الصحافة

الأبواب الخلفية لعالم غسل الأموال عبر السوشيال ميديا...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إن غسل الأموال عبر الإنترنت ليس بظاهرة حديثة بل هي ممارسات غير شرعية تنفذها شبكات إجرامية منذ عقود، لكن الجديد هو استغلال الشباب من سنّ تراوح بين 21 و30 عاماً في الأغلب ضمن شبكات منظمة لغسل الأموال عبر منصات التواصل الاجتماعي، لتكتشف السُلطات حول العالم أن حجم غسل الأموال عبر السوشيال ميديا تجاوز ملايين الدولارات خلال الأعوام الأخيرة، فكيف يستغلّ المحتالون السوشيال ميديا لغسل الأموال؟ وكيف يمكن تعقبهم والقبض عليهم؟ وكم يقدّر حجم سوق غسل الأموال عبر السوشيال ميديا عالمياً؟

ويمكن تعريف غسل الأموال عبر الإنترنت بأنه إخفاء أو تغيير هوية الأموال المتحصّلة بطرق غير قانونية مثل تجارة المخدرات أو الاتجار بالبشر أو تجارة السلاح، عبر تمريرها خلال النظام المالي المعتمد على التكنولوجيا المالية "فينتك" لكي تظهر على أنها نابعة من مصادر شرعية، ومن ثم إعادة ضخها واستثمارها بشكل قانوني مغاير لحقيقتها. 

واستغلّ المجرمون العديد من منصّات التواصل الاجتماعي لغسل ملايين الدولارات، مثل منصّة تيك توك الصينية الشهيرة، وإنستغرام ويوتيوب وكواي وبيغو وبوبو وحتى البث المباشر على فيسبوك يُستغلّ في غسل الأموال، وغيرها العديد من منصّات التواصل الاجتماعي.

4 طرق لغسل الأموال عبر السوشيال ميديا

ولمعرفة كيف تُستغلّ منصّات التواصل الاجتماعي في غسل الأموال، يقول محمد صالح، خبير تكنولوجيا المعلومات، لـ"النهار"، إن الشبكات الإجرامية المنظمة البالغة التعقيد تستخدم وسطاء لاستغلال المؤثرين على منصّات التواصل الاجتماعي وتحديداً صغار السن منهم وإقناعهم بالمشاركة في جريمة غسل الأموال مقابل الحصول على عمولات عن كل عملية تحويل أموال من خلالهم، ويجري ذلك من خلال الهدايا الافتراضية، والتبرعات السخيّة، والشراكات التي تحصل بين صاحب الأموال غير الشرعية والمؤثر على السوشيال ميديا؛ حيث تسمح منصّة التواصل الاجتماعي للمستخدمين بإرسال هدايا افتراضية خلال البث المباشر، وتلك الهدايا يمكن تحويلها إلى أموال حقيقية، ويستغلّ المحتالون ذلك عبر تدشين حسابات على المنصّة لغاية إرسال واستقبال الهدايا الافتراضية عبرها، التي غالباً ما تكون كبيرة بعد أن تتراكم، ويتخلل العملية حوالات عدة بين الحسابات حتى تظهر كأنها حركات طبيعية محاولة إخفاء مصدرها وتعقيد عملية تعقبها.

وأثناء عرض المؤثر على السوشيال ميديا بثّاً مباشراً يغدق المحتالون بالهدايا الافتراضية عليه التي تكون بمئات الدولارات، وعقب انتهاء البث المباشر تحصل المنصّة (مثل تيك توك) على حصة من هذه الهدايا بنسبة 15% وتختلف من منصّة إلى أخرى، ثم يحصل المؤثر على باقي قيمة الهدايا، وبعد أن يحسم عمولته المتفق عليها مع المحتال من إجمالي قيمة الهدايا يعيد إرسال باقي المبلغ إلى المحتال، وبهذه الطريقة يتمكن المحتال من إدخال الأموال المشبوهة إلى النظام المالي، وإظهارها كأنها تعاون مع المؤثر لأهداف تسويقية.  

وأضاف صالح إن أغلب الشباب الصغير السن لا يدرك مدى العقوبة التي قد يتعرّض لها إذا اكتشفت أمره السُلطات؛ حيث تختلف العقوبة من بلد إلى آخر، لكنها في الغالب لا تقلّ عن 3 سنوات وقد تصل إلى 20 سنة سجن بجانب سداد غرامات مالية باهظة.

ولفت صالح إلى طريقة ثانية يتبعها سارقو البطاقات الائتمانية عادة لغسل الأموال، من خلال استخدام البطاقة الائتمانية المسروقة في شراء الهدايا الافتراضية من منصات التواصل الاجتماعي، والإغداق على المؤثر بها أثناء البث المباشر، وعقب انتهاء البث المباشر يتم تقاسم الأموال مع المؤثر والمنصّة.

وثمة طريقة ثالثة، وهي أن المحتال قد يدفع مبالغ ضخمة للمؤثر نظير أعمال إعلانية، وحجم المبالغ يفوق نسبياً حجم العمل الإعلاني المطلوب، ثم يحصل المؤثر على حصّته، ويحوّل الباقي.

والطريقة الرابعة بحسب صالح هي الحسابات المزيفة (Bots) التي تُستخدم في إرسال مبالغ صغيرة إلى حساب واحد رئيسي، وتوزيعها بعمليات معقدة. بعد تراكمها، يسحبها المحتال بالتدريج عبر مصادر عدة حتى لا تثير الشكوك.

وعن آلية تعقب عمليات غسل الأموال عبر منصات التواصل الاجتماعي، يقول صالح إن اكتشاف عمليات غسل الأموال يتطلب أدوات أكثر تعقيداً، والأهم تعاون الجهات الرقابية في مناطق جغرافية متعددة. العمليات قد يشارك فيها أشخاص في بلدان عدة، وليست محصورة في دولة واحدة، فضلاً عن ضعف البيئة الرقابية في منصّات التواصل الاجتماعي بخلاف المؤسسات المالية الاعتيادية، لذلك نرى العديد من البلدان مثل الولايات المتحدة تضيّق الخناق على منصّة تيك توك، وغيرها من المنصّات التي تسمح بالتداول الإلكتروني للأموال.

حجم غسل الأموال عبر السوشيال ميديا

أفاد مكتب التحقيقات الفيديرالي أن تجار الأموال غسلوا أكثر من 300 مليون دولار من خلال منصّات التواصل الاجتماعي عام 2018، ومع تزايد عدد الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، من المرجح أن يزداد هذا النوع من الجرائم.

في عام 2020، كان هناك أكثر من 17 ألف حالة تتعلق بشباب تراوح أعمارهم بين 21 و30 عاماً، بحسب مؤسسة (UK Finance) وهيئة مكافحة الاحتيال بالمملكة المتحدة (Cifas).

وممّا لا شك فيه أن 300 مليون دولار رقم زهيد أمام حجم غسل الأموال عبر منصّات التواصل الاجتماعي عالمياً، لكنه الرقم الموثق حتى الآن وما خفي كان أعظم، ويمكن أن نستشفّ مدى حجم سوق غسل الأموال عبر السوشيال ميديا من خلال بعض القضايا التي حُكم فيها بالفعل، ففي تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2022 سُجن المؤثر راي هاشبوبي (Ray Hushpuppi) الذي لديه أكثر من مليونَي متابع لحسابه على إنستغرام؛ بتهمة غسل أموال بقيمة 300 مليون دولار.

وبحسب المدّعين الفيديراليين الأميركيين فإن الجرائم التي ارتكبها هاشبوبي شملت عمليات احتيال عبر اختراق البريد الإلكتروني التجاري (BEC)، والمساعدة في غسل 14.7 مليون دولار سرقها قراصنة من كوريا الشمالية، والمساعدة في غسل ملايين الجنيهات الإسترلينية المسروقة من شركة بريطانية ونادي كرة قدم محترف في المملكة المتحدة، وإقناع شركة محاماة مقرّها نيويورك بتحويل ما يقرب من 923 ألف دولار إلى حساب إجرامي، والمساعدة في الاحتيال على أحد الأفراد في قطر الذي سعى للحصول على قرض بقيمة 15 مليون دولار لبناء مدرسة.

وفي تركيا خلال آب (أغسطس) 2022، قالت هيئة التحقيق في الجرائم المالية (MASAK) إن نحو 82 مليون دولار (1.5 مليار ليرة تركية) حُوّلت إلى مستخدمي تيك توك في تركيا منذ كانون الثاني (يناير) 2021. وقالت إن الأموال حصل عليها عدد محدود من المستخدمين، بينما استُخدمت بعض الحسابات لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفي الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، ألقت سلطات إنفاذ القانون التركية القبض على المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي ديلان بولات (Dilan Polat) التي لديها أكثر من 6 ملايين متابع على إنستغرام، وزوجها إنجين بولات (Engin Polat)، في مسكن فخم في إسطنبول بتهمة ارتكاب جرائم غسل أموال مزعومة، كما اعتُقل العديد من أفراد الأسرة، بحسب موقع (Sanctions.IO) المتخصّص في تعقب عمليات الاحتيال الإلكتروني.

وأعلنت وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية في وقت لاحق عن تحقيق على مستوى البلاد مع 600 من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي بعد اكتشاف تناقضات بشأن مئات الملايين من الليرات التركية (100 مليون ليرة تعادل نحو 3.5 ملايين دولار).

وأظهرت بيانات وكالة مكافحة الجريمة الوطنية بالمملكة المتحدة (NCA) أن من المرجح للغاية توليد أكثر من 12 مليار جنيه إسترليني (14.9 مليار دولار) من الأموال الإجرامية كل عام في المملكة المتحدة، وفقاً لبحث أجري عام 2020. ومن الممكن واقعياً أن يُغسل أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني (124 مليار دولار) من خلال المملكة المتحدة أو الهياكل المؤسسية المسجلة في المملكة المتحدة وداخلها كل عام.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا