صدفة تجمع إيلي صعب وعلي خامنئي
الرجلان ينتميان إلى عالم التصميم، الأول لبناني يصمّم الأزياء منذ أكثر من 40 عاماً على مقاس الملكات والأميرات.. والثاني إيراني يصمّم الحروب منذ أكثر من 40 عاماً، ويرسم الميليشيات والمحاور والمعارك على مقاس حساباته ومصالحه، حتى أصبحت بلاده ومعها دول المحور، بما فيها لبنان، عدوّة لملوك الأرض وأمرائها ورؤسائها وحكوماتها
كتب جوزف طوق لـ”هنا لبنان”:
صدفة… كان العام 1979، وما بين بيروت وطهران، نضجت ثورة في عقل المراهق اللبناني إيلي صعب وبدأ رسم أحلام كبيرة لدخول عالم الأزياء، وقابلتها ثورة إنفجرت على لسان الخميني في إيران حيث بدأ رسم شكل الجمهورية الإسلامية لوضعها على الخارطة العالمية.
الثورتان لا يمكن مقارنتهما بلسان محلل استراتيجي أو باحث في السياسة الدولية، ولا يمكن مقاربتهما أبداً إلّا إذا وضعناهما في الإطار اللبناني البحت، ونظرنا إليهما بعيون لم تجفّ من الدمع ولمسناهما بأيدٍ لم تنظف من الدم منذ العالم 1979 وحتى عام 2024.
الرجلان ينتميان إلى عالم التصميم، الأول لبناني يصمّم الأزياء منذ أكثر من 40 عاماً، ويرسم الفساتين والتنانير والجاكيتات على مقاس الملكات والأميرات وأشهر الممثلات والمغنيات من كل أنحاء العالم… وأمّا الثاني إيراني (بما أنّ الخميني والخامنئي واحد لا يتجزّأ) يصمّم الحروب منذ أكثر من 40 عاماً، ويرسم الميليشيات والمحاور والمعارك على مقاس حساباته ومصالحه، حتى أصبحت بلاده ومعها دول المحور، بما فيها لبنان، عدوّة لملوك الأرض وأمرائها ورؤسائها وحكوماتها.
لكن لماذا المقارنة بين الاثنين الآن، وما الحاجة أو الجدوى من ذلك؟
السبب هو أنه فيما كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف المدن والقرى اللبنانية وتقتل الأبرياء بالعشرات في كلّ غارة، وفيما كانت آلة الحرب الإسرائيلية العمياء تقضي على اقتصاد لبنان وأمن أهله واستقرارهم بسبب الأزياء الإيرانية التي يرتديها مقاتلو حزب الله… في هذا الوقت بالتحديد، كان المصمّم اللبناني إيلي صعب يحظى بتكريم فريد من نوعه في المملكة العربية السعودية، صاحبة أقوى اقتصاد وجيش في منطقة الشرق الأوسط.
فيما كان أبناء بلدي يتساقطون شهداء بالرصاص الإسرائيلي رداً على التصاميم الإيرانية، كان أيضاً إبن بلدي يتمختر بنجاحه وتعبه وجهده وأعماله فوق مسرح من تصميم سعودي لتكريم مبدع لبناني وسط حشد من أبرز مشاهير العالم.
دم وأرواح أبناء بلدي شهداء كانوا أم أحياء أغلى من أي شيء في العالم، وتنفطر قلوبنا عندما نعرف أنهم يتساقطون بالعشرات على طاولة المفاوضات الإيرانية الأميركية، وفي حرب ليس لبلدنا أي منفعة منها، وهم ليسوا أكثر من مجرّد بيادق وأعداد تتكدّس عند الإيرانيين الذين يماطلون في المفاوضات طالما هناك دماء تقدّم مجاناً على مذبح طهران النظيف من الضحايا والجرحى والخسائر بالبشر والحجر.
ومن قال أن إيلي صعب ليس مقاوماً من أجل لبنان، وبالتأكيد أكثر من أي حزب مسلّح أو أيديولوجيا مستوردة؟ وإذا كنتم لا تعلمون، اليهود يحتكرون القسم الأكبر من سوق صناعة الأزياء الفخمة، ويسيطرون على غالبية مراكز صناعة صيحات الموضة في أوروبا وأميركا وآسيا، هذا فضلاً عن أنّ الكثير من مصمّمي الأزياء العالميين هم من اليهود. ومن هنا، يمكن لأي واحد منّا أن يتصوّر حجم وكمية المعارك التي خاضها هذا الشاب اللبناني منذ أن سافر إلى باريس عام 1982 وحتى اليوم ضد اليهود، من أجل وضع إسمه على لائحة الكبار، ومن أجل عرض تصاميمه في العواصم العالمية إلى جانب دور الأزياء العملاقة.
إيلي صعب أيضاً، وفي ساحات حرب أخرى، كان مقاوماً وانتصر في معارك ضارية من أجل لبنان وإسم لبنان وشعب لبنان، لكن دون أن يتسبّب في قتل بريء أو تدمير منزل أو إضعاف اقتصاد، بل بالعكس كانت معاركه تأتي بمزيد من فرص العمل للبنانيين، وبمزيد من المال لإقتصاد البلد، ومزيد من الكرامة لإسم لبنان بمجرّد وضعه على خارطة يسيطر عليها اليهود.
ومن ينظر جيداً إلى وجوه اللبنانيات واللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، مقيمين ومغتربين… من ينظر بعين الاحترام لا التخوين، وبعين الحب لا التهديد، وبعين المواطنة لا الصهينة، سيرى بوضوح أننا جميعاً مقاومون، كلٌّ على ساحته وكلٌّ بحربه من أجل لبنان العظيم.
هنا لبنان
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|