كيف تردّ «اليونيفيل» «الصامدة» على اتهام حفر «حزب الله» لأنفاقه قربها؟
تبدو قوات حفظ السلام «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان عالقة بالفعل بين نيران إسرائيل من جهة ونيران «حزب الله» من الجهة الأخرى، في ظلّ استمرار الحرب واشتدادها وعدم التوصّل لوقف لإطلاق النار. وإن كان بعض أهالي المناطق الجنوبية المؤيّدين لـ»الحزب» قد حاصروا «اليونيفيل» سابقاً وتواجهوا معها على الأرض، فإنّ إسرائيل أيضاً لم ترحمها في هذه الحرب فعلاً وقولاً.
لم يُخفِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رغبته في خروج «اليونيفيل» من جنوب لبنان، وأوضح أنّ «على الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إبعاد قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان عن الخطر فوراً».
على الأرض لا يبدو أنّ إسرائيل رحمت «اليونيفيل» بالأفعال فطاولتها باعتداءات كثيرة.
وفي هذا الإطار، يوضح المتحدّث باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي إنّ «اليونيفيل ومنذ بدء التوغل الإسرائيلي في لبنان في الأول من تشرين الأول تعرّضت لأكثر من 30 اعتداءً نتجت منها أضرار في ممتلكاتها ومواقعها بالإضافة إلى إصابات في صفوف حفظة السلام». ويضيف شارحاً: «يمكننا أن نعزو نحو 20 من هذه الاعتداءات إلى نيران أو تصرّفات قوات الجيش الإسرائيلي وكان 7 منها بوضوح أعمالاً متعمّدة. أمّا البقية فكانت مصادرها غير معروفة. وقد شملت الأضرار تدمير كاميرات مراقبة، إضاءة، أسيجة، إتلاف جدران ومبانٍ ومركبات، وهدم أبراج مراقبة، وغيرها».
ويُشدّد تيننتي على أنّ «تصرّفات الجيش الإسرائيلي و»حزب الله» تعرّض حفظة السلام للخطر، سواء من خلال النيران المتبادلة أو الأعمال المتعمّدة». لافتاً إلى أنّ إسرائيل استهدفت مواقع «اليونيفيل» مراراً. كما أنّ عمليات «حزب الله» من مواقع قريبة من مواقع حفظة السلام عرّضت أفراد قوات الأمم المتحدة للخطر.
في هذا السياق، يكشف أنّ 5 من حفظة السلام أصيبوا بجروح في 3 حوادث منفصلة في مقرات لـ«اليونيفيل»، وتعرّض 15 من حفظة السلام لأعراض بعد استنشاقهم دخاناً غير معروف أطلقه الجيش الإسرائيلي في راميا في 13 تشرين الأول، ما سبّب لهم تهيّجاً في الجلد وأعراضاً مزعجة في الجهاز الهضمي.
«اليونيفيل» صامدة أيضاً
أمام هذا الواقع الصعب والاستهدافات المستمرة، كَثُرت الأحاديث عن احتمال خروج «اليونيفيل» من جنوب لبنان، بعدما أصبحت منطقة خطرة حتى على قوات حفظ السلام. إلّا أنّ القرار الرسمي لا يبدو مطابقاً لم يُروَّج له.
وفي السياق، يؤكّد تيننتي بحزم انّ «حفظة السلام لديهم مهمّة يجب عليهم القيام بها، ونحن مستمرّون في تنفيذها. لقد كُلّفنا من مجلس الأمن مهمّتنا، وقرّر المجلس وكذلك الدول التي ترسل جنود حفظ السلام إلى قوات «اليونيفيل»، بالإجماع أنّ علينا البقاء منتشرين في كل مواقعنا. لقد ذكّرنا جميع الأطراف مراراً بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها، واحترام حرمة مواقع الأمم المتحدة في كل الأوقات. ونحن على اتصال دائم بالسلطات اللبنانية والإسرائيلية، وكذلك بالدول التي تساهم بجنود في قوات حفظ السلام». ويؤكّد حاسماً: «نحن باقون في كلّ موقع من مواقعنا».
أنفاق «الحزب»
إلى ذلك، نشر الجيش الإسرائيلي قبل أيام مجموعة صور وفيديوهات مدّعياً أنّها لأنفاق تابعة لـ«حزب الله» قرب مواقع لقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان. وقبل ساعات وخلال كلمة له ممّا ادّعى أنّه نفق مُكتشف لـ«حزب الله» جنوباً، أشار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إلى أنّ «اليونيفيل تجاهلت حفر نفق تحت موقعها».
تعقيباً على ذلك يجيب تيننتي أنّ «تنفيذ القرار 1701 هو مسؤولية الطرفَين، لبنان وإسرائيل، في أراضيهما. و«اليونيفيل» تدعم تنفيذ الأطراف لهذا القرار وتراقب وتبلّغ عن الانتهاكات، وقد قمنا بذلك». ويضيف مشدّداً على أنّ «الأنشطة والبنية التحتية التي لاحظنا فيها أنشطة مشبوهة أبلغنا إلى مجلس الأمن عنها، وتظل موضع اهتمام بالنسبة إلى اليونيفيل»، مؤكّداً أنّ انتشار الأسلحة خارج سيطرة الدولة في لبنان يُعدّ انتهاكاً صارخاً للقرار 1701، لكنّ «اليونيفيل غير مكلّفة نزع سلاح «حزب الله» أو أي مجموعات أخرى بالقوة. ولا يمكن إزالة الأسلحة غير المصرّح بها من جنوب لبنان إلّا من خلال التنفيذ الكامل للقرار 1701. كما أنّ التحرّك العسكري الإسرائيلي لن يحلّ هذه القضية بطريقة مستدامة».
وفي سياق التحقق من حادثة إسقاط طائرة مسيّرة كانت موجّهة الى «اليونيفيل» وعمّا إذا كان «حزب الله» مصدرها، يُفنّد تيننتي الحدث: «في 17 تشرين الأول، رصد حفظة السلام طائرة مسيّرة (UAV) تحلّق من الجنوب إلى الشمال فوق مقرّ البعثة في جنوب لبنان. حلّقت الطائرة في اتجاه البحر ثم استدارت لتقترب مباشرة من إحدى سفن قوة المهمّات البحرية (MTF) قبالة ساحل الناقورة، حيث حدّد حفظة السلام البحريّون على متنها أنّ مسارها كان في نمط هجوم. وهذه هي المرّة الأولى التي تقترب فيها طائرة مسيّرة من سفينة لقوة المهمّات البحرية بهذه الطريقة». ويضيف: «عندما كانت الطائرة على بُعد 50 متراً من السفينة، استخدم حفظة السلام إجراءات إلكترونية لمقاطعة إشارتها، فسقطت في الماء وانفجرت من تلقاء نفسها، ونحن نجري تحقيقاً للتحقق في شكل مستقل من مصدرها».
دمار صادم
إلى ذلك، باتت مناطق الشريط الحدودي مناطق عسكرية خطرة على المدنيِّين والصحافيِّين مع استمرار القتال العنيف فيها. ويبدو أنّ الصور التي تصل عن الدمار جنوباً ليست سوى جزء صغير من المشهد الكبير على الأرض.
وهو ما لا ينفيه الناطق باسم «اليونيفيل» في لبنان، مؤكداً «أنّ التصعيد على طول الخط الأزرق يتسبّب في دمار واسع للبلدات والقرى في جنوب لبنان، وحجم الدمار الذي لحق بكثير من القرى على طول الخط الأزرق وحتى أبعد منه، صادم».
ويشدّد أيضاً على استمرار عمل «اليونيفيل» لتنسيق المرور الآمن للمساعدات الإنسانية الأساسية إلى المدنيِّين في جنوب لبنان بواسطة وكالات الأمم المتحدة والمنظّمات غير الحكومية المحلية والدولية، خصوصاً للذين قرّروا البقاء في منازلهم، مشيراً إلى «أنّ قوات حفظ السلام ساعدت أيضاً في إجلاء المدنيِّين العالقين في مناطق النزاع».
ولخّص تيننتي صورة الواقع على الأرض قائلاً: «المدنيِّون ما زالوا يعانون من هذا النزاع، وحفظة السلام مستمرّون في بذل ما في وسعهم للمساعدة».
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|