الصحافة

معركة بين باسيل وجعجع فوق رأس سلام!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تقاطعت المعطيات في الساعات الماضية حول احتمال حصول ولادة وشيكة للحكومة، مدفوعة بالضغط الدولي الخماسيّ وضغطٍ ضمنيّ يعكسه رئيس الجمهورية جوزف عون، ويلمسه كلّ زوّاره، لتحقيق ولادة سلِسة لأولى حكومات عهده. حتى الآن يتجنّب أولياء حكومة الـ 24 وزيراً، المنزوعة الدسم الحزبيّ، أن تأتي فوق ركام “مَشكلٍ” مؤجّل قد ينفجر في جلسة منح الثقة لها، مع بروز حرص واضح من جهة عون والرئيس المكلّف نوّاف سلام على توفير “تقليعة” سالِمة للحكومة.

عمليّاً على أرض الواقع لا يزال سلام مُحاصَراً بأكثر من عقدة، أولاها عقدة المالية كما يؤكّد القريبون منه فيما ينفي ذلك “الثنائي”، ويختبر عون وسلام في الوقت نفسه تجربة العمل معاً، حيث لا تزال بعض التباينات تبرز بينهما على مستوى أسلوب العمل وسرعة اتّخاذ القرار وتوزيعة الحقائب والأسماء.

 نُقِل عن مصدر دبلوماسي عربي قوله: “حكومة نوّاف سلام، بعد انتخاب رئيس الجمهورية جوزف عون، هي الفرصة الأخيرة للقوى السياسية اللبنانية لإطلاق مسيرة الإصلاحات ووضع خطٍّ فاصل مع الحقبة الماضية. لذلك تجاهل هذه الفرصة قد يدفع المجتمع الدولي والعربي إلى التخلّي نهائياً عن لبنان”.

تقريباً في كلّ لقاءاته في قصر بعبدا يُذكّر الرئيس عون بـ”شرط” الخارج المتمثّل في كون ولادة الحكومة سريعاً وإقرار الإصلاحات مدخلاً إلزاميّاً لمساعدة لبنان ماليّاً واقتصادياً.

هذا الواقع يدركه جيّداً الرئيس المكلّف الذي اصطدم أيضاً، بخلاف كلّ الرؤساء المكلّفين السابقين، بالمطالبة دفعة واحدة بحصص وزارية من جانب قوى المعارضة والنوّاب المستقلّين و”التغييريين” ونوّاب من كتل أخرى، الذين أعادوا التكتّل فيما بينهم لفرض حجمهم التوزيري على سلام، فيما كان ينحصر البازار الحكومي في السابق بين التكتّلات الكبرى الموالية والمعارضة، وأحياناً الموالية فقط.

فعليّاً، اعتمد “التغييريون” منطق المحاصصة نفسه الذي انتهجته “المحادل” الحزبية على مدى عقود، وهم الذين عابوا على الكتل السياسية الكبرى انتهاجه على مدى عقود، وهو ما أثار استياء الرئيس المكلّف الذي انتظر، وفق قريبين منه، أداءً مختلفاً.

اللّغم الشّيعيّ

لا شكّ أنّ اللغم الأكبر هو اللغم الشيعي ربطاً بجلسة الثقة في مجلس النواب وإمكان استحضار أزمة الميثاقية، إضافة إلى تعقيدات المشهد الجنوبي الذي وَصلت شرارته إلى وسط بيروت.

يقول سلام في حلقته الضيّقة إنّه متحرّر من أيّ تفاهمات قد يكون عَقدها رئيس الجمهورية مع الثنائي الشيعي قبل انتخابه، فيما لم يَسمع من الرئيس عون نفسه وجود تفاهم على إسناد حقيبة المالية إلى وزير يسمّيه الرئيس نبيه بري، أو أن يسمّي “الثنائي” جميع وزرائه.

لكنّ المواقف المُعلنة توحي غير ذلك، ففيما أعلن الأمين العامّ لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم بأنّ “مشكلة الحكومة عند الآخرين وليست عندنا”، جزم أمس نائب حركة “أمل” قاسم هاشم بأنّ “تفاهماً نهائياً حصل مع الرئيس المكلّف (حول الحصّة الشيعية)، وانتهى الأمر. هذا التفاهم هو الآن ملك الرئيس المكلّف”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّه “لا يزال هناك من يضغط لقيام تركيبة لا تراعي توازنات مجلس النواب، وهذا الأمر لا يسهّل عمل الحكومة. هذا وأثبتت حكومة الاختصاصيين فشلها، ولن تستطيع مجاراة المرحلة، ولا بدّ أن يكون للقوى السياسية رأي فيها”.

بين باسيل وجعجع

اللغم الآخر هو المعركة الطاحنة من أجل التوزير بين النائب جبران باسيل، صاحب الحصّة المسيحية الكبرى في الحكومات السابقة، وبين رئيس حزب القوات سمير جعجع، المُقاطع للحكومات منذ استقالة وزرائه من حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2019.

وفق المعلومات لم يتمكّن الرئيس المكلّف حتى الآن من حلّ معضلة إصرار التيّار والقوّات على تسمية كلّ منهم لأربعة وزراء، مع العلم أنّ جعجع يتصرّف على أساس أنّه صاحب التمثيل المسيحي الأكبر، وباسيل يتجاهل انفصال أربعة من النواب عن “تكتّل لبنان القوي”، معتبراً أنّ هذا الأمر لا يغيّر من واقع انتخابهم بأصوات التيار.

أمس رفعت “القوات” السقف عالياً ملوّحة من خلال تسريبات إعلامية بعدم المشاركة في الحكومة اعتراضاً على التمثيل الحزبي وفرض الأسماء من قبل “الثنائي الشيعي”، ورفضاً لعدم اعتماد الرئيس المكلّف لمعايير منطقية وعادلة في تشكيل الحكومة. لكن الأمر لم يصل، وفق معلومات “أساس”، إلى حسم قرارها بعدم المشاركة تاركة للمفاوضات أن تأخذ مداها حتى اللحظة الأخيرة.

في نهاية المطاف، تقول مصادر قريبة من سلام: “إذا استدعى الأمر إعلان التشكيلة الحكومية هذا الأسبوع فستكون نتاج الغربلة النهائية للأسماء والحقائب مع رئيس الجمهورية، وليس مع 128 نائباً وكلّ طاقم القيادات السياسية”.

الوزراء السُّنّة

إلى ذلك تطفو المشكلة السنّيّة إلى الواجهة بثلاثة عناوين: تمثيل الشمال، وحقيبة الداخلية، والهامش الذي سيعطيه الرئيس المكلّف لنفسه لاختيار الوزراء السنّة، بمعزل عن رغبات الكتل.

أمس عكس النائب وليد البعريني، عضو تكتّل “الاعتدال الوطني”، جزءاً من هذه المعضلة بقوله: “بلغ السيل الزبى وطفح الكيل. سكتنا لأيّام وأعطينا فرصة للرئيس المكلّف لكي يكمل استشاراته، لكنّ أن يمنح الذين هزّوا العصا وحرّكوا موتورسيكلاتهم واستعملوا أسلوب الترهيب أكثر ممّا يحقّ لهم، ويتمّ تجاهلنا نحن الممثّلين لعكار وطرابلس والمنية والضنية والشمال، فهذا تجاوز لكلّ الخطوط الحمر”، داعياً “نواب الشمال وخارجه للاجتماع ورفض منطق الإقصاء والإلغاء”.

أثار موقف البعريني، وفق معلومات “أساس”، استياء أحد السفراء العرب، وربّما هذا ما قاد النائب محمد سليمان المنتمي إلى التكتّل نفسه إلى التخفيف من حدّة كلام البعريني.

عون – سلام

منذ تكليف الرئيس سلام في 13 كانون الثاني، طُرِح السؤال الكبير عن مدى قناعة رئيس الجمهورية بخيار نوّاف سلام، وما إذا كان مُنسّقاً مع الراعي السعودي-الأميركي، أو نتاج حركة تمرّد نيابية داخلية خرجت حتّى من يد الرئيس المنتخَب الذي كان أقرب إلى خيار نجيب ميقاتي.

وفق تأكيدات أكثر من نائب تحدّثوا لـ “أساس”، كان عون خلال الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة، يمرّر أمام نوّاب سمّوا سلام رسائل “توجّس” من تكليف قد يشكّل أزمة داخلية، وليس اعتراضاً على اسم نوّاف، وهو ما عكسه صراحة النائب ميشال ضاهر أحد المؤيّدين منذ سنوات لخيار انتخاب جوزف عون رئيساً، حين تمنّى أن لا تشكّل تسمية سلام التي تبنّاها إشكالية “على مستوى العيش المشترك”.

كان القصر الجمهوري عشيّة الاستشارات في جوّ تسمية نجيب ميقاتي من دون أيّ ممانعة بحيث تنتهي مهمّة حكومته فور إجراء الانتخابات النيابية، لكن حين سُمّي سلام بأكثرية 84 صوتاً تعاطى رئيس الجمهورية بواقعية عالية مع خيار وجد بعض القريبين منه أنّه يشكّل قيمة مضافة مع انطلاقة العهد.

ملاك عقيل-اساس

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا