معلومات جديدة عن الهليكوبتر التي اصطدمت بطائرة الركاب في واشنطن
العالم في صدمة… ماذا ينتظر العهد؟
في لقاء صحافي جمع عدداً من الاعلاميين المتنوعين سياسياً وطائفياً، ثمة سؤال واحد لف المكان: ماذا يمنع الثنائي جوزاف عون – نواف سلام من الاقلاع بالحكم من مرحلة الدويلة الى مرحلة الدولة؟
وعلى الرغم من تنوع الاجابات والمعطيات، فقد أصرّ الجميع على أن العهد الجديد لم يتلقف اللحظات الحاسمة، لا بل التحولات الحاسمة بالسرعة المطلوبة، وتعامل معها بعقلية المهادن لا بعقلية الثائر، فلم يربح من هادنهم ويكاد يخسر من بايعوه.
وذهب أحدهم بعيداً الى حد القول إن عهد جوزاف عون سقط حتى قبل أن يبدأ، قائلاً: جئنا به كي يضرب على الطاولة لا أن يرتدي القفازات في عز تحولات دراماتيكية لا تتحمل أي تجاهل أو أي تردد.
وأضاف: ماذا يمكن أن يفعل العالم بعد من أجل لبنان، لا بل من أجل التيارين السيادي والتغييري تحديداً؟ لقد قضينا على الصف القيادي الأول في “حزب الله” والصف الثاني والصف الثالث وربما الرابع، ودمرنا معظم ترساناته وحيّدنا القوة الضاربة من مقاتليه فقالوا لنا: لا يكفي.
وتابع: ثم أخرجنا العقبة الثانية، وهي بشار الأسد وأقمنا حكماً في دمشق لا يضمر شراً للدولة اللبنانية، وسحبنا سوريا من المحور الايراني وحاصرنا طهران من كل الجهات، وعلى الرغم من ذلك لم يثمر أي شيء في بيروت، لم يتصرف الحكام الجدد وأركان المعارضة كما لو أن شيئاً قد تغير أو يمكن أن يتغير.
وختم: ماذا يمكن أن نفعل بعد؟ هل يريدون منا قصف ايران واقتلاع الحوثي وجلب قوات حلف الأطلسي الى الشرق الأوسط، كي يتجرأوا على استبعاد الثنائي الشيعي من وزارة المال؟
أسئلة كثيرة، لكن السؤال الأبرز كان: من راهن على نواف سلام واعتبره الرجل المناسب لهذه المرحلة بالذات؟
الجواب في معظمه أن سلام ظلم عندما كلفوه مهمة مخملية في مرحلة نارية تحتاج الى إخماد سريع لا الى الدوران حولها، فسقط في لعبة السلطة التقليدية ناسفاً كل ما قيل عن منحاه الثوري والتغييري الذي يميز مساره السياسي وسيرته الذاتية.
وسأل أحدهم: كيف نوكل الى رجل معروف بابتعاده عن الاستراتيجيات الأميركية وعدائه المطلق لاسرائيل، أن يتماهى مع تحول دراماتيكي في لبنان والمنطقة أعطى اسرائيل الكلمة الفصل وأعطى أميركا الحكم الفصل؟ وكيف يمكن للرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يعطي أي حكومة يقودها سلام تحديداً، أي جرعات اقتصادية أو مالية أو حتى أمنية، وهو الذي كاد يمنح الثنائي الشيعي التوقيع الثالث في وزارة المال لولا تدخل واشنطن والرياض في اللحظة الأخيرة؟
وأكثر من ذلك، كاد الرأي يجمع على أن عون وسلام تأخرا في ضرب الحديد وهو ساخن، معرباً عن الخوف من أن يصل الأميركيون والعرب الى مرحلة يتخلون فيها عن لبنان كدولة جديرة بالحياة وعن حكامه كرجال جديرين بالثقة.
والواقع أن هذه الانطباعات، سواء كانت مبكرة في أحكامها السلبية أو لا، لا تنسحب على الاعلاميين وحسب، بل بدأت تتسلل الى الرأي العام اللبناني الذي يشعر بأن ثمة خطأ ما ارتكب في مكان ما وأفلت من يده الكثير من الآمال والأحلام والرهانات الايجابية، وهو أمر وصلت أصداؤه الى قصر بعبدا العالق بين جدية في تطبيق خطاب القسم وتركيبة معقدة من أهل السياسة المتهالكين خلف مكاسب ثمينة قبل عام ونصف العام من الانتخابات النيابية المقبلة.
والواقع أيضاً، أن الدولة الآن محكومة من رجلين متباعدين، الأول خائف من أن ينهي حياته السياسية فاشلاً وهو نواف سلام والثاني خائف من أن يؤدي التهور الى انفلات الشارع هو جوزاف عون، الأمر الذي يطرح السؤال الآتي: هل حان الوقت لواحد من خيارين: الأول اعتذار سلام، كما فعل مصطفى أديب والذهاب الى استشارات جديدة ورهان جديد، والثاني تشكيل حكومة غير سياسية والذهاب بها الى مجلس النواب وليكن ما يكون؟
اللقاء لم ينتهِ الى حصيلة نهائية باستثناء أن المظلة الدولية – العربية لا تزال قائمة وفاعلة وقادرة على وضع خطوط حمر واحترامها، ما يعني أن لبنان الذي عاد الى دائرة الاهتمام العالمي بعد مخاض مزمن وعسير، يحتاج الى سلطة مركزية لا تتردد في اتخاذ القرارات الصعبة والحاسمة، وفي مقدمها تطبيق الجزء اللبناني من القرار ١٧٠١ والانطلاق بورشة اصلاحات جدية تقود الى دولة قوية وسيدة تمنع أي خطط مجنونة كتلك التي يعمل لها الرئيس الأميركي في غزة، أي إبقاء الجنوب اللبناني على ما هو عليه من دمار وفراغ، وتوطين سكانه في الداخل حيث هم منذ ١٦ شهراً.
وفي معنى آخر، اقفال المناطق المدمرة أمام أي محاولة لاعادة اعمارها وابقائها اما تحت سيطرة اسرائيلية مباشرة أو سيطرة غير مباشرة تمارس عن بعد، وهو ما يتحسسه “حزب الله” الذي بدأ يتحسس جدية الأميركيين والاسرائيليين والعرب في نزع سلاحه ومنعه من أمرين: الأول الافادة من عامل الوقت لتحسين وضعه وشروطه والعودة الى الضوء من بوابة الدولة، والثاني الافادة من تردد الحكم الجديد في بيروت والعودة من خلاله الى الدويلة.
في اختصار، يجمع المراقبون المحليون على أن شيئاً ما يمنع عون وسلام من الحكم، الأول أنه يخشى المضي في مواجهة غير متكافئة مع “حزب الله”، وهو ما أبلغه الى السفراء والوسطاء قبل انتخابه رئيساً للبلاد، والثاني أنه يخشى الفشل في بسط تجربة التغييريين في الحياة السياسية اللبنانية من جهة وفي ملء الفراغ السياسي السني من جهة ثانية.
وفي اختصار أيضاً، ليس سراً أن ثمة أمراً غير منسجم يدور بين عون وسلام، وسط تقارير تتهم رئيس الجمهورية بعرقلة التشكيل ما لم يأخذ في الاعتبار مطالب الثنائي، وتتهم سلام بعرقلته اذا فعل ذلك.
اللقاء الصحافي انفض من دون الاتفاق على انطباع موحد حيال ما أعقب الانتخاب الرئاسي والتكليف الحكومي، باستثناء انطباع وحيد يقول ان الثنائي عون – سلام يعرف ماذا يدور في الشارع وماذا يدور في الكواليس، وان الوقت لن يطول قبل أن يدرك سلام أنه بين خيارين: اما العداء المطلق مع اسرائيل والحكم استناداً الى ذلك واما التماهي مع “حزب الله” والحكم استناداً الى ذلك أيضاً، وان عون سيجد نفسه أيضاً أمام خيارين: اما رئيس يحكم من خلال الأميركيين والسعوديين، واما رئيس يمضي عهده في قصر بعبدا وهو يصرف الأعمال أو يمشي بين النقاط خشية أن ينفجر لغم هنا أو ينفجر شارع هناك.
حتى الآن، لا يزال “حزب الله” مكابراً ولا يزال الحكم الجديد متردداً، في انتظار موعدين هذا الشهر، الأول السادس من شباط أي اليوم الذي يستقبل فيه الرئيس ترامب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ليحددا طبيعة الخطوة التالية التي يمكن أن تكون اقناع الأردن ومصر باستيعاب سكان غزة، أو تكون اقناع ايران بأن القنابل الأميركية التي تزن كل واحدة منها نحو ألفي رطل لم يعد لها بنك أهداف آخر في لبنان، وأن البنك هذا يمكن أن يكون تحت الأرض في مكان ما من ايران، والموعد الثاني في الثامن عشر منه أي اليوم الأخير من الهدنة الممدة التي يمكن أن تتحول اما الى احتلال دائم واما الى مشروع حرب جديدة يمكن أن تنفجر في أي لحظة.
أنطوني جعجع-لبنان الكبير
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|