اليوم مفصلي جنوباً... لبنان يواجه "بقاء الاحتلال"
تتجه الأنظار اليوم الى جنوب لبنان. فمهلة الـ 60 يوماً التي حدّدها اتفاق وقف النار بين لبنان و"إسرائيل" للانسحاب التدريجي للقوّات "الإسرائيلية" انتهت اليوم الأحد. غير أنّ "إسرائيل" لم تُنفَّذ الاتفاق، بغطاء أميركي، ولم تنسحب بشكل كامل من القرى الحدودية بل بقيت في 5 مواقع "استراتيجية". أمّا الذرائع التي قدّمتها لبقاء احتلالها لمنطقة جنوب الليطاني، وتبنّتها مع الأسف، الإدارة الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، تأتي في إطار "عدم تنفيذ لبنان لما نصّ عليه الاتفاق". فالجيش اللبناني لم ينتشر، من وجهة النظر "الإسرائيلية" بشكلٍ كافٍ في المنطقة الجنوبية، ولم يعمل على تفكيك البنية التحتية لحزب الله، ولم تنسحب عناصره بالتالي من جنوب الليطاني، ما يُبقي "أمن المستوطنات الإسرائيلية" في خطر. فهل سيشهد الجنوب اليوم بداية مرحلة مفصلية، تجعل الجنوبيين في احتكاك مباشر مع قوّات العدو؟!
تتوقّع أوساط ديبلوماسية مراقبة أن تشهد القرى الجنوبية اليوم عودة كبيرة لسكّانها الى أراضيهم ومنازلهم، سيما أنّ الانسحاب "الإسرائيلي" الشامل منها كان يُفترض أن يُنجز طوال الشهرين الماضيين حتى اليوم. فالتلاعب "الإسرائيلي"- الأميركي باتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التفاهم عليه بين لبنان و "إسرائيل" في 27 تشرين الثاني الفائت، لا يمكنه أن يحرم الجنوبيين من حقّهم في العودة الى بلداتهم وقراهم. غير أنّ هذه العودة ستكون منسّقة مع الجيش اللبناني المنتشر في المنطقة، وبالطبع لن يتخطّوا الخطوط الحمراء التي يضعها لهم. فالأمر للجيش في الجنوب، على ما نصّ عليه اتفاق وقف النار، وما ينصّ عليه الدستور اللبناني. وعلى لجنة مراقبة هذا الاتفاق الإشراف على تنفيذه، فهل يؤدّي بقاء الاحتلال الى تصادم ما مع الجيش اللبناني الذي يحقّ له الدفاع عن نفسه وحماية سيادة لبنان؟
وإذ يُخشى من أن يؤدّي عدم تنفيذ الانسحاب من القرى الحدودية الى احتجاجات شعبية، قد تتطوّر مجدّداً الى مواجهات عسكرية، تؤكّد الأوساط نفسها، على أنّ لبنان الذي أصبح له رئيس للجمهورية، هو قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي واكب اتفاق وقف إطلاق النار، وهو بصدد تشكيل الحكومة الجديدة، ما يُعيد ثقة المجتمع الدولي به، لن يقف مكتوف اليدين أمام الاحتلال "الإسرائيلي" المتمادي للقرى الحدودية، وأمام الخروقات التي تقوم بها للاتفاق، بعد انتهاء مهلة ال 60 يوماً.
بناء عليه، ستتحرّك الدولة اللبنانية، على ما تقول، في اتجاهات عديدة هي:
"1ـ إصدار موقف واضح عن رئاسة الجمهورية يتعلّق برفض بقاء الإحتلال "الإسرائيلي" في الأراضي اللبنانية خلافاً لاتفاق وقف إطلاق النار، والقرار 1701، والقوانين الدولية التي تتعلّق بسيادة الدول.
"2ـ إستمرار التحرّك الديبلوماسي في اتجاه الوسيط الأميركي راعي الإتفاق، والمجتمع الدولي الذي هنّأ لبنان على انتخاب رئيس جمهوريته، ويُشجّعه على الإسراع في تشكيل حكومة الإنقاذ والإصلاح، وعلى ضرورة استعادته سريعاً للأمن والاستقرار الدوليين، من أجل تأمين التمويل لإعادةإعمار كلّ ما تهدّم خلال الحرب الأخيرة.
"3ـ إحتجاج شعبي من أهالي القرى الحدودية الجنوبية العازمين على العودة الى أراضيهم لتفقّدها، لا سيما بعدما حوّلت "إسرائيل" هذه البلدات الى شبه أراضٍ محروقة بهدف منع عودة سكّانها اليها، كون المستوطنين يرفضون العودة الى المستوطنات الشمالية رغم كلّ الإغراءات المالية التي دُفعت لهم.
فإذا كان الاحتلال باقيا من أجل إنجازه خلال الأسابيع المقبلة، وانتشار الجيش اللبناني في المواقع المتبقية، يمكن للبنان تفهُّم الوضع، على ما أشارت الأوساط، شرط أن يُنجز خلالها ومن دون أي خروقات أو اعتداءات جديدة على المباني والممتلكات. ولكن أن يكون بقاء القوّات "الإسرائيلية" في القرى اللبنانية الحدودية الى أجلٍ غير مسمّى، فإنّ هذا يعني أنّ "إسرائيل" قد خدعت لبنان مرّة جديدة، بدعم أميركي، إذ وافقت على تفاهم 27 تشرين الثاني الفائت، ولم تلتزم به منذ اليوم الأول لدخوله حيّز التنفيذ، بل استغلّته لتعبث بالقرى الحدودية وتدمّرها. الأمر الذي لم تستطع تحقيقه قبل الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار، أي خلال عدوانها الأخير على لبنان.
وترى أنّ الأمر سيتطلّب بالتالي استمرار التحرّكات السياسية والديبلوماسية على كلّ المستويات. كما أنّ هذا الأمر يُحفّز رئيس الحكومة المكلَّف على الإسراع في تشكيل حكومته لكي تعمل على تطبيق اتفاق وقف النار، وعلى تنفيذ القرار 1701، ومن ثمّ تثبيت الحدود البريّة بين لبنان و "إسرائيل" لإنهاء الصراع القائم. كما أنّ الولايات المتحدة الأميركية التي تبنّت أخيراً الذرائع "الإسرائيلية" التي أدرجت في طلب تمديد أو تأجيل مهلة الانسحاب، لن توافق، وفق معلومات مؤكّدة، على إطالة هذا الأمر كونه يعيق الدعم الدولي للبنان من أجل استعادة النهوض الاقتصادي، وإعادة الإعمار، وعودة شركات النفط العالمية للعمل في البلوكات البحرية اللبنانية.
دوللي بشعلاني -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|