محليات

الوزارة ليست "تراند"؟!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ تاريخ الحراك الشعبي في العام 2019، باتت عمليات تشكيل الحكومة، بالإضافة إلى تأثير القوى السياسية والكتل النيابية، تخضع لتأثير الحملات التي تنشط على مواقع التواصل الإجتماعي، التي تؤثر، بشكل أو بآخر، على بعض الأفرقاء، كما تؤثر على المواطنين، وتلعب دوراً في حسم بعض التوجهات.

هذه الحالة، ليست جديدة على الحياة السياسية في لبنان، بل كانت وسائل الإعلام التقليدية، في الماضي، تلعب دوراً فيها، من خلال التسويق لبعض الأسماء، بناء على طلبها في معظم الأحيان.

في هذا الإطار، من الممكن الإشارة إلى "التراند" السائد، في السنوات الماضية، أي فكرة الذهاب إلى "التكنوقراط" عند تشكيل أي حكومة، الأمر الذي يعود، بالدرجة الأولى، إلى حالة "القرف" من القوى السياسية، على إعتبار أنها المسؤولة عن الواقع الذي وصلت إليه البلاد، وهو أمر إيجابي لكنه يتطلب ما هو أبعد منه، لأن الوزارة ليست عبارة عن "تراند".

إنطلاقاً من ذلك، تُطرح بعض المعايير، بالنسبة إلى إختيار الوزراء، كمثل رياضي لوزارة الشباب والرياضة، أو ضابط لوزارتي الدفاع والداخلية والبلديات، أو طبيب لوزارة الصحة العامة، أو إعلامي لوزارة الإعلام، أو دبلوماسي لوزارة الخارجية والمغتربين، على أساس أن هذا هو الحل السحري لمشاكل الوزارات.

تنص المادة 66 من الدستور على: "يتولى الوزارة إدارة مصالح الدولة ويناط بهم تطبيق الأنظمة والقوانين كل بما يتعلق بالأمور العائدة إلى إدارته وما خص به". وبالتالي الدور الأبرز الذي يقوم به الوزير هو إداري، ما يدفع إلى طرح سؤال جوهري، ماذا لو تم إختيار، حسب الأمثلة المطروحة، رياضياً نجح في تحقيق إنجازات في مسيرته الرياضية، لتولي وزارة الشباب والرياضة، لكنه ليس على معرفة كبيرة بعلوم الإدارة، فهل من المتوقع أن ينجح في مهمته الوزارية؟.

بالإضافة إلى دوره الإداري، يلعب الوزير، بحسب الدستور أيضاً، دوراً لا يقل أهمية على المستوى السياسي، خصوصاً أن الوزراء، حيث أن المادة 65 من الدستور تشير إلى أن السلطة الإجرائية تناط بمجلس الوزراء، الذي يتولى مجموعة من الصلاحيات، أبرزها: وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، السهر على تنفيذ القوانين والأنظمة، تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون...

كما تلفت المادة نفسها إلى دور الوزراء في المواضيع الأساسية، التي يتخذ فيها القرار بناء على موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة، منها: تعديل الدستور، إعلان حالة الطوارئ وإلغاءها، الحرب والسلم، الإتفاقات والمعاهدات الدولية، قانون الإنتخابات، قانون الجنسية... ما يدفع إلى السؤال عما إذا كان المعيار، الذي يمثل "التراند" الحالي، سيسمح بإختيار وزراء باستطاعتهم تحمل مسؤولية إتخاذ هكذا قرارات، فيما لو كانت مطروحة على طاولة مجلس الوزراء؟.

أبعد من ذلك، طالما أن الدستور ينص بشكل لا لبس فيه على دور الوزير الإداري، قد يكون من المفيد الذهاب بعيداً في مفهوم الإدارة الحديثة، حيث لم يعد من المطلوب، على سبيل المثال، أن يكون مدير المستشفى طبيباً، بل بات هناك إختصاصاً منفصلاً يتعلق بإدارة المستشفيات أو المؤسسات الصحية، فهو ليس الشخص الذي عليه مسؤولية إجراء عملية جراحية لمريض، على سبيل المثال، الأمر الذي ينطبق حكماً على وظيفة الوزير، من الناحية الإدارية، التي هي أبعد من ذلك.

في المحصلة، معرفة الوزير بشؤون وزارته من الامور الضرورية، لكن ذلك لا يجب أن يقوم على أساس فكرة "التراند"، خصوصاً بالنسبة إلى الأسماء ومعايير الإختيار، على إعتبار أن الأمور أعقد من ذلك بكثير.

ماهر الخطيب-النشرة

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا