الخسائر الاقتصادية أكثر من 50% من الناتج مقارنة بـ10.5% في تموز 2006!
لا يزال من المبكر جدا رسم خريطة الخسائر الاقتصادية وملامحها الكارثية وأرقامها النهائية، فيما لا يزال الحديد والنار يدكان البشر والحجر.
ليست أولى كوارث لبنان ونكباته، لكنها الأكبر حتى الآن، بعنفها وتمددها على مساحة الوطن، وبالتدمير الممنهج للقرى والبلدات الجنوبية، والجمود القاتل للقطاعات الإنتاجية كافة.
وفيما تأتي كارثيتها على أثر 5 أعوام من الانهيار النقدي والاقتصادي، وتشرذم الدولة وشغور معظم المواقع الرئيسية فيها، يزيد عدم توافر الدعمين العربي والدولي للإعمار واقتصاره على الإنساني فقط، تفاقم الخسائر، ويقلص الآمال بعودة الإعمار والبناء فورا بعد وقف الحرب، أسوة بما حصل عام 2006.
صحيح أنه من السابق لأوانه، بل من الصعوبة تقدير خسائر لبنان جراء العدوان الإسرائيلي عليه، ولكن مقارنة مع الخسائر جراء عدوان تموز (يوليو) 2006 والتي قدرت حينها بنحو 7 مليارات دولار، فإن التقديرات الأولية تشير إلى أن خسائر الحرب الحالية ستتجاوز 10 مليارات دولار.
مع اشتداد حدة الحرب وتوسع مداها الجغرافي ليشمل مناطق عدة في لبنان، يقدر الأكاديمي والباحث الاقتصادي الدكتور أيمن عمر، أن حجم الخسائر "سيتجاوز ذلك بكثير، على أن تظهر قيمتها الحقيقية بعد انتهاء الحرب. وإذا كانت هذه الخسائر شكلت 10.5% من الناتج المحلي في 2006، فإنها ستشكل أكثر من 50% من الناتج المحلي حاليا، أي أكثر من نصف حجم الاقتصاد اللبناني، بل ربما تتجاوز الـ 100% من الناتج المحلي، بما يوازي 20 مليار دولار، وهذا يتوقف على المدة الزمنية التي ستستغرقها الحرب والدمار الناجم عنها".
وبعيدا من الخسائر الناجمة عن تدمير المباني والمنازل وقرى بأكملها، وجزء من البنية التحتية، فإن الخسائر طالت جميع القطاعات من دون استثناء، لكن أكثر القطاعات الاقتصادية تضررا هو القطاع السياحي الذي تقدر خسائره وفق عمر بنحو "3.5 مليارات دولار، بما يشكل نحو 50% من مدخول السياحة في لبنان المحقق السنة الماضية. وإذا استمرت الحرب حتى موسم الشتاء والتزلج، فمعنى ذلك أيضا القضاء على السياحة الشتوية، علما أن الخسارة الاقتصادية الناجمة عن ذلك تقدر بنحو 450 مليون دولار".
مع اشتداد العدوان، أصبحت الحركة في مطار بيروت شبه معدومة، إذ يشير عمر الى أن "قيمة الاستيراد من طريق المطار بلغت عام 2023 نحو 4,262 مليارات دولار، وقيمة التصدير 1,014 مليار دولار بما يشكل نسبة 24% من الحجم الكلي السنوي للاستيراد البالغ 17,524 مليار دولار عبر جميع المنافذ، و34% من الحجم الكلي للتصدير البالغ 2.995 ملياري دولار".
إلى ذلك، ومع قطع المنفذ الحدودي البري المعروف بنقطة المصنع، "تضرر الاستيراد بمتوسط شهري 28.667 مليون دولار (344 سنويا) أي ما نسبته 2% من حجم الاستيراد الكلي، وتضرر التصدير بمتوسط شهري 14.667 مليون دولار (سنويا 176 مليون) أي نحو 6% من حجم التصدير الكلي".
القطاع الثاني الأكثر تضررا هو الزراعي. فالبقاع وجنوب لبنان يعدّان مركزا رئيسيا للزراعة يمثلان 42% و21.5% على التوالي من المساحات المزروعة، أي نحو ثلثي مساحة لبنان المزروعة، وفق عمر، الذي يشير إلى أن "سهلي مرجعيون والوزاني الواقعين في الشريط الحدودي المحاذي للكيان الإسرائيلي يرفدان السوق المحلية بنحو 30% من حاجتها، علما أن القطاع الزراعي يؤمن مصدر دخل لـ 70% من سكان الجنوب".
يضاف إلى خسائر القطاعات الاقتصادية، كلفة النزوح المتزايد الذي وصل إلى حدود مليون و400 ألف نازح وما يتطلبه من تأمين مأوى والتجهيزات اللازمة للعيش بمتوسط كلفة للنازح الواحد يقدرها عمر بما بين 5 إلى 6 دولارات، أي أن الكلفة اليومية للنازحين هي بين 7 و8.4 ملايين دولار، بمتوسط شهري 210 – 252 مليون دولار، عدا عن فقدان سوق العمل عشرات آلاف اليد العاملة، وتضرر القطاع الصناعي وتعطل الماكينة الاقتصادية، وتأثير ذلك كله على الناتج المحلي والنمو الاقتصادي الذي يعاني أصلا حالة ركود وأزمات مستمرة منذ عام 2019.
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|