في اليوم الدولي للتعليم "اليونيسكو" تنادي بالحفاظ على التدخل البشري في عصر الذكاء الاصطناعي
يمنى المقداد - الديار
في الرابع والعشرين من كانون الثاني من كلّ عام، يحتفي العالم باليوم الدولي للتعليم، الذي ينظّم هذا العام، تحت شعار "الذكاء الاصطناعي والتعليم: الحفاظ على التدخلات البشرية في عالم يسوده التشغيل الآلي"، وذلك من أجل التفكير في قدرة التعليم على تمكين الأفراد والمجتمعات من التعامل مع التقدّم التكنولوجي وفهمه والتأثير فيه، بحسب موقع "اليونيسكو".
وبالتركيز على شعار اليوم الدولي للتعليم هذا العام، يلفت التحذير الذي تطلقه المنظمة، للحفاظ على التدخلات البشرية في عصر التشغيل الآلي كما يوصف، وهذا القلق يتداعى، لا سيّما في ظلّ وجود تأثيرات سلبية للذكاء الاصطناعي على حياة الإنسان العاطفية والعلائقية والتعليمية والمهنية وسواها.
وفي الذكاء الاصطناعي نتحدّث عن تقنية تستخدم في كلّ القطاعات، ومنها قطاع التربية والتعليم، فما هي أوجه استخدامها في قطاع التعليم تحديدا؟
الـ "Ai" في التعليم
حول ترجمة الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، أشار الباحث التربوي الدكتور ماجد جابر لـ "الديار"، إلى أنّه فرع من علوم الكمبيوتر، يهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على محاكاة وظائف العقل البشري، مثل التعلّم واتخاذ القرارات وحلّ المشكلات، وفي التعليم يمكن تعريفه على أنه استخدام الأنظمة والتقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي(AI) ، لتحسين عمليات التعليم والتعلّم، وتوفير أدوات مبتكرة للمساعدة في إدارة الفصول الدراسية، وتعزيز تجربة الطلاب والمعلمين على حد سواء، وهذا يشمل مجموعة واسعة من التطبيقات والتقنيات التي تسهم في تسريع وتحسين مختلف جوانب العملية التعليمية، مثل التعلم التكيّفي الذي يخصّص المحتوى بناءً على احتياجات الطلاب، وتحليل بيانات أدائهم لدعم قرارات المعلمين. كما يشمل التعليم الشخصي باستخدام الروبوتات التعليمية والأدوات التفاعلية، بالإضافة إلى التقييم الذكي الذي يوفر تغذية راجعة دقيقة وفورية.
وتابع: "يمكن للمعلمين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تخصيص المناهج، التقييم التلقائي، وتحسين إدارة الفصول الدراسية، بالإضافة إلى تقديم دعم مستمر للطلاب عبر المساعدات الرقمية. والهدف الأساسي من دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم هو زيادة الفعالية والكفاءة عبر تعليم مخصص وتفاعل شخصي، مما يساهم في تحسين نتائج الطلاب والمعلمين".
فوائد استخدام الذكاء
الاصطناعي في التعليم
رغم الفجوة بين مبتكري التكنولوجيا ومنها الذكاء الإصطناعي، وبين مستخدميها، ما قد يؤثّر لناحية عدم الاستفادة المرجوة منها، أو لناحية استخدامها بشكل سلبي، فإنّ الذكاء الاصطناعي يحمل فوائد غير محدودة.
وفي التعليم، شرح جابر الفوائد التي تساهم في تحسين جودة العملية التعليمية، من أبرزها "التعلّم المخصّص والمرن"، حيث يُمكنه تكييف المحتوى الدراسي، ليتناسب مع احتياجات كلّ طالب. كما يعزز تجربة المعلّم من خلال أدوات التقييم الذكيّة، التي توفر تقارير دقيقة وتحسن من إدارة الأعمال الروتينية. ويحسن التقييم من خلال التقييم الفوري والشخصي للطلاب. ويعزّز تجربة التعليم عن بُعد، والوصول إلى التعليم في المناطق النائية. كما يتيح دعمًا كبيرًا للطلاب ذوي الإحتياجات الخاصة باستخدام تقنيات مساعدة.
وتابع: "ويعزّز أيضًا التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلاب، ويوفر وقتًا للمعلمين لتحسين الكفاءة، ويساهم في التقييم المستمر وتحفيز التعلم الذاتي، ويساعد في تحضير الطلاب لميدان العمل، من خلال تعليم المهارات المستقبلية، مثل البرمجة والذكاء الاصطناعي. ويعد أداة قوية لتحسين التعليم وجعل العملية التعليمية أكثر شمولية وفعالية".
واقع تحديات استخدام الذكاء
الاصطناعي في التعليم في لبنان
للحديث في لبنان حول الذكاء الإصطناعي بعد آخر متأخر للأسف، لا سيّما في ظلّ تهالك البنية التحتية التعليمية على أكثر من صعيد، رغم وجود تجارب رائدة في إدخال التكنولوجيا إلى التعليم في لبنان، لكنّها تقتصرعلى المؤسسات التربوية النخبوية إن صحّ التوصيف.
وحول التحدّيات، أكّد جابر أنّ "استخدام الذكاء الإصطناعي في لبنان، يواجه العديد من التحديات نتيجة للظروف التكنولوجية، الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، من أبرزها: ضعف البنية التحتية التكنولوجية، حيث يعاني لبنان من مشاكل في الاتصال بالإنترنت ونقص في الأجهزة التقنية الضرورية، لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المدارس".
وتابع: "كما أنّ العديد من المعلمين يفتقرون الى التدريب الكافي على الأدوات التكنولوجية الحديثة، ويواجه البعض منهم مقاومة لتبني هذه التكنولوجيا، إضافة إلى أنّ المناهج التعليمية في لبنان تعتمد على أساليب تقليدية لم تُحدّث منذ سنوات طويلة، مما يصعّب دمج الذكاء الإصطناعي في العملية التعليمية، كما تؤثّر التحدّيات الإقتصادية أيضًا بشكل كبير على ميزانيات المؤسسات التعليمية، مما يعوّق استثمار الأموال في تطوير البنية التحتية الرقمية أو تدريب المعلمين".
إضافة إلى ذلك، لفت جابر إلى أنّه "توجد فجوة كبيرة بين المدارس الخاصة والرسمية في لبنان، حيث تستطيع المدارس الخاصة تبني التكنولوجيا بشكل أسرع من المدارس الرسمية، مما يزيد من التباين في مستوى التعليم. كما أنّ بعض التحفّظات الثقافية والاجتماعية قد تشكل عائقًا أمام استخدام الذكاء الإصطناعي في التعليم، حيث لا يزال التركيز في العديد من المدارس على الأساليب التقليدية، ولم تنخرط في عملية التحول الرقمي، فضلا عن غياب السياسات الحكومية الواضحة لدعم التحوّل الرقمي في التعليم يشكل عقبة إضافية. كما أنّ المخاوف بشأن حماية البيانات الشخصية والخصوصية تزداد في ظل استخدام الذكاء الإصطناعي، ولكن بالرغم من هذه التحديات، فإن الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانيات كبيرة لتحسين التعليم في لبنان، إلا أن ذلك يتطلب دعمًا حكوميًا قويًا، وتحديث المناهج وتوفير التدريب اللازم للمعلمين لضمان تحقيق الاستفادة القصوى من هذه التقنيات، خصوصًا في العهد الجديد الذي يتوخى الإصلاح".
مخاطر استخدام الذكاء
الاصطناعي في التعليم
وإذ اعتبر جابر" أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم فرصة لتحسين العملية التعليمية"، لفت إلى أنّ هذا الذكاء " يواجه مجموعة من المخاطر التي يجب أخذها بعين الاعتبار، من أبرزها: فقدان التفاعل البشري، حيث قد يؤثر الاستخدام المكثف للذكاء الإصطناعي على العلاقات الشخصية بين المعلم والتلميذ، مما يحدّ من التوجيه العاطفي والدعم النفسي. كما أن جمع وتحليل البيانات الشخصية للتلامذة يثير مخاوف بشأن الخصوصية وحماية البيانات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعيد الذكاء الاصطناعي إنتاج التحيّزات إذا كانت البيانات المدخلة تحتوي على تحيزات اجتماعية أو ثقافية، او فرض هويّات وثقافات غير مرغوبة وتتنافى مع الهويات والثقافات الوطنية والمجتمعية".
إضافة إلى ذلك، نبّه جابر من أنّ "الاعتماد المفرط على التكنولوجيا، قد يؤثر سلبًا على تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداع لدى الطلاب. وهناك أيضًا تحدّيات تتعلّق بعدم قدرة الذكاء الاصطناعي على التكيّف مع التنوع البشري في أساليب التعلم. من جانب آخر، قد يؤثر استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم على وظائف المعلمين، ويزيد من القلق بشأن التوظيف. أيضًا، قد يؤدي الإفراط في التسليع التجاري لأدوات الذكاء الاصطناعي إلى تآكل القيم التعليمية. إضافة إلى ذلك، قد يؤدي تطبيق الذكاء الاصطناعي إلى تهميش أساليب التعليم التقليدية، ويتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية والموارد. وعليه، رغم الإمكانيات الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي لتحسين التعليم، فإن تطبيقه يتطلب توخي الحذر، مع ضمان وجود ضوابط لحماية الخصوصية، تجنب التحيزات، والحفاظ على التفاعل البشري".
وختم:" الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم بشكل كبير في نهضة التعليم في لبنان من خلال إجراء تغييرات جوهرية في البنية التحتية والمناهج التعليمية وتطوير الكفايات الرقمية لدى المعلّمين والطلاب".
خلاصة القول... يحتاج قطاع التربية والتعليم في لبنان إلى نفضة واقعية، تكون مقدّمة لنفضة إفتراضية، فبين الذكاء الإصطناعي والتعليم في لبنان فجوة "قرار وإرادة وتمويل"، حينها ينهض هذا الذكاء بقطاعنا التعليمي، لا سيّما مع وجود طاقات لبنانية مبدعة في هذا الاختصاص في الداخل، وأخرى تحصد جوائز عالمية في الخارج، ولكن بحذر طبعا!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|