حرب لبنان غيّرت قواعد اللّعبة الجيوسياسية في المنطقة ولم تغيّره هو... لماذا؟
غريب فعلاً، كيف أن كل دول المنطقة (حتى تلك الكبرى منها والقادرة على أن تكون مؤثِّرَة في مدى إقليمي كبير) تغيّرت أو تتغيّر بشكل يومي ومستمرّ، لا سيّما خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بفعل التراجُع الذي أصاب القوة الإقليمية لإيران.
اللّغز؟
ولكن الغريب بالأكثر، هو كيف أن لبنان البلد الصغير، والذي لا يُحسَب له حسابات فعلية مباشرة، لا يزال ثابتاً في قديمه السياسي والاقتصادي والمالي والأمني والعسكري... وكأنه لم يَكُن مسرحاً لحرب عنيفة على مدى أكثر من عام، وخصوصاً بين أيلول وتشرين الثاني 2024، وذلك رغم أن نتائج الحرب فيه (وليس في قطاع غزة فقط) غيّرت الكثير من قواعد اللّعبة الجيوسياسية السابقة في الشرق الأوسط عموماً.
فما هو سرّ عدم التغيير اللبناني هذا؟ وأين يكمن اللّغز المُحَيِّر؟ وهل هو مثلاً أن كل الأطراف السياسية والحزبية الداخلية (حتى تلك التي تُظهر رغبة بنقل لبنان من مرحلة الى أخرى) خائفة من التغيير، وغير قادرة على الدّفع نحوه بحرية، نظراً لكونها مرتبطة كلّها ببعضها البعض بشكل جوهري، في المصالح وكل شيء؟
دولة مدنية
شدّد مصدر مُتابِع على أنه "إذا تحوّلت الدولة اللبنانية مع الوقت، وبشكل فعلي وتام، الى دولة مدنية، وإذا أظهر الجميع الجديّة اللازمة في تأليف لجنة لدراسة إلغاء الطائفية، فعندها يمكن للبنان أن يُصبح مميّزاً بالفعل عن كل الدول المُحيطة به".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "المواطن اللبناني هو الأكثر قابلية للانتظام ضمن دولة مدنية، على مستوى المنطقة عموماً. فعلى سبيل المثال، يمكن إلزام اللبناني المسيحي بمسيحيّته داخل الكنيسة، وليس في الشارع، إذا تمّ إلزام المُسلِم اللبناني بإسلامه داخل المسجد، وليس في الشارع. وهنا يبرز دور الأحزاب والقوى السياسية والطائفية إذا أرادوا تغيير البلد بالفعل. ففي تلك الحالة، سيُصبح لبنان دولة مدنية فعلية، وسيشكل مساحة يتسابق إليها الجميع في الخارج ليستثمروا فيها. كما أن ذلك سيُفسح المجال واسعاً لتغيير قضائي كبير، ولإخراج القضاء والقضاة من دائرة التأثيرات المذهبية والطائفية والحزبية".
وختم:"هذا يحتاج الى وقت. ولكن الجهوزية الشعبية الداخلية متوفّرة لدينا. فدولة مدنية في لبنان، تعني إنهاء زمن الحروب في البلد، لأن مُنطلقات الحروب المتكررة هي طائفية ومذهبية في الواقع. وبالتالي، عندما يشعر المسيحي والمسلم أن هويتهما هي لبنان فقط، تتوقّف الحروب، وتصبح مصلحة لبنان في مقدمة كل شيء".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|