الضمان والمستشفيات: "القلّة بتولّد النقار"!
لم تنتهِ فصول "النقار" بين الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من جهة، والمستشفيات من جهة أخرى، برغم الكثير من محاولات بناء ثقة مستدامة تعزز دورهما المركزي في بنية الأمان الاجتماعي.
البلاد ومعها المؤسسات الضامنة والاستشفائية، لا تزال تعاني القلة وضيق ذات اليد وشحّ السيولة، ولم تخرج بعد، على رغم المعالجات الموضعية والاستثنائية، من تداعيات الانهيار الاقتصادي والمالي، والمطلوب لاستقرار القطاع الصحي أكثر بكثير من الممكن، وكذلك المزيد من التعاون وبناء عوامل الثقة المترجّحة مع المستشفيات.
ومع تزايد شكاوى المضمونين وحصول إشكالات بينهم وبين بعض المستشفيات على خلفية مطالبة الأخيرة بفروق مالية كبيرة، مخالفةً ما تعهد الضمان بتسديده عن الأعمال الطبية، انفجر مجددا الخلاف، وبات تصاعده يهدد بخسارة ما أرسي سابقا من تفاهمات وقواعد تعاون وتفهم لظروف كلا الطرفين. فهل يعالج الضمان المشكلة مع المستشفيات، أم أنها ذاهبة في اتجاه التصعيد؟
المدير العام للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي تحدث إلى "النهار" عن مشروعين، الأول هو الانتقال إلى الأعمال الجراحية المقطوعة بتعرفات عادلة، توازيا مع معالجة موضوع السيولة عبر إعطاء المستشفيات سلفا على الأعمال المقطوعة، بما يعني أنه لا يحق للمستشفيات تقاضي أكثر من 10% من فاتورة المضمون.
وفيما كان الصندوق "يتساهل" مع المستشفيات إبان الحرب، يؤكد كركي أنه "اعتبارا من مطلع السنة الجديدة سنتخذ إجراءات رادعة وصارمة بعدما تبين لنا أن الإنذارات والتواصل المباشر لم تأت بنتيجة. لذا، كلفت الإدارة مصلحة المراقبة الطبية ومصلحة المراقبة الإدارية على المستشفيات إعداد تقارير تفصيلية عن مدى التزام المستشفيات هذه التعرفات، بغية اتخاذ الإجراءات الحازمة في حقها، ولاسيما وقف السلَف المالية وفسخ العقود المبرمة معها، بالإضافة إلى إحالتها على مديرية التفتيش والمراقبة لدرس مدى التزامها التصريح عن أجرائها وأجورهم الحقيقية، اعتبارا من مطلع 2025".
التقارير عن مدى التزام المستشفيات التعرفات، وخصوصا غسيل الكلى والأعمال الجراحية المقطوعة (أكثر من 2500 عمل جراحي مقطوع، منها 290 عملا جراحيا أساسيا، أي ما نسبته 85% من الأعمال الجراحية) بدأت تصل إلى إدارة الضمان، لذا يأمل كركي من المستشفيات "التعاون حتى لا يضطر الصندوق إلى اتخاذ أي إجراء في حقها"، مؤكدا أن "المستشفيات التي لن تتعاون سيفسخ العقد معها وسيتم تحويل المضمونين فيها إلى مستشفيات أخرى تتعاون مع الضمان".
لكن نقيب أصحاب المستشفيات سليمان سليمان هارون على موقفه من التعرفات التي يعتبر أنها دون المطلوب، "ولا تزال بعيدة عما كانت عليه في السابق". ويكشف أن "النقابة راسلت إدارة الضمان قبل نحو شهرين لإعادة النظر فيها، وستحاول التواصل مجددا مع المدير العام للضمان، على الرغم من أنها لم تلقَ الجواب". وفي الانتظار، يؤكد أن "المستشفيات ستلتزم المطلوب منها وتحاول قدر الإمكان التعامل بإيجابية مع الضمان، وفي حال عدم تعديلها فإن المستشفيات ذاهبة نحو الإفلاس".
لائحة الأدوية
في موضوع الدواء، يشير كركي إلى أن "الضمان بدأ باعتماد لوائح وزارة الصحة (5300 دواء) مع إعادة التسعير حسب الحبة الأقل سعرا، على أن يرد الصندوق كما في السابق 80% أو 90% من سعر الأدوية. لقد بدأنا بكل الأدوية المستعصية والمزمنة، علما أن الصندوق، لتسهيل هذا الأمر، بدأ بإعطاء السلَف لكل مكاتب المناطق وخصوصا مع عودة المضمونين إلى تقديم فواتير الأدوية ومعاملاتهم".
وفيما يأمل أن يصار إلى شمول لوائح جديدة من الأدوية، يؤكد أن "توسيع مروحة الأدوية لتشمل كل الأنواع مرتبط بالإيرادات والإمكانات المالية للصندوق"، لافتا إلى أن "إيرادات فرع المرض والأمومة حاليا 200 مليون دولار سنويا، فيما كنا ننفق في الماضي نحو 850 مليون دولار، بما يعني أننا نقبض 20% مما كنا ننفقه. من هنا كان قرار تخصيص هذه الأموال للأولويات، وعندما تتوافر إيرادات جديدة سنوسع المروحة لتشمل تقديمات أكبر".
وما يعوق عودة الضمان إلى سابق عهده، وفق ما يقول كركي، هو أن "الدولة لم ترصد الاعتمادات اللازمة كما فعلت مع وزارة الصحة التي خصصت لها 40 ألف مليار ليرة، وكذلك تعاونية الموظفين التي خصصت لها أكثر من 15 ألف مليار ليرة، في حين أنه لم يدخل صندوق الضمان حتى الآن إلا 1200 مليار ليرة".
وإذ يشير إلى أن مستحقات الضمان على الدولة تناهز الـ5 آلاف مليار ليرة، يلفت إلى أن "الدولة لم تعط الضمان أي مساهمة استثنائية، علما أن ثمة نصا قانونيا يجيز لها تخصيص مساعدة مالية استثنائية للصندوق في حال حصول أي أزمة مالية، ولكن يا للاسف، منذ 5 سنوات لم يخصص للضمان أي مساعدة، حتى إننا لم نتمكن من الحصول على الاعتمادات المرصودة للضمان والتي هي حق طبيعي له".
أما المشكلة الأكبر، فهي في رأيه أن "غالبية المؤسسات والشركات لا تصرح إلا عن الحد الأدنى للأجر لموظفيها، فيما تدفع لهم رواتب مرتفعة، مع الأخذ في الاعتبار أن الضمان فقد أكثر من 100 ألف أجير مع إقفال الكثير من المؤسسات والشركات".
سلوى بعلبكي - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|