الحزب ينسف "تفاؤل"بري بالمقترح الأميركي وإسرائيل قررت سحق سلاحه
قيس عبيد.. شبحُ مغنيّة الذي حملَ الجنسيّة الإسرائيليّة؟!
منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد وحدة “نصر” طالب سامي عبدالله (أبو طالب) وقائد وحدة “عزيز” محمّد نعمة ناصر (أبو نعمة)، وصولاً إلى القائد العسكريّ الأعلى فؤاد شكر (السّيد محسن) وقائد “قوّة الرّضوان” ومسؤول العمليّات إبراهيم عقيل (الحاج عبد القادر)، كانت إسرائيل تُعلن صراحةً أنّ هدف عمليّاتها الحقيقي هو ضربُ “المجلس الجهاديّ” للحزبِ وتفريغه من القيادات التّاريخيّة بشكلٍ كامل.
قبلَ 3 أيّام أعلنت تل أبيب اغتيال مسؤول ملفّ الجولان في الحزب علي موسى دقدوق في غارة على ريف دمشق. وقد لعب دقدوق دوراً أساسيّاً في إنشاء المجموعات الموالية لإيران في العراق بعد سقوط نظام صدّام حسيْن. كما تشيرُ معلومات “أساس” إلى أنّ تل أبيب تُلاحقُ وتنتظر الفرصة لاغتيال القياديّ الفلسطينيّ في الحزبِ قيس عبيد الذي يُعتبر أحد أهمّ القياديين ومن أقرب المستشارين إلى الأمين العامّ الرّاحل حسن نصرالله.
في هذه الحلقة سيكون الحديث عن القياديّ قيس عبيد الذي تضعه إسرائيل على لائحة الاغتيالات.
ليسَ اسمه معروفاً لدى العامّة، لكنّه معروفٌ جيّداً في تل أبيب وواشنطن وطهران. قيس عبيد. فلسطينيّ من عربِ الدّاخل. القيادي الوحيد في الحزبِ الذي حمَل يوماً الجنسيّة الإسرائيليّة، والعقل المُدبّر لاختطاف العقيد الإسرائيليّ الحنان تننباوم، وقائد الوحدة 1800 المعنيّة بالملفّ الفلسطينيّ في الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة وعرب الدّاخل.
مُستشارٌ للأمين العامّ الرّاحل حسن نصرالله، وكانَ أقرب المُقرّبين للقياديّ الرّاحل عماد مغنيّة. ويكادُ يكونُ نسخته الفلسطينيّة. هو العقل المُدبّر لأكبر صفقة تبادلٍ بين الحزب وإسرائيل في سنة 2004، والتي أُفرِجَ فيها عن نسيبه الشّيخ عبد الكريم عبيد.
ابنُ بلدة الطّيبة العربيّة، وابن نائب رئيس بلديّتها حسن كامل عبيد وزوجته ندى عبيد ابنة العضو السّابق في الكنيست الإسرائيليّ ذياب عبيد، ابن عمّ القياديّ في الحزبِ الشّيخ عبد الكريم عبيد.
حفيدُ عضو حزب بن غوريون
كانَ جدّه ذياب عبيد أبرز الأعضاء العرب في الكنيست بين عامَيْ 1961 و1974، وتولّى منصب مستشار وزير الزراعة الإسرائيلي ونائباً لوزير الزراعة الإسرائيلي للشؤون العربية. وهو أحد أعضاء حزب “ماباي” اليساريّ الذي أسّسه وقاده مؤسّس دولة إسرائيل ديفيد بن غوريون.
عام 1937، وعلى إثر اشتداد الأحداث بعد “الثّورة الفلسطينيّة الكبرى” اضطرّ إلى مغادرة مدينة طولكرم متوجّهاً إلى بلدة جبشيت في جنوب لبنان برفقة زوجته وابنتيه عليا وندى والدة قيس عبيد، حيث عاش هناك في منزل عمّه علي عبيد والد الشيخ عبد الكريم عبيد.
عادَ إلى فلسطين عام 1944، وعملَ في تجارة الحمضيّات قبل أن ينضمّ في 1955 إلى حزب بن غوريون. في 1974 عُيِّنَ ذياب عبيد مستشاراً لوزير الزراعة الإسرائيلي ونائباً لوزير الزراعة لشؤون الوسط العربي في الحكومة التي رأسها إسحاق رابين.
توفّي ذياب عبيد في شباط 1984 عن عمر ناهز 72 عاماً إثر نوبة قلبية حادّة. وقد شُيّع في بلدة الطيبة، بمشاركة شخصيات سياسية وأعضاء كنيست وممثّلين حكوميين ورسميين وأعضاء أحزاب ورجالات دين ورؤساء البلديات في الضفة الغربية ورؤساء البلديات العرب في إسرائيل.
نعاه عددٌ من السياسيين الإسرائيليين، ومنهم الرئيس الراحل شمعون بيريز ورئيس الأركان الأسبق حاييم بارليف والوزير الأسبق رعنان كوهين ومستشار رئيس الوزراء إسحاق شامير بنيامين غور إيه.
في ذكرى مرور 40 يوماً على وفاته، أقيمَ حفل تأبينيّ حضره عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وشاركَ فيه الرّئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز ووزيرة الصّحّة شوشانا أربيلي. وألقى بيريز كلمةً قال فيها: “ذياب كان أحد المناضلين من أجل السلام القائم على احترام الحقوق المتبادل، وآمن بنظرية المرحوم ذياب الكثيرون من المواطنين العرب الذين لا تقلّ محبّتهم للسلام عن محبّة اليهود، إن لم تكن أكثر. إنّ على الشعبين أن يعملا بروح عبيد المحبّ للسلام”.
عبيد الحفيد وأبو عمّار
لم ينظر قيس عبيد إلى الإسرائيليين كما نظرَ إليهم جدّه. ولم ينظروا هم إليه كما كانوا ينظرون إلى جدّه. إذ ربطته علاقة بالرّئيس الفلسطينيّ الرّاحل ياسر عرفات، وجمعتهما صورةٌ كانَ قيس قد رفعها داخل منزله في بلدة الطّيبة العربيّة داخل الخطّ الأخضر.
تزامناً مع الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى، نشطَ قيس عبيد في تهريب الأسلحة وقذائف الهاون إلى الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة بالتنسيق مع الحزبِ في لبنان. هذا ما أدّى إلى التحقيق معه من قبل الشّاباك الإسرائيليّ أكثر من مرّة بين عامَيْ 1994 و1996 ليدخل المُعتقل الإسرائيليّ لعامٍ كامل، وذلكَ بعد اعتقاله في قطاع غزّة وهو يخطّط لخطف إسرائيليّ ونقله بحراً إلى لبنان.
بعد الإفراج عنه، توجّه إلى دبي، حيثُ أعادَ تواصله مع صديق طفولته العقيد إلحانان تاننباوم. إذ كانَ الأخير يُعاني من ديون بسبب إدمانه لعب القمار والأعمال التجارية الفاشلة. وجدَ عبيد في تاننباوم صيداً سهلاً ليُصبِحَ أسيراً لدى الحزبِ.
بالفعلِ، وبالتّنسيق مع عماد مغنيّة، استدرجَ عبيد تاننباوم إلى دبي بالتعاون مع المدعوّ كايد برّو، وهو شقيق علي برّو من بلدة كفركلا الجنوبيّة الذي اعتقله الجيش الإسرائيليّ سنة 1997 بتهمة تهريب المُخدّرات إلى إسرائيل، وأفرجَ عنه لاحقاً في صفقة 2004.
عرض عبيد على تاننباوم أن يكونَ جزءاً من عمليّة تهريب مُخدّرات مزعومة يربح منها 200 ألف دولار أميركيّ. في تشرين الأوّل 2000 قابل عبيد تاننباوم في دبي حيثُ خدّره ووضعهُ في صندوقٍ ونُقِلَ إلى بيروت عبر البريد الدّبلوماسيّ للسّفارة الإيرانيّة.
في 16 تشرين الأول 2000 خرجَ الأمين العامّ الرّاحل حسن نصرالله عبر قناة “المنار” ليُعلِنَ إنّ حزبه تمكّن من أسر العقيد الإسرائيلي: “جاءنا على قدميْه”.
بعدها بدأ الحزبُ مفاوضات بوساطة ألمانيّة مع إسرائيل ليُبرِمَ أكبر صفقة تبادل للأسرى معها وأطلِق سراح العقيد إلحانان تاننباوم و3 جثث لجنودٍ إسرائيليين مقابل إطلاق إسرائيل سراح 462 معتقلاً فلسطينياً ولبنانياً كان أبرزهم نسيب قيس عبيد القيادي عبد الكريم عبيد والقيادي مصطفى الدّيراني (أبو علي)، وعلي برّو شقيق كايد.
في 2001 قرّر وزير الداخلية الإسرائيلي حينها إيلي يشاي إسقاط الجنسيّة الإسرائيليّة عن عبيد بتهمة عمله مع الحزبِ. وتعرّضَت عائلته في بلدة الطّيبة لسلسة ملاحقات وتحقيقات ومضايقاتٍ من قبل أجهزة الأمن الإسرائيليّة. وقرّرت وزيرة التربية الإسرائيليّة ليمور ليفنات في 2005 فصل شقيقته منى من وظيفتها كمُديرة لمدرسة عربيّة في بلدة الطيبة نتيجة تواصلها مع شقيقها في لبنان.
الوحدة 1800
بعد خطف تاننباوم، توجّه قيس عبيد إلى لبنان، حيث أوكِلَت إليه مهمّة العمل على إنشاء خلايا في الضّفّة الغربيّة والدّاخل الإسرائيليّ. أكسبته عمليّة خطف تاننباوم ثقة نصرالله الذي عيّنه مستشاراً له، كما تولّى قيادة الوحدة 1800 التي تُعنى بالعمل الأمنيّ والعسكريّ داخل فلسطين ودُول الطّوق: الأردن ومصر وسوريا. إذ كانَ قائد خليّة الحزب سامي شهاب يعمل تحت إمرة عبيد في الوحدة المذكورة.
نظّم عبيد عمل خلايا فلسطينية في الضّفّة الغربيّة، حيث نفّذت هذه الخلايا عمليات ضدّ الجنود الإسرائيليين تمثّلت بعمليّات إطلاق نار وتفجير عبواتٍ ناسفة وتفخيخ مركبات وغيرها. في 2004، قال الجيش الإسرائيليّ إنّ قيس عبيد مسؤولٌ عن 80% من الهجمات على الجيش الذي موّل وسلّح حركتَيْ حماس والجهاد الإسلاميّ وكتائب شُهداء الأقصى في الانتفاضة الثّانية. ووصف مسؤولون أمنيون إسرائيليون عبيد بأنّه “رجل المهمّات في الحزب”، وأنّه “الذراع اليمنى” لحسن نصرالله.
نقل أموال وأسلحة
في أيلول 2005 زار عبيد سرّاً مدينة العريش المصريّة الحدوديّة مع قطاع غزّة، حيث التقى بقادة من كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكريّ لحركة فتح. وقالت الاستخبارات الإسرائيلية إنّ عبيد هو منسّق الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وإنّه نقل لهذه الفصائل أموالاً وأسلحة ذخائر ووسائل قتاليّة.
في 2018 صدر كتاب “إنهض واقتل أوّلاً: التاريخ السرّي لعمليات الاغتيال الإسرائيليّة” للباحث العسكري الإسرائيلي رونين برغمان الذي أكّد أنّ قيس عبيد هدفٌ على لائحة الاغتيالات الإسرائيلية.
بحسب ما جاءَ في الكتاب فإنّ رئيس مكافحة الإرهاب في جهاز الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة (أمان) العقيد رونين كوهين حدّدَ لائحة أهداف للاغتيال أُطِلقَ عليها اسم مُشفّر هو “الفرسان الـ12″، وتضمّنت اسم قيس عبيد وشخصيّاتٍ أخرى في الحزب وحماس وحركة الجهاد. في 2021 قالت إسرائيل إنّها أحبطت في الحدود اللبنانية عملية تهريب عشرات الأسلحة من الحزب إلى الأراضي الإسرائيلية، وقالت إنّ عبيد هو المسؤول عن هذه العملية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|