تطبيق 1701… أو تحوُّل لبنان إلى “سوريا 2”!
ماذا يقول المساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر عن سير الأحداث في المنطقة؟ هل باتت الحرب في لبنان قريبة من الانتهاء؟ وماذا يقصد بتحوّل لبنان إلى سوريا ثانية؟ ماذا عن الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل؟ وكيفَ سيُعيد دونالد ترامب “السّلام” للشّرق الأوسط؟ هذه الأسئلة أجابَ عليها شينكر في حديث لـ”أساس” حول الحرب في لبنان والأحداث في المنطقة وتأثير الانتخابات الأميركيّة على مجرياتها.
يبدأ شينكر حديثه مع “أساس” عن الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة وتأثيرها على سير الأحداث في المنطقة.
ترامب وهاريس يريدان الاتّفاق مع إيران
يرى شينكر أنّ التأثير لن يكونَ قبل دخول الرّئيس الجديد البيت الأبيض في كانون الثّاني المُقبل. لكنّه في الوقت عينه يعتقد أنّ المُرشّح دونالد ترامب يتمتّع بنفوذ أوسع لدى الإسرائيليين، وفي الوقت عينه سيكون أكثر تشدّداً مع إيران، خصوصاً بعد التّقارير الأميركيّة عن دعم إيران محاولات لاغتياله. بشكلٍ عامّ يرى شينكر أنّ أيّ إدارة جديدة أكانت برئاسة ترامب أو المُرشّحة الدّيمقراطيّة كامالا هاريس، ستتعاطى بطريقة مختلفة عن الإدارة الحاليّة.
يقف المساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ عند طريقة تعاطي المُرشّحَيْن ترامب وهاريس مع إيران. يؤكّد أنّ هاريس ستتعاطى مع طهران بالطّريقة عينها التي تعاطى بها الرّئيس الحاليّ جو بايدِن والرّئيس الأسبق باراك أوباما معها، وهي الأسلوب الدّبلوماسيّ. في المُقابل يرى شينكر أنّ ترامب أيضاً سيسعى لاتّفاقٍ سريعٍ مع إيران عبر اعتماد سياسة الضّغط الأقصى.
هُنا يتوقّف ليشرح بالتّفصيل: “عام 2016 شكّلَ وصول ترامب صدمة، وهو لم يكُن جاهزاً على صعيد التعيينات والإدارة بشكلٍ جدّيّ. ولهذا رأينا أنّ الإدارة لم تستقرّ فعليّاً إلّا بعد سنتيْن، وبالتّالي انسحَبَ ترامب من الاتفاق النّوويّ مع إيران في 2018. اليوم الوضع مختلف. ترامب جاهزٌ لاحتمال فوزه ودخوله البيت الأبيض، وسيكون فريقه جاهزاً”.
من هذا المُنطلَق يقول شينكر إنّ رأيه الشّخصيّ يميل إلى أنّ مسألة إسقاط النّظام في إيران ليسَت على أجندة ترامب، بل الضّغط وتهديد أمن النّظام للتّوصّل إلى اتفاق حول البرنامج النّوويّ والأذرع في المنطقة. لكنّه يشير إلى أنّه لا يعتقد أنّ إيران جاهزة لاتّفاق كهذا بسبب سياسة النّظام التي تعتمد على زعزعة الاستقرار في المنطقة في إطار مشروعها المُعلن لتدمير إسرائيل.
دعم الجيش مرهون بتطبيق 1701
في الحديث عن وقف إطلاق النّار في لبنان، يتحدّث شينكر انطلاقاً من معرفته بتفاصيل السّياسة في المنطقة وكيفَ يُفكّر القادة الإسرائيليّون. يقول شينكر إنّ مسوّدة الاتفاق المطروحة اليوم من الإدارة الأميركيّة تتضمّن نقاطاً حولَ آليّات لتطبيق القرار 1701 بشكلٍ جدّيّ ومنع الحزب من إعادة التّسلّح، وهذا هو المطلب الإسرائيليّ الأساسيّ. إذ يرى أنّ أحد جوانب تطبيق القرار 1559 هو منع السّلاح من الوصول إلى الحزب.
يؤكّد أنّ الحزب لن يقبل بالمُقترح الحاليّ، خصوصاً ما يتعلّق بمنح إسرائيل ضمانات أميركيّة لحرّيّة الحركة في الأجواء اللبنانيّة والتّحرّك ضدّ أيّ هدف يراه الإسرائيليّون “مشبوهاً” في الجنوب. لكنّه يرى أنّ الحلّ المطروح منطقيّ ويحتاج إلى ما سمّاه “قراراً وخطوات شجاعة من القادة اللبنانيين الذين قد يلجأ الحزب إلى اغتيالهم في حال لم يُطبّق الاتفاق”.
يتوقّف ديفيد شينكر عند دور الجيش اللّبنانيّ في تطبيق القرار 1701، خصوصاً أنّ تمويل ودعم الجيش كانا نقطة نقاشٍ في إدارة دونالد ترامب بين 2016 و2020. يؤكّد أنّ هذه المسألة ستكونُ محلّ نقاشٍ وانتقادٍ في حال إعادة انتخاب ترامب. لكنّه يشير إلى أنّه في الحدّ الأدنى سيستمرّ دعم الجيش بشرط تطبيق القرار 1701.
يعتقد أنّ الإدارة الحاليّة تقوم بجهودٍ جدّيّة للتوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النّار في غزّة ولبنان. لكنّه لا يرى أنّ هذا سيحصل قبل الانتخابات الأميركيّة، ذلكَ أنّ هذه المسألة قد تُؤثّر على الانتخابات، كما أنّ هناك العديد من الأسئلة التي يجب على الحكومة اللبنانيّة الإجابة عنها من حيثُ الضّمانات.
أهداف نوعيّة بعد الاستراتيجية
يُسهِبُ شينكر في الشّرح: “إذا راقبنا الاستهدافات الإسرائيليّة من منتصف أيلول الماضي، وتحديداً بعد عمليّة “البيجر” واغتيال حسن نصرالله وهاشم صفيّ الدّين وقادة المجلس الجهاديّ ومجلس الشّورى في الحزب، نرى أنّ العمليّات انتقلَت إلى أهدافٍ نوعيّة أخرى تُعتبَر ثانويّة بعد الأهداف الرّئيسيّة. وهي ضربُ خطوط الإمداد ومخازن الوقود والبنى الاقتصاديّة مثل “القرضِ الحسن”، وهي أهداف أقلّ أهميّة من اغتيال القادة وضرب البنية العسكريّة الاستراتيجيّة للحزب”.
يعتقد أنّ إسرائيل ستبدأ بخفض مستوى العمليّات بعد ضرب الأهداف الأساسيّة، لكنّها ستسعى لتطبيق القرار 1701، الذي تقاعست عن تنفيذه قوات اليونيفيل والجيش اللبنانيّ. يؤكّد أنّ تل أبيب باتت جاهزة لإبرام اتّفاقٍ لوقف إطلاق النّار في لبنان بعد هذه الضّربات، لكنّها تريد ضمانات بشأن عدم تسلّح الحزب مجدّداً وإلّا فإنّ لبنان سيُصبح مع الوقت مثل سوريا عرضةً لضّربات إسرائيليّة على أهداف تُريدها تل أبيب.
يؤكّد أنّ إسرائيل لا تُريد تكرار مرحلة ما بعد 2006، حيث أعادَ الحزب تسليح نفسه لمدّة 15 عاماً. كما أنّ تل أبيب لا تريد اتفاقاً يُشبه تفاهم نيسان 1996، بل تريد اتّفاقاً واضحاً يضمن لها التحرّك في حال لم يقُم الجيش اللبنانيّ بتنفيذ القرار 1701 أو منع الحزب من إعادة التّسلّح.
لا يرى ديفيد شينكر أنّ إسرائيل تريد اجتياح لبنان على غرار العمليّة في 1982، بل تريد ضرب القدرة الهجوميّة للحزب وتفكيك البنية العسكريّة القريبة من الحدود. وإسرائيل، بحسب شينكر، باتت قريبة من إنجاز أهدافها. وهذا يؤكّد أنّ تل أبيب باتت تريد الاتفاق.
التّطبيع السّعوديّ – الإسرائيليّ لم يعد سهلاً
تحدّثَ شينكر لـ”أساس” عن التّوتّر المتصاعد بين إيران وإسرائيل. يعتقد أنّ كلّاً من طهران وتل أبيب لا تريدان حرباً شاملة بينهما. في الوقت عينه يميلُ إلى الرأيّ الذي يقول إنّ إيران ستسعى قريباً للرّدّ على الهجوم الإسرائيليّ الأخير عليها، وفي المقابل ستردّ إسرائيل على أيّ هجومٍ إيرانيّ. ويقول: “إسرائيل بعد 7 أكتوبر باتت جاهزة لاستيعاب الضّربات والهجمات وتحمّل الخسائر البشريّة والمادّية للدفاع عن نفسها، وبالتّالي لن تتركَ أيّ جهة تهاجمها من دون ردّ”.
دائماً ما يقول ترامب إنّه يسعى إلى إحلال السّلام في الشّرق الأوسط من دون أن يُحدِّدَ آليّة هذا السّلام. توجّه “أساس” بهذا السّؤال إلى ديفيد شينكر، الذي أجاب قائلاً: “أثناء إدارة ترامب 4 دول عربيّة وافقَت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. أرى أنّ أيّ إدارة برئاسة ترامب ستسعى إلى ضمّ المزيد من الدّول إلى اتفاقيّات أبراهام، على الرغم من أنّ هذه المسألة باتت أصعب بعد هجوم السّابع من أكتوبر”.
يضيف: “ستسعى أيّ إدارة برئاسة ترامب إلى محاولة إعادة احتضان المملكة العربيّة السّعوديّة، واعتماد سياسة أقسى في وجه الحوثيين وإيران”. يعتقد شينكر أنّ “السّعوديّة المُتمسّكة بحلّ الدّولتيْن كشرطٍ للعلاقات مع إسرائيل قد تسير إلى خطوات بالتطبيع لا ترقى إلى سلامٍ شاملٍ مع إسرائيل في حال لمسَ السّعوديّون خطوات سياسيّة جدّيّة”.
يرى شينكر أنّ موضوع الدّولة الفلسطينيّة باتَ أبعدَ اليوم بعد عمليّة السّابع من أكتوبر، ولا ينفي أنّ التطبيع بين الرّياض وتل أبيب لا يزال بعيداً، ويعتقد أنّ هجوم حركة حماس كانَ موجّهاً نحوَ الجهود للتطبيع بين السّعوديّة وإسرائيل، ويقول: “لو لم تكُن إسرائيل مستوطِنة في الضّفّة الغربيّة لكانت “حماس” اليوم مسيطرة على الضّفّة، وبالتّالي هذا لن يكون لمصلحة الإسرائيليين ولا الفلسطينيين”.
ابراهيم ريحان - اساس ميديا
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|