الصحافة

بن فرحان يستكمل “المومنتوم” الدّوليّ... المالية لم تحسم للشيعة بعد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

جوزفين ديب - اساس ميديا
ما إن مرّت ساعات على كلام الرئيس المكلّف نوّاف سلام من قصر بعبدا، الذي قال فيه إنّه ليس “ليبان بوست”، وإنّه سيشكّل بطريقة جديدة، حتّى بدأت الرسائل تتوالى تباعاً، وأهمّها ما جاء على لسان الرئيس نبيه بري في حديث لـ”أساس” أمس عن حقيقة روحيّة اتّفاق الطائف وتكريسه حقيبة المال للطائفة الشيعية.

قرأ المعنيّون بملفّ التأليف هذه الرسائل في محاولة لاستيعاب ردّة الفعل، لكن ليس على حساب مهمّة رئيس الحكومة… وعلى هذا التقاطع وصل وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان إلى بيروت، وفي جعبته سلّة ضخمة من الاتّفاقات التي تنتظر رئيس الجمهورية حين يزور الرياض، لكنّها بالتأكيد تشترط وجود حكومة بمواصفات “الخماسيّة”.

إذاً تأتي هذه الزيارة السعودية تثبيتاً “لمومنتوم” سياسي بدأ بانتخاب عون، فهل يُستكمل بتأليف حكومة؟

في الساعات الماضية كان الملفّ الحكومي العنوان الأوّل ليس فقط في الساحة الداخلية بل على طاولة اللجنةِ الخماسية أيضاً. وهذا ما سيظهر تباعاً في المرحلة المقبلة تزامناً مع استكمال نوّاف سلام مهمّته بتصميم، بعيداً عن التفكير بالاعتذار.

برّي يصعّد

بين توقيت كلام الرئيس بري عن مقرّرات الطائف وشيعيّة حقيبة المال، وبين اجتماع اللجنة الخماسية في دارة السفير المصري، اشتباك مستتر. فالرئيس برّي تلقّى إشارات “الخماسيّة” وأجاب عليها بالطائف وبالشرعيّة، و”الخماسيّة” وجدت في دفع القوى السياسية باتّجاه حكومة محاصصة، مناسبةً لتتدخّل.

وَفقَ مصادرَ دبلوماسية لـ”أساس”، فإنّ المسار الجديد الذي دخله لبنان منذ انتخابِ رئيس للجمهورية يفرض على الحكومة أن تكونَ خارجَ منطقِ المحاصصة السياسية التي اعتادتها القوى السياسيةُ في لبنان. وتتحدّث المصادر الدبلوماسية عن ضرورة ألَّا يستعجل الرئيسُ المكلّف في تشكيل الحكومة مقابلَ تشكيلِها بما يتلاءمُ مع بيان القسم، من دون الخضوع لشروطِ القوى كافّة، على أن يكون ذلك بمواكَبة الخماسيّة تماماً كما واكبت انتخاباتِ الرئاسة وتكليفَ رئيسِ الحكومة.

يعبّر موقف الخماسية هذا بطبيعة الحال أوّلاً عن الثنائي واشنطن والرياض اللذين يدفعان باتّجاه انتقال سلمي للبلاد إلى مرحلة أخرى وتموضع آخر، فبرز الجوّ الدولي الإقليمي القائم على أنّ دعم الحكومة المقبلة سيكون مشروطاً بعدم “تفخيخها” داخليّاً ومراعاتها لـ”مواصفات” الخماسيّة.

نوّاف سلام: لن أعتذر

تقول مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة المكلّف نوّاف سلام إنَّ ما قاله بعد لقائه رئيسَ الجمهورية جوزف عون أدلى به  في اجتماعه معه. وقالت مصادرُ اللقاء إنَّ الرجلين تَفاهما على مسار التشكيل، ولا سيّما أنّ رئيسَ الجمهورية يعرب عن احترامه الدستورَ وصلاحيّاتِ رئيسِ الحكومة المكلّف تشكيلَ الحكومة. وقالت المصادرُ إنّه لا خلافَ بين الرجلين، وإنّهما متّفقانِ على اتِّباع نهجٍ جديد في تشكيلِ الحكومة، مختلِفٍ عن السابق.

تحدّثتِ المعلوماتُ عن أنّ سلام سيتّجهُ إلى الطلب من القوى السياسية التواضعَ في مطالبها لأنَّ الحكومةَ لا تحتملُ حجمَ هذه المطالب. وعليه سيذهب الرئيسُ المكلّف باتّجاه تشكيلِ حكومةِ كفاءات لا تستفزُّ السياسيّين على أن تكونَ مستقلّةً عن الأحزاب إلى حدٍّ كبير. فسلام لا يمكن أن يتعامل مع الثنائي الشيعي بشكل مختلف عن تعامله مع القوى السياسية كافّة، ولذا إذا سمح للثنائي أن يشترط فسيكون عليه أن يسمح لكلّ القوى أن تشترط أيضاً.

أمّا عن الحقائب الوزارية الشيعية، فتقول مصادر مقرّبة من سلام إنّ تعيينَ وزيرٍ شيعيّ من خارج الثنائي مطروحٌ على طاولة الرئيس المكلّف، وإنّ وزارة المال ليست محسومة بعد للشيعة، وإذا حسمها سلام لشيعيّ فسيختاره وفق قناعاته.

تضيف المصادر أنّ سلام يحظى بحاضنة عربية، وليس في وارد الاعتذار مهما اشتدّت  الحملات عليه. ولكنّه في المقابل لا يسعى إلى المواجهة بل إلى تأليف حكومة إنتاج حقيقي خالية من أدوات التعطيل السابقة.

بن فرحان في بيروت

تزامناً مع هذا الاشتباك الحكومي السياسي، وصل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى بيروت أمس. تقول مصادر دبلوماسية إنّ هذه الزيارة تتوّج جهود الرياض في اللجنة الخماسية، لكنّها تفتتح عهداً جديداً يدخله لبنان بالعنوان السياسي.

هذه المرّة لن تتبع الرياض السياسة نفسها كالعهود السابقة في معاينة الملفّات اللبنانية. لن تكون حاضرة بالواسطة، بل ستكون حاضرة مباشرة. في ملفّ إعادة الإعمار لا وسطاء ولا مجالس ولا صناديق، بل شركات خاصة تموّل مشاريع للإعمار. في مجالات التعاون سبق أن جهّزت المملكة اتّفاقات تعاون مع وزارة الاقتصاد عبر المدير العامّ للوزارة محمد أبو حيدر. وتغطّي هذه الاتّفاقات بين البلدين مُختلف القطاعات في مجالَي الاقتصاد والتّنمية.

يقول أبو حيدر للـmtv: “تشملُ هذه الاتّفاقات تفاهمات على التّعاون التّجاري، ومجال المعارض، والمواصفات اللبنانيّة والسعوديّة للبضائع، ومجال العمل، والمجال الصناعي، والاستثمار، ومجالات البيئة، والدفاع والتّعاون العسكريّ، والطيران المدني، ومكافحة الإرهاب وتمويله، وتجنّب الازدواج الضريبي، ومنع التهرّب الضريبي، والمجال الجمركي، والمجال القضائي، والمسائل الجنائيّة، والدفاع المدني، والنقل البرّي، والنقل البحري، والإسكان، والثقافة، والتّعاون العلمي والتعليمي، والمجال الإعلامي، وحماية المُستهلك، والحبوب، وحماية الملكيّة الفكريّة، بالإضافة إلى تفاهم بين المركزي اللبنانيّ ومؤسّسة النقد العربي السعودي”.

كشف أبو حيدر بالأرقام أنّ “لبنان كان يُصدِّر إلى السعودية حوالي عشرة في المئة من مجمل صادراته إلى العالم، والحجمُ التجاري السنوي بين البلدين كان يُقارب 618 مليون دولار. والسّعودية لطالما كانت تُعتبر من أكبر الأسواق التجاريّة للبنان في مجال الصّادرات. ولذا “توقيع الاتّفاقات والإعلان عنها سيُشكّلان جرعة ثقة كبيرة للبنان، وسيُعطيان زخماً كبيراً للاقتصاد من خلال جذب استثمارات خارجيّة لأنّ السعوديّة هي مدخلٌ وممرٌّ اقتصادي نحو مختلف البلدان العربيّة والأجنبيّة”.

تقول مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ هذه الاتّفاقات التي يسهل على مفاعيلها إنعاش الاقتصاد مرتبطة حتماً بتشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة المجتمع الدولي. وكي تحظى الحكومة بهذا الدعم سيكون على القوى اللبنانية أن تتواضع وتدرك أنّ زمن التحكّم بمفاصل القرار والسلطة في البلد قد ولّى، فإمّا تكون شريكة في نهوض البلد، وإمّا تقود البلد إلى مواجهة داخلية سيخرج منطق الدولة منها رابحاً وحيداً.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا