هؤلاء هم رجال الظل حول الجولاني
عبدالله سليمان علي - النهار
يتشكل في سوريا نظام جديد على أنقاض النظام السابق. وجوهٌ وأسماءٌ جديدة ورثت تركة المناصب بامتيازاتها وصلاحياتها، وبدأت توزيعها في ما بينها. وزراء ومحافظون ومديرون عامون وقادة شرطة. إنهم واجهة النظام الجديد الذي يبنيه أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) وسوف يكونون لسانه الناطق ومتحملي المسؤولية أمام الناس، غير أن من لديه قدر قليل من الخبرة بالبناء الهيكلي لـ"هيئة تحرير الشام" وطريقة توزع مراكز النفوذ في مفاصلها الحاكمة، وكيفية تطبيقها أسلوب القيادة من الخلف حفاظاً على سرية هوية بعض الشخصيات، سوف لن يهتم كثيراً بالأسماء والوجوه التي يتسابق حالياً الجميع، من الأمم المتحدة إلى وفود الدول الأوروبية، إلى وسائل الإعلام الغربية والعربية، للاجتماع معها، إلا بمقدار ما كان لديه قناعة بأن وزراء الحكومات السورية المتعاقبة في عهد "البعث" كانوا أصحاب قرار حقيقي وفاعل. وهو ما انكشف عملياً باعتراف آخر رئيس حكومة، محمد غازي الجلالي بأنه لم يكن يتواصل مع الرئيس إلا نادراً، أما الوزراء فقد كان دون تواصلهم معه طوق شديد لا يمكن اختراقه بحسب الاعترافات التي أدلى بها بعض الوزراء بعد إطاحة الرئيس الفارّ، وهو ما يمكن الاستناد إليه لتقييم أهمية الوزراء في هيكلية النظام السابق ومدى تضاؤل دورهم أمام أصحاب النفوذ الحقيقي أو شركاء السلطة مع آل الأسد، كقادة الأجهزة الأمنية والقيادة المركزية لحزب "البعث" (القيادة القطرية سابقاً) وكذلك بعض كبار رجال الأعمال.
واليوم تكاد ترتسم هيكلية جديدة لها المفاصل والدرجات نفسها لكن بمسميات مختلفة ومظاهر مغايرة. فهناك رجال من قادة الصف الأول في "هيئة تحرير الشام"، بل من الحلقة الضيقة التي تحيط بالجولاني منذ سنوات، لم تظهر أسماؤهم في التعيينات الجديدة ولم يتصدروا الشاشات. وذلك ليس استخفافاً بهم أو إنقاصاً من قدرهم، بل لأن قيمتهم وأهميتهم ومتطلبات حمايتهم تقتضي منهم العمل من خلف الستار ومن دون ترك بصماتهم وراءهم. لكن هؤلاء هم من يرسمون ملامح سوريا الجديدة، وليس الجالسون على كراسي المناصب. وهم من يمتلكون النفوذ الحقيقي والكلمة الأخيرة، وليس من يتحدثون عبر الإعلام. وهؤلاء هم من سيحكم بهم الجولاني سوريا في المرحلة المقبلة.
ومن أبرز هؤلاء:
- أبو أحمد حدود، واسمه الحقيقي على الأرجح أنس خطاب من مدينة جيرود في ريف دمشق. وهو الأمير الأمني العام في إدلب و"هيئة تحرير الشام". وهو بالتالي المسؤول عن "لعبة الأمن" التي تفاخر الجولاني بمدى خبرته بها في معرض حديثه عن موضوع حمايته الشخصية من الاغتيال. وحدود هو المشرف على جهاز الأمن العام الذي انتشر في معظم المحافظات التي سيطرت عليها الهيئة وبدأ يتولى فيها مهمات تثبيت الأمن وجمع المعلومات وبناء شبكات استعلام (تجسس) عن أبناء كل منطقة. ويفترض أن يكون حدود هو اليد الضاربة في الخفاء لكل من يعارض الجولاني في المستقبل، وذلك اقتداءً بما حدث في إدلب.
- مختار التركي، وهو تركي الجنسية، واسمه الحقيقي غير معروف، لكنه يمثل الرقم الأول من حيث الأهمية العسكرية في "هيئة تحرير الشام"، بغض النظر عمن يقود الجناح العسكري أو الألوية المختلفة. ومختار التركي هو من قاد غرفة عمليات "ردع العدوان" التي أطاحت النظام. وقد أحيطت هويته بكتمان شديد طوال الأعوام السابقة، فلم يتسرب منها أي تفاصيل إلى الإعلام، وهو ما يدل على مدى مركزية الرجل في هيكلية الهيئة، ومدى أهميته لكل من الهيئة والاستخبارات التركية، لأنه لو كانت تركيا غير راضية عن أدائه لكانت سربت شيئاً عنه، وهو ما لم يحدث. ويأتي بعده شخص آخر هو أبو حسين الأردني، من الأردن، وهو شديد الولاء للجولاني.
ومن المتوقع أن يكون لمختار التركي دور كبير في تأسيس الجيش السوري الجديد، ولكن نظراً إلى جنسيته الأجنبية فالاحتمال الأرجح أن يتولى الإشراف على التشكيلات الجهادية ضمن الهيئة مثل "العصائب الحمراء" و"كتائب ابن الوليد" التي من المرجح أن الجولاني لن يفرط بها ويقبل بدمجها في الجيش المستقبلي بل سيحافظ على استقلاليتها ووحدة بنيتها مع تبعيتها الشكلية لوزارة الدفاع.
وفي المجال السياسي والإعلامي يبرز اسم زيد العطار الذي جرى تداوله منذ سنوات على أنه مسؤول الإدارة السياسية في قيادة إدلب. لكن الإسم غير حقيقي بدليل أن الرجل نفسه يستخدم أكثر من اسم مستعار وأبرزها: حسام الشافعي، وأبو عائشة الحسكاوي. ولم تعرف حتى اليوم هويته الحقيقية، رغم أن عبيدة أرناؤوط يتحدث إلى وسائل الإعلام بصفته ناطقاً بإسم الإدارة السياسية التي لم يكن يعلم أحد من يقودها. وقد قررت الإدارة السياسية المجهولة الرئيس تعيين ثلاثة أشخاص مسؤولين عن الملف الديبلوماسي وعمل السفارات داخل سوريا، هم: محمد عبد الله الغار، ومحسن محمد مهباش، ومحمد قناطري.
ومن المتوقع أن يمسك زيد العطاء بملف الخارجية والعلاقات مع الدول، سواء تم تعيينه بمنصب وزير، أم ظل محافظاً على سريته.
وهناك أشخاص آخرون عديدون يستند إليهم الجولاني في تحسين علاقاته العشائرية أو يثق بهم في إدارة الملفات المالية، أبرزهم من يمتون إليه بصلة مصاهرة كشقيقي زوجته حذيفة وقتيبة بدوي، وفيما عُرف أن الأخير تسلم مديرية الجمارك العامة التي قرر حلها، فإنَّ الأول كان يتسلم "لواء طلحة" العسكري، ومن المتوقع أن يكون من الأشخاص الذي سوف يكلفهم الجولاني العديد من المهمات السرية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|