سوريا.. اعتقال أبو سفيان الجبلاوي بسبب حفل ديني مثير للجدل (فيديو)
إلغاء السرية المصرفية: طريق عون لاستعادة أموال المودعين؟
أنهى وصول العماد جوزاف عون الفراغ الرئاسي الذي شكَّلَ إحدى العُقَد التي استندت إليها المنظومة الحاكمة بشقّيها السياسي والمصرفي، لعدم إجراء الإصلاحات، ومن ضمنها إعادة هيكلة القطاع المصرفي كخطوة أساسية لإعادة الودائع لأصحابها.
ومع انتفاء حجّة الفراغ الرئاسي، بات من المفترض تحريك الجمود في هذا الملف، خصوصاً أن عون، في خطاب تولّيه الرئاسة، تبَنَّى قضية المودعين وإلزام المصارف بالبقاء تحت سقف القانون. فبأيّ آلية سيحقق الرئيس آماله لهذا الملف؟.
عهد حماية المودعين
أكَّدَ عون أن عهده سيكون عهد "عدم التهاون في حماية أموال المودعين". أما المصارف "ستلتزم تحت سقف الحوكمة والشفافية. ولا حاكم عليها سوى القانون ولا أسرار فيها غير السرّ المهني". وهذا السرّ يحمل في طيّاته تغييراً جذرياً في مسار القطاع المصرفي إذا تمّ اعتماده فعلياً.
تبنّي عون لهذا الملف ضمن الملفّات التي طرحها للعمل عليها خلال عهده، لاقى استحساناً من جمعية المودعين التي اعتبرَ رئيسها حسن مغنية أن "خطاب عون كان جيداً جداً". وتمنّى مغنية في حديث لـ"المدن"، أن لا يكون الخطاب "كخطابات السياسيين الآخرين التي أدّت إلى شطب الودائع والتهرُّب من إعادة الأموال بحجج كثيرة منها انتظار إعادة هيكلة القطاع المصرفي".
ولأن "التجربة في العسكر تختلف عن التجربة في السياسة"، أشار مغنية إلى أن المودعين "سينتظرون الأفعال وليس الأقوال". وأولى الأفعال هي "عدم تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة. فهو رجل المصارف وكل الخطط التي وضعها مع حكومته، كانت لإعدام الودائع وليس إعادتها".
بين السرية المصرفية والسرية المهنية
تطرُّق عون إلى قضية المودعين والمصارف وحديثه بالتوازي عن الإصلاحات الإدارية ومكافحة الفساد، تشكِّل بالنسبة للرئيس السابق للجنة المودعين في نقابة المحامين والأستاذ المحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة، المحامي كريم ضاهر "مدماك التغيير والإصلاحات". وما لَفَتَ نَظَر ضاهر، هو حديث عون عن "السرّ المهني" في القطاع المصرفي خلال المرحلة الإصلاحية المنتظرة.
السرّ المهني هو أحد الجوانب الإصلاحية التي يجب قوننتها وإدخالها إلى القطاع المصرفي كبديل عن السرية المصرفية. وهذا الاستبدال "يعني التحوُّل من حماية المخالفين من خلال قانون السرية المصرفية إلى رقابة السلطات القضائية والإدارية من خلال السرية المهنية". ويوضح ضاهر في حديث لـ"المدن"، أن اعتماد السرية المهنية "لا يعني كشف الحسابات المصرفية أمام الجميع، بل يعني تمكُّن السلطات المهنية المختصة في الدولة من الكشف عن الحساب قانونياً. ولا يمكن لأي أحد الاطّلاع على الحساب، حتى وإن كان من وَرَثة صاحبه".
ويلفت ضاهر النظر إلى أن السرية المهنية "اعتمدت في سويسرا منذ العام 2009 بعد معركة كبيرة للانتقال من السرية المصرفية. وفي لوكسمبورغ تم الانتقال تدريجياً منذ نهاية التسعينيات حتى العام 2010".
خطوات استثنائية
تركيبة الحكم في لبنان تعتمد على فصل السلطات، لكن أرباب المصارف تجمع في سطوتها السيطرة على السلطات في البلاد، وبالتالي، إذا اختار رئيس الجمهورية الاعتماد على "اللعبة التقليدية للتغيير والدخول في النفق المظلم للسجالات بين مجلسيّ النواب والوزراء، فيعني أن الرئيس لن يخرج من النفق".
وبالتالي، يستدعي التغيير تبديلاً في الآليات، ولا يعني ذلك استبدال فصل السلطات بجمعِها، بل يقترح ضاهر "تسليم القوى السياسية بأن يكون للحكومة المقبلة صلاحيات استثنائية للتشريع تمتد من وقت تشكيل الحكومة حتى الانتخابات النيابية المقبلة في العام 2026". ويستند طلب التشريع الاستثنائي إلى أن "هذه الحكومة مطلوب منها مواكبة عملية إعادة الإعمار واستقطاب التمويل العربي والدولي وإحداث تغيير حقيقي في الداخل والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وبالتالي على القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب الرضوخ لهذ الواقع أو تحمُّل مسؤولية المرحلة المقبلة".
ويعوِّل ضاهر على قبول القوى السياسية بهذا التنازل التشريعي، سيّما وأن الحكومة الجديدة "لا بدّ لها من اتخاذ بعض القرارات غير الشعبوية، خصوصاً لجهة تقليص حجم القطاع العام عبر إعادة هيكلته، وإعادة هيكلة المالية العامة، ما يستدعي فرض بعض الضرائب والرسوم. كما إعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي يستتبع قول الحقيقة حيال الودائع، وتشمل الحقيقة الاعتراف بأنه بالكاد ستعود بعض أصول الودائع وليس إعادتها مع فوائدها ومكاسبها. وهذا ما قد لا تحبّذ القوى السياسية تحمّل مسؤوليته بشكل علني، بل قد تفضِّل إلقاءه على عاتق الحكومة طالما أنه قد يؤثِّر على مزاج الناخبين قبل الانتخابات النيابية. لكن رغم ذلك، يستفيد البلد من الخطوة الأولى باتجاه الإصلاح".
وإذا أتت الحكومة المقبلة بنهج إصلاحي يتماشى مع مسعى عون، سيعطي ذلك تفاؤلاً للمجتمع الدولي الذي قد يضغط باتجاه تسريع إنهاء أزمة القطاع المصرفي واحتجاز الودائع، وذلك عن طريق "أولاً، ترتيب المسؤوليات لجهة تحمُّل كل مسؤول في أي مصرف، مسؤولية الأخطاء من ذمّته المالية الخاصة، وهذا أمر مكفول بقانون النقد والتسليف. وثانياً، تحميل المسؤولية لأصحاب الأموال الفاسدة وغير المشروعة وغير المبَرَّرة. وثالثاً، إلغاء الفوائد الفاحشة... والأهم في هذا المسار، عدم الاقتراب من أصول الدولة لحلّ أزمة القطاع المصرفي، لأن هذه الأصول ملك الأجيال القادمة. ومع تحديد المسؤوليات وتنشيط الاقتصاد، يمكن ردّ الأموال".
الفرصة متاحة اليوم لإمكانية التغيير وتنشيط الاقتصاد وجذب الاستثمارات والودائع، ما يسهِّل ويسرِّع حلّ مشكلة المصارف واحتجاز الودائع. لكن إذا بقيَ موقف القوى السياسية وأهل القطاع المصرفي على حاله، وأتت الحكومة الجديدة كنسخة ثانية عن المجلس النيابي الراهن وعن الحكومات المُجَرَّبة مسبقاً، فإن الإصلاح لن يولَد، وتالياً تبقى أزمة الودائع على حالها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|