الصحافة

لبنان تحت الوصاية الأميركية من خلال رئاستها اللجنة الخماسية؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الذي دخل حيز التنفيذ منذ الأربعاء الماضي، منح الولايات المتحدة الأميركية ما يمكن توصيفه بأنه “وصاية” على لبنان من خلال ما أنيط بها من رقابة آلية تطبيق الاتفاق والانتهاكات بواسطة اللجنة “الخماسية” التي ترأسها، بعد أن كان الإتفاق نفسه قد كتب بحبر المبعوث الأميركي الخاص الى لبنان آموس هوكشتاين، الذي من المقرر أن يشغل منصب الرئيس “المدني” للجنة ذات الطابع الأمني-العسكري، الى جانب الرئيس “العسكري” للجنة الجنرال جاسبر جيفرز، الذي وصل الى بيروت والتقى قائد الجيش جوزيف عون، لبحث آليات تنفيذ وقف إطلاق النار، وكشفت المعلومات أنه تم التنسيق مع الجيش اللبناني لانسحاب عناصر “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني (29 كيلومتراً) عن الحدود مع إسرائيل، وجعل المنطقة تحت سيطرة الجيش.

وكان هوكشتاين أكد أن “وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله فرصة مهمة للبنان من أجل عودة الأمن والاستقرار والازدهار، واستعادة سيادته على كامل أراضيه، تمهيداً للبدء بإعادة البناء”، مشيراً الى أن “الولايات المتحدة تتطلع إلى العمل مع الحكومة اللبنانية مستقبلاً، للمساعدة على تحقيق ذلك”. وأبدى إعتقاده أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيواصل دعم اتفاق وقف إطلاق النار، لكونه مفيداً لكل من إسرائيل ولبنان والعالم، بالاضافة إلى أهميته بالنسبة الى الأمن القومي الأميركي.

وسبق لموقع “إكسيوس” الأميركي أن كشف أن الولايات المتحدة مكلفة حالياً الحفاظ على الهدوء على طول الحدود بين البلدين، مشيراً إلى أن ذلك يأتي خلال فترة انتقال الرئاسة في الولايات المتحدة، وفي خضم أزمة إقليمية أوسع نطاقاً لم تنته بعد. فيما نقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن مسؤول كبير في إدارة الرئيس جو بايدن قوله، إن “فريق الأمن القومي لترامب تلقى إحاطة من إدارة بايدن أثناء سير المفاوضات ونتائجها”، لافتاً إلى أن “مسؤولي إدارة ترامب الجدد لم يشاركوا بشكل مباشر في المحادثات، لكن من المهم أن يعرفوا ما كنا نتفاوض عليه وما هي الالتزامات”. واعتبر فريق ترامب وحلفاؤه، أن عودة الرئيس الجمهوري إلى البيت الأبيض دفعت الجانبين إلى إنجاز الاتفاق.

يشار إلى أن الاتفاق تطلب شهوراً من المفاوضات المعقدة التي شارك في أيامها الأخيرة الرئيس ترامب وفريقه اللذان سيرثان الاتفاق، بحسب “أكسيوس” الذي قال إن “نجاح الاتفاق يعني انتهاء عام كامل من إراقة الدماء، وعودة مئات الآلاف من السكان على جانبي الحدود إلى منازلهم”.

يذكر أنه بعد 5 أيام من الانتخابات الأميركية التي جرت في 5 تشرين الثاني، التقى وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي رون ديرمر، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بترامب في مار إيه لاجو بولاية فلوريدا، وأبلغه وهما يسيران معاً في ملعب الغولف، عن تفاصيل المفاوضات مع لبنان، بحسب ما ذكر مصدران مطلعان على المحادثة، إذ لم يُبد ترامب أي اعتراض على المفاوضات، كما أعرب عن دعمه لعمل نتنياهو مع الرئيس جو بايدن للتوصل إلى اتفاق قبل 20 كانون اللثاني المقبل وهو موعد تنصيب الرئيس المنتخب. وبعدها بيومين، ناقش ديرمر اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان مع هوكشتاين ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، وكبير مستشاري بايدن في الشرق الأوسط بريت ماكجورك. وقال مسؤول أميركي، إن “هوكشتاين رأى حينها ضوءاً في نهاية النفق، لذلك قرر إطلاع فريق الأمن القومي لترامب على احتمالية التوصل إلى اتفاق خلال أيام”.

وقدم هوكشتاين، الاثنين ما قبل الماضي إحاطة ثانية لفريق ترامب، وأبلغه بالالتزامات التي تعهدت بها الولايات المتحدة كجزء من الاتفاق، وهي الإشراف بصورة أساسية على آلية المراقبة. ولفت مسؤول أميركي، إلى أن “فريق ترامب اعتبر أن هذا الاتفاق جيد لإسرائيل ولبنان وللأمن القومي الأميركي، وأن القيام بذلك الآن وليس في وقت لاحق سينقذ الأرواح”. فيما أشاد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المقرب من ترامب، بالإدارة الأميركية القادمة وبفريق بايدن، وقال في بيان: “أقدر العمل الجاد الذي قامت به إدارة بايدن، بدعم من الرئيس ترامب، لجعل وقف إطلاق النار هذا حقيقة واقعة”.

إذاً تتجّه الانظار الى اللجنة الخماسية المكلّفة مراقبة وقف اطلاق النار، وهي ستعقد أولى اجتماعاتها اليوم الجمعة، بحسب مصادرها في مقرّ قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” في الناقورة جنوب لبنان برئاسة الجنرال الاميركي جاسبر جيفرز، لتفعيل آلية الرقابة بعد وضع “المراسيم التطبيقية” ودقائقها بما يزيل أي التباسات في ما خص بعض النقاط، فينطلق فعلياً قطار ترجمة اتفاق يوازي المضمر فيه المعلن أهمية، وربما يفوقه نظراً إلى ارتباطه بمرحلة تحمل معالم المستقبل السياسي للبنان، في ظل المتغيرات المتسارعة في الاقليم، وذلك في وقت كانت تل أبيب تُرْسي “النسخة الاسرائيلية” من وقف النار والتي اختصرها وزير المال بتسلئيل سموتريتش بعبارة “لن ننتظرَ أي آلية وسنواصل العمل لإحباط أي تهديد أو محاولة من حزب الله لاستعادة قدراته”.

وكشفت مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة سوف تشارك بشكل أكثر نشاطاً، لكن الضباط العسكريين الأميركيين سيعملون من السفارة في بيروت بالتنسيق مع المسؤولين الفرنسيين والاسرائيليين واللبنانيين والأمم المتحدة، على تلقي الشكاوى والتعامل مع الانتهاكات، في وقت أكد فيه مسؤول أميركي “أننا نريد أن تكون لدينا رسائل مباشرة للتأكد من أنه كلما حدث انتهاك خطير يتم التعامل معه بشكل فوري، وإذا لم يتم التعامل معه وتطور إلى تهديد مباشر، فستضطر إسرائيل لمعالجته”. كما أوضحت المصادر أن “الضابط الفرنسي المعيّن بلجنة المراقبة هو Gillian Ponchin صاحب الخبرة الطويلة بحلّ النزاعات المسلّحة. وتركّزت مهماته العسكرية في إفريقيا، في مالي، السودان، وخدم أيضاً في افغانستان، وحائز على أوسمة من أعلى الرُتب بالبروتوكول الفرنسي”، لافتة إلى أنه “سيشارك في إجتماع لجنة المراقبة عن بُعد قبل أن يحطّ في بيروت في الساعات المقبلة”.

ويأتي إجتماع لجنة المراقبة في وقت حذّرت الولايات المتحدة اسرائيل من إنتهاكها لاتّفاق وقف اطلاق النار في لبنان. وبعث هوكشتاين إلى اسرائيل رسالة أبلغ من خلالها المعنيين “بوجود خروق من الجانب الاسرائيلي للاتفاق”. وفي جردة أولية لأسبوع الهدنة “الهشة”، اخترقت إسرائيل السيادة اللبنانية أكثر من 100 مرة، وهو ما تسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا. فخلال 24 ساعة، بتاريخ الثاني من كانون الأول، قتلت الغارات الاسرائيلية 11 مواطناً.

إزاء ذلك، يسود انطباع في لبنان بأن اسرائيل تواصل الحرب على الرغم من إعلان وقف الأعمال العدائية، وسط تساؤلات حول دور الراعي الأميركي في ردع التصعيد الإسرائيلي. وعليه، جاء الدخول الأميركي المعلن والمباشر على خطّ حضّ إسرائيل على وقف سلوكها الخارِق لـ”جدران الحماية” لوقف النار والذي يتمدّد جغرافياً وبلغ بيروت بـ”مسيّراتِ المراقبة” والطيران الحربي، ما يشي بأن تل أبيب تسعى إلى استباق مباشرة لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق والاجراءات التطبيقية للقرار 1701 عملها عبر محاولة إكمال العمليات الحربية من جانب واحد في بلدات الحافة الحدودية، وذلك لفرض وقائع ومحو أبنية وغيرها، وكأن لا اتفاق سارياً. وهذا ما يفسر تحذيرات واشنطن من الخروق، التي جاءت عبر هوكشتاين (معتمر قبعة الرئاسة المدنيةِ للجنة الإشراف الخماسية) والذي وجه رسالة الى الاسرائيليين في هذا الشأن، قال فيها: “حتى يستمرّ وقف النار نحتاج إلى ضبْط النفس من كل الأطراف”.

وتزامن ذلك مع تعيين ترامب، رجل الأعمال اللبناني – الأميركي مسعود بولس مستشاراً رفيع المستوى للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط، وقال في بيان إن بولس “محام بارع وقائد محترم للغاية في عالم الأعمال، يتمتع بخبرة واسعة على الساحة الدولية”.

هذه الاندفاعة الجديدة لواشنطن نحو لبنان من خلال إعداد إقتراح وقف اطلاق النار وتسويقه، وترؤس اللجنة الخماسية، وضمانة تنفيذه، والوعود بتمكين الجيش اللبناني من القيام بمسؤولياته الجسام في هذه المرحلة (التي تشكل منطلقاً لاستعادة الدولة لبسط شرعيتها حصراً على كامل الأراضي اللبنانية)، وتعيين ترامب مستشاراً له للشؤون العربية من أصول لبنانية، يؤكد بما لا يقبل الجدل، عودة لبنان الى الاهتمام الأميركي، توازياً مع تسارع العمليات العسكرية للفصائل المسلحة المعارضة على مثلث حلب وإدلب وحماة والمدى الذي يُمكن أن تبلغه، على الرغم من الاقتناع بأنها ستتقاطع، مع القرار الكبير المتعلق بمستقبل المنطقة. فهل الدور الجديد للولايات المتحدة في لبنان (كجزء من المنطقة) مجرد ضمانة لتنفيذ اتقاقها لوقف اطلاق النار أم يتعداه للوصاية عليه من خلال “ستار” رئاستها للجنة الخماسية؟

لبنان الكبير

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا