طار الإتفاق… بوادر أزمة حكم في الأفق؟
على الرغم من الأجواء السلبية التي ظهرت مساء أمس، فإن الرهان ما يزال على أن الحكومة الجديدة برئاسة القاضي نواف سلام، ستبصر النور في موعد أقصاه مطلع الأسبوع المقبل وأقربه أواخر الأسبوع الجاري، بناءً على نظرية مفادها بأن الحكومة الجديدة لا بدّ أن يتم استيلادها، ولو قيصرياً، قبل إتمام العدو الإسرائيلي إنسحابه من الجنوب يوم الأحد المقبل في 27 الجاري، تطبيقاً لاتفاق وقف الأعمال العدائية، على الرغم من أن لا رابط تقنياً بين المسألتين، حيث يكثر الكلام حول احتمال أن يقوم العدو بالمماطلة وعدم الإنسحاب في الموعد المحدد، فهل ينسحب ذلك مبرراً لإطالة أمد التأليف؟ أيضاً يتردد أن الحكومة لا بدّ أن تولد قبل الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية جوزاف عون إلى السعودية والتي سيفتتحها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي يزور بيروت خلال الأيام المقبلة لتوجيه الدعوة رسمياً. ويخطط لأن يوقع الجانبين اللبناني والسعودي لأكثر من 20 إتفاقية، أي أن شرط الزيارة أن تتوفر حكومة كاملة الصلاحيات.
على أي حال، وفيما يتردّد أن رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام وضع تصوره للأوزان والحقائب بشأن حكومته، بقي الخلاف قائماً حول الأحجام، وما تمّ التوصل إليه من تفاهمات خلال الأيام الماضية يبدو أنه سقط، على ما يبدو نتيجة لتدخلات خارجية لا تبدو "اللجنة الخماسية" بعيدة عنها، بعدما تحولت أخيراً إلى ناظر يراقب عملية تشكيل الحكومة ويتدخل بها من خلال التأثير على مجموعة من النواب، وهؤلاء يتولون بشكل واضح، شنّ مستويات من الضغوطات على الرئيس المكلف، سواء بشكل مباشر عبر التواصل معه أو غير مباشر من خلال استخدام وسائل الإعلام.
وطوال نهار أمس حيث كان الظنّ والإفتراضات تميل إلى كون الرئيس سلام حلحل مجموعة كبيرة من العقد وهو في طريقه إلى القصر الجمهوري لإطلاع رئيس الجمهورية جوزاف عون على تصوره الأولي بشأن الصيغة، صدم سلام الجميع ليلاً بتراجعه عن نتائج بعض اللقاءات التي عقدها لا سيما مع "الثنائي الشيعي"، موحياً أنه لم يكن مرتاحاً خلالها أو أنه لم يقدم إلتزامات معينة.
وقد ابلغ إلى رئيس الجمهورية، بحسب المعلومات، أن التصور الذي هو في صدده قد يتأخر بضعة أيام، من دون إغفال أنه وضع رئيس الجمهورية في صورة ما توصل إليه في شأن التركبية الحكومية. ويبدو واضحاً أن الرئيس عون الذي يصرّ على إنتاج الحكومة في غضون أيام قليلة، أي قبل زيارة الموفد السعودي تحديداً، يتمنى على سلام الإسراع في التأليف وعدم الدخول في مسار "بيروقراطي" مزعج يأخذ في طريقه الزخم الناجم عن إنتخاب رئيس للجمهورية.
عملياً ما حصل خلال الأيام الماضية، أن شُنّ هجوم واسع وكبير ومركز على سلام من قبل جهات معارضة لا يبدو أنها بعيدة عنه، بعد تسريب معلومات اتضح أنها مؤكدة، توحي بأنه توصل لاتفاق مع ثنائي "أمل" – "حزب الله"،حول شكل ووضعية وتمثيلهم في الحكومة، لا سيّما ما تسرّب حول اتفاقه معهم على أن تؤول حقيبة المال إليهم، وهو ما تنصّل منه سلام أمس من على منبر قصر بعبدا مؤكداً تراجعه وبأنه لم يعد أحد بأي حقيبة. سبق ذلك هجوم كثيف وكبير على أصل فكرة منح "الثنائي الشيعي" حقيبة المالية مرة أخرى وقبوله تجييرها لمصلحة النائب السابق ياسين جابر الذي طاله جزء كبير من الهجوم، وقد تبيّن لاحقاً أن سلام خضع للضغوطات التي أخذته إلى نفض يديه من أي تفاهم، ما أعاد الأمور أياماً للوراء.
ظهور سلام بشكل أوحى بأنه يوجه رسائله تحديداً صوب فريق معين، أثار حفيظة الفريق الشيعي تحديداً الذي قرأ بين سطور بعض مواقف سلام من منبر قصر بعبدا أنها موجهة نحوه، وبالتالي ثمة شعور مستجد لديهم في احتمال التراجع مرة أخرى عما اتُفق عليه، وهذا يؤكد بأن شؤون تأليف الحكومة تجاوزت اللعبة الداخلية وأتجهت نحو الخارج. إزاء ذلك قالت مصادر قريبة من الثنائي لـ"ليبانون ديبايت" أنها تفترض من كلام سلام في بعبدا أنه "نعي للاتفاق معها حول تأليف الحكومة"، رغم ذلك "لن نستعجل في الحكم وستنتظر سماع موقفه في اللقاء المرتقب بيننا"، ولو أنها غمزت من زاوية عدم رغبة أي طرف داخلي في تكرار "فترة تكليف السفير مصطفى أديب".
على أي حال سيعيد الرئيس سلام تجميع قواه وسيدخل في ورشة نقاشات جديدة مع القوى السياسية لا سيما الثنائي الشيعي، وسيسعى إلى ملائمة متطلبات رئاسة الجمهورية بالعمل على إنتاج حكومة سريعة قبل زيارة الموفد السعودي وأيضاً الإنسحاب الإسرائيلي، وبالتالي قد نصبح أمام احتمال أن يقدم سلام تشكيلةً حكومية وفق رؤيته الخاصة كأمر واقع ومن خارج الإتفاق الكلي مع القوى النيابية بعدما اعتبر أنه ليس شرطاً للكتل التي تتألف من ٤ أو ٥ نواب أن تدخل الحكومة، ما قد يضع العهد الجديد وسيده جوزاف عون في مأزق فعلي مع ما يلوح في الأفق من أزمة حكم باتت على المحك.
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|