خبير دستوري يحسمها: لا حاجة لتعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش
مع ارتفاع حظوظ قائد الجيش العماد جواف عون لرئاسة الجمهورية، وافتتاح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط إعلانه تأييد عون، ارتفعت أصوات تضع عراقيل أمام وصوله إلى القصر الجمهوري تحت ذريعة الحاجة إلى تعديل الدستور الذي تنص الفقرتان الثانية والثالثة من المادة ٤٩ منه على أنه “لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة، والمؤسسات العامة، وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام، مدة قيامهم بوظائفهم، وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم، أو تاريخ إحالتهم إلى التقاعد”.
الا أنّ في ذاكرة اللبنانيين القريبة، ما زال ماثلاً انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً دون الحاجة إلى التعديل بعد اتفاق الدوحة عام 2008، وكان أول المروجين رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يتنصل اليوم من هذه السابقة، ويصر على تعديل الدستور لانتخاب عون، بحجة عدم قبوله خرق الدستور. ولم يكن بري الوحيد الذي صدق على هذه “التخريجة” بل كان بإجماع كل الكتل النيابية بمن فيها التيار الوطني الحر.
واستند حينها رئيس المجلس لتمرير الانتخاب إلى دراسة قانونية كان قد أعدها المرجع القانوني ووزير العدل السابق بهيج طبارة، واعتبر فيها أنّ شرط الاستقالة المسبقة يسقط في حال شغور منصب الرئاسة، الأمر الذي دفع الرئيس بري لدعوة مجلس النواب وفق المادة ٧٤ من الدستور ومن ثم تم انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، معتبراً أنّ الشغور مماثل لحالة وفاة الرئيس أو استقالته.
فتنص المادة ٧٤ من الدستور على أنه “إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر، فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون وإذا اتفق حصول خلاء الرئاسة كحال وجود مجلس النواب منحلاً تدعى الهيئات الانتخابية دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية”.
ويؤكد المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، أنّه “ليس من ضرورة لإجراء أي تعديل لأنّ الانتخابات الرئاسية قد طالت بما يقارب السنتين، وبالتالي فإنّه لا موجب بعد الآن لتعديل المادة 49 من الدستور لتمكين موظفي الفئة الأولى أو ما يعادلها ومنهم قائد الجيش من الاستقالة، بسبب سقوط المهلة بالدرجة الأولى.
السبب الثاني لعدم الحاجة لتعديل الدستور، باعتبار أنّه من المفترض أن ينال قائد الجيش أكثرية موصوفة تفوق الأكثرية المطلوبة لتعديل الدستور وفقاً للمادة 76 منه وأنّه بالتالي لا حاجة لتعديل الدستور من أجل انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.
وذكر مرقص بما حصل مع العماد ميشال سليمان، حينها لم يُجرَ تعديل دستوري بل اعتُبر أنّ الأكثرية الموصوفة العالية التي حازها تنطوي ضمناً على تعديل للدستور، رغم أنّ الأصول تقضي باتباع شكليات وإجراءات معينة لتعديل الدستور، ولا يمكن استنجاتها ضمناً. فانّ الشغور في الموقع الرئاسي كما أسلفنا إضافة إلى أنّ الحكومة هي حكومة تصريف أعمال تجعل التعديل الدستوري متعذراً وواقعاً في غير محله الطبيعي.
وأوضح مرقص أنه يجب أيضاً الحديث عن ضرورة احترام المادة 49 من الدستور لناحية فتح جلسة انتخابية بدورات اقتراع متتالية دون توقف ودون مدى زمني طويل يفصل بين الدورة والأخرى على أن تتوافر أكثرية الثلثين في الدورة الأولى والأكثرية العادية في الدورات التي تلي عملاً بصراحة نص المادة 49 من الدستور، والذي يجري تحميله أكثر مما يحتمل، مما يجعل الانتخابات متعذرة بسبب الإصرار الدائم على توافر أكثرية الثلثين بينما النص لم يذكر النصاب، إنما اكتفى بذكر الأكثرية فقط، وأنّه بالتالي من الخطأ الشائع تحويل الأكثرية إلى نصاب. أي أنّ الأعمال الانتخابية تخضع للمادة 34 من الدستور التي تكتفي بالنصاب العادي أي النصف زائد واحد في الدورات الانتخابية التي تلي الدورة الأولى. وكذلك فإنّ المجلس النيابي يتحول بمقتضى المادة 75 إلى هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، وبحسب النص المذكور فإنّه يثابر على الانتخاب دون أي عمل آخر وحتى دون مناقشة إلى حين الانتخاب. وهكذا يجب أن تكون الإجراءات وأن يرجع فيها إلى الأصول الدستورية.
أما عن إمكانية الطعن بالانتخاب، فلفت مرقص إلى أنه يمكن الطعن حتماً أمام الدستوري، ولكن حظوظ الإبطال ستكون ضعيفة للأسباب التي تم شرحها والتي تجيز انتخاب قائد الجيش دون تعديل للدستور.
في المحصلة، فإنّ انتخاب عون دون الحاجة إلى تعديل الدستور، والذي سبقه أيضاً انتخاب العماد ميشال سليمان ليستا الحالتين الوحيدتين، إذ سبق وتم انتخاب اللواء فؤاد شهاب والرئيس إلياس سركيس دون تعديل دستوري.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|