حين أن الضربات أثرت على عمليات تدفق الأسلحة من سوريا وعلى مخزون حزب الله إلى حد ما، ليس من الواضح ما إذا كانت ستحد من قدرة الحزب على "التحرك والإمداد انطلاقاً من الجغرافيا السورية".

ويمتلك حزب الله منذ سنوات قدرة كبيرة على التحرك في سوريا والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري.

ويؤكد شعبان أن "المناطق الحدودية ليست عبارة عن جسور ومعابر فقط"، وعلى العكس توجد مناطق شاسعة يستخدمها حزب الله بمسارين.

المسار الأول عبر مجموعات ووكلاء تابعين له، ويرتبط الثاني بعصابات التهريب الواقعة في مناطق القلمون، والتي تم غض النظر عنها خلال السنوات الماضية، وحولها إلى سلاسل توريد يعرف أفرادها كيف يتحركون.

قال الناطق باسمه أفيخاي أدرعي في بيان نشره، يوم الجمعة، إنه خلال الشهر الأخير، هاجم الجيش الإسرائيلي أكثر من 3200 هدف لحزب الله في جنوب لبنان، منها نحو 350 مستودع أسلحة.

وأضاف أنهم ضبطوا 2500 قذيفة دبابات ومنصات وصواريخ كورنيت، وعرض تسجيلاً مصوراً يوثق ذلك.

وتوضح الخبيرة كولوريوتي أن جزءاً كبيراً من الضربات التي تنفذها إسرائيل تستهدف المخزون الاستراتيجي لحزب الله من الصواريخ الدقيقة والمتوسطة المدى ومنصات الإطلاق ومخازن الذخيرة.

وبينما لا يمكن الجزم بحجم مخزون حزب الله من الصواريخ والذخائر، لا شك أن الضربات الإسرائيلية أضعفت قدراته على صعيد الصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل واضح، وفق حديثها.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا