الصحافة

هل يقع “انقلاب” سلام في فخّ المنظومة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يخطئ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في قوله إنّه لا يرى “حتى الآن في تشكيل الحكومة استنساخاً لحكومات سابقة، لكن يجب أن ننتظر ونرى”. إذ كلّ ما يتسرب من خُرم اللقاءات العلنية، وغير العلنية، المعنيّة بالتأليف، يشي بأنّ رئيس الحكومة المكلّف نوّاف سلام يُستدرج للسقوط بين يدَي المنظومة السياسية، التي تسعى جاهدة إلى تكريس شروطها المتوارثة منذ “عقود الطائف”. فهل يستطيع الصمود أمام هذه الضغوط؟ أم يتمرّد عليها ليتحصّن بالزخم الدولي والمحلّي الذي أتى به رئيساً مكلّفاً ليفرض قواعده الجديدة؟

 حتّى أطلّ سلام من على منبر القصر الجمهوري في بعبدا، كانت الأجواء المنبثقة من اللقاءات التشاورية مع الكتل النيابية، وتحديداً مع الثنائي الشيعي تظهر أنّ مسار التأليف الحكومي لم يخرج عن المألوف. أن تكون الحكومة محكومة بثقة البرلمان، فهذا يعني أنّ رئيس الحكومة المكلّف مضطرّ إلى الوقوف عند رأي الكتل النيابية المؤلِّفة للبرلمان. ولهذه الأخيرة شروطها واعتباراتها.

في أوّل إطلالة له بعد إجراء الجولة الأولى من استشارات التأليف، التي يفترض أنّها انتهت إلى وضع تصوّر أوّليّ لحكومته العتيدة هو أشبه بهيكليّة لا تتضمّن الأسماء أو الاقتراحات، حرص سلام على وضع ثلاث مسلّمات:

–  هو ليس بساعي بريد يتلقّى طلبات القوى السياسية فيركّب “بازل” حكومته على قياس مطالب الكتل البرلمانية. إذ قال: “هناك آليّة ومسؤوليّتي تشكيل الحكومة وأنا على تواصل مع الكتل وأن أتداول وأتشاور معها، لكنّني أنا من يشكّلها ولست LibanPost”.

–  يرفض منطق المحاصصة الذي استعانت به المنظومة بأكملها طوال عقود في مسار تأليف الحكومات. وهذا ما دلّ عليه ميقاتي في حديثه. وهو ما يعني أنّ تبديل الوجوه في رئاسة الحكومة لن يغيّر في المضمون إذا لم تُكسر القواعد السائدة. وقال سلام: “أكرّر أنّني ضدّ المحاصصة ومتمسّك بالشراكة الوطنية التي تقوم على الكفاءة والنزاهة والاستجابة لتطلّعات المواطنين”.

–  الأهمّ من كلّ ما سبق هو حقيبة المال التي فتح تركُها في أحضان الثنائي “بازارَ” القوى السياسية لوضع مطالبها، بشكل “فجّ”، على الطاولة: إمّا نأخذ ما نريد وإمّا لا حكومة. إذ على الرغم من كلّ ما قيل عن ليونة أبداها سلام في تكريس احتفاظ الثنائي بالحقيبة، قال يومها أمام الإعلاميين إنّ “وزارة المالية ليست حكراً على طائفة معيّنة، ولا تُمنع عن طوائف أخرى”. وهذا ما يقود إلى سؤال متفرّع إلى ثلاث علامات استفهام: هل بالغ الثنائي في فهمه لليونة رئيس الحكومة المكلّف؟ أم تراجع الأخير عن تعهّده؟ أم هو تكتيك لتفكيك ألغام طلبات القوى السياسية التي زُرعت في طريقه؟

لا مؤيّدين لعون وسلام

في استعادة سريعة لشريط المواقف السياسية، مِن كلّ من رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، يتبيّن أنّ معظم الكتل النيابية لم تؤيّد أيّاً منهما، بمعنى أنّها لم تتحمّس لأيّ منهما. كلا الرئيسين فُرض بقوّة عاصفة التغيير الدولية التي هبّت على لبنان، ولم يكونا نتاج توافق داخلي. وذلك ليس عن عبث، بل لأنّ معظم هذه الكتل يرفض هذا التغيير الذي يؤمل أن يكسر الأعراف المعمول بها والتي تسهم في إنتاج هذه الطبقة مرّة تلو أخرى.

بهذا المعنى، تتقاطع هذه الكتل، وإن اختلفت، عند أسلوب العمل نفسه حين يتّصل الأمر بمصالحها. فحتّى لو اعترضت المعارضة على إسناد حقيبة المال للثنائي، فهي تضحك في عبّها، لأنّ هذا التكريس سيعطيها الحقّ في المطالبة بما تريده من حقائب وأسماء. إنّه العود على بدء.

 

هنا، يتردّد أنّ سلام مدرك لمخاطر هذه الحلقة المقفلة التي ستقحمه فيها الطبقة السياسية برمّتها، لتجعل منه نسخة غير جديدة من رؤساء الحكومات الذين سبقوه إلى السراي. ويقال إنّ الرجل كان يفضّل تأليف حكومة “من خارج الصندوق”، بمعنى أن تحترم التوزيع الطائفي والمناطقي ولا تأتي بوجوه مستفزّة للطبقة السياسية، لكن لا تأتي بالمقابل بموظّفين لدى الطبقة السياسية.

يعرف سلام أنّه في نهاية المطاف سيقف أمام البرلمان طالباً الثقة من كتل نيابية، قرر التمرّد عليها، وعدم الخضوع لمشيئتها. ويفضّل أن يحمّل هذه الكتل مسؤولية عدم منح حكومته الثقة على مجاراتها في مشروع إطباق المنظومة على حكومته، فيطير كلّ الدعم الدولي المستعدّ لمواكبته في عمله، تحت عنوان إعادة الإعمار وفتح باب الاستثمارات الأجنبية. فهل يقع الانقلاب الذي أتى بجوزف عون ونوّاف سلام في فخّ المنظومة؟

آخر المعطيات

حتى الآن، تبدو مشاورات التأليف محفوفة بالتعقيدات والمصاعب، ولا توحي بأنّها قد تعالج خلال الأيام القليلة المقبلة. بالتفصيل تشير المعطيات إلى الآتي:

– رغم سعي الرئيس سلام إلى التخفيف من وطأة “الدلال” الذي يمارسه الثنائي في مطالبه، فإنّ العارفين يؤكّدون أنّ تفاهماً حصل بين الرئيس المكلف والثنائي حول توزيع الحقائب المخصصة للطائفة الشيعية، ومن ضمنها بطبيعة الحال حقيبة المال. إلا أنّ الاعتراض الذي يسجله كل من عون وسلام هو على موعد تسليم الأسماء كونهما يريدان من الثنائي تسليم الأسماء خلال أيام فيما يميل الثنائي إلى تركها “مستورة” حتى الساعة الأخيرة التي تسبق ولادة الحكومة.

– لا تزال العقدة الأصعب على الضفة المسيحية نظراً لتخمة المطالب، فـ”القوات” تطالب بأربعة حقائب، وتريدها دسمة، فيما “التيار الوطني الحر” يريد 3 حقائب، ومعروض عليه واحدة فقط، كذلك سيكون للكتائب حقيبة. أمّا رئيس الجمهورية فيركز في مشاوراته على ثلاثة حقائب سيادية: الدفاع، الداخلية (من الحصة السنّية)، والخارجية.

– وحدها الكوتا الدرزية حُسمت بحقيبتين.

– لا تزال الحصّة السنّية قيد النقاش، فيما يتردّد أنّ سلام يريد تسمية طارق متري نائباً لرئيس الحكومة ولكن من دون حقيبة.

كلير شكر -اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا