تخصيص الحقائب
كتب زياد شبيب في "النهار":
مرّة جديدة يعود الحديث عن اتفاق الطائف لكي تُنسب إليه أو لمحاضره أمور لم تتضمّنها نصوصه ولم يكن للمحاضر أن تتضمنها لتعارُضها مع تلك النصوص. والاستعادة إذًا ليست للمباشرة بتنفيذ البنود الإصلاحية التي وُضعت جانبًا بل لتغييبها على نحوٍ استمرّ منذ الحكم الأسدي للبنان. وهذه الاستعادة من باب المطالبة بتخصيص وزارة معيّنة لطائفة معينة تستدعي الإضاءة على حقيقة الوثيقة ونص الدستور المستمدّ منها لا سيما بعد زوال الموانع وعودة المملكة العربية السعودية، الراعي الأصيل للاتفاق، لممارسة دورها الحاضن لمسيرة استعادة الدولة اللبنانية دورها وسيادتها التي تأخرت لعقود.
إن وثيقة الوفاق الوطني المعروفة بتسميتها الشائعة "اتفاق الطائف"، هي وثيقة سياسية وفاقية توصّل إليها النواب اللبنانيون المجتمعون في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية وتضمنت الإصلاحات التي تم التوافق عليها لتكون معبرًا إلى إنهاء الحرب، وهي ليست نصًّا ذا طبيعة قانونية من حيث المضمون أو الشكل ولم تتخذ في مجلس النواب كمؤسسة دستورية، وإذا كان من المفيد الاطلاع على محاضر المناقشات التي أوصلت إليها في إطار البحث التاريخي، فإنه لا حاجة منهجية قانونية إلى تفسير النصوص الواردة فيها.
إن الإصلاحات التي تضمنتها وثيقة الوفاق الوطني "اتفاق الطائف"، جاءت واضحة لجهة ما تقرّر الإبقاء عليه من توزيع طائفي للسلطة، وقد قام المجلس النيابي بإدخالها في صلب الدستور عبر القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21/09/1990، وذلك من دون الاختلاف حول تلك المضامين، وإذا كانت هنالك حاجة إلى تفسير تلك النصوص فذلك يتم وفق منهج تفسير النصوص القانونية عبر البحث عن نيّة المشترع وباللجوء إلى عناصر مختلفة منها المناقشات التي دارت حولها في الهيئة العامة لمجلس النواب، أي بالعودة إلى محاضر جلسة التعديل الدستوري العام 1990.
إن نصوص الوثيقة أصبحت جزءًا لا يتجزّأ من النظام الدستوري للجمهورية اللبنانية ومن أهمها المادة 95 التي نصت على ما يلي:
"على مجلس النواب المنتخب على اساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الاجراءات الملائمة لتحقيق الغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، تضم بالاضافة الى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية.
مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بالغاء الطائفية وتقديمها الى مجلس النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية. وفي المرحلة الانتقالية:
أ - تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزراة.
ب - تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والامنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الاولى فيها وفي ما يعادل الفئة الاولى فيها وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص اية وظيفة لاية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة".
أهم ما في هذه المادة أنها ذات طبيعة انتقالية رسمت خريطة الطريق للتعامل مع المسألة الطائفية والمسار الواجب سلوكه للخروج من الحالة الطائفية، وهو مسار ذو اتجاه واحد لا رجعة فيه، وكل ما يتعارض مع هذا الاتجاه يكون مخالفًا للموجب الدستوري. وفي المرحلة الانتقالية أصبح التمثيل الطائفي في تشكيل الحكومة يقتصر على تمثيل الطوائف "بصورة عادلة". وكل ما يتعدّى ذلك يكون خارجًا عن النص الدستوري ومخالفًا لتوجّهه الواضح. وبالتالي إن إضافة ممارسات ذات طابع طائفي على تلك الموجودة في النص الدستوري الحصري والمعمول بها في المرحلة الانتقالية، كتخصيص حقائب معيّنة لطوائف معينة، تكون مخالفة للدستور.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|