الحاكم مدللاً في "بحنّس": احتجازه تسبب بارتفاع ضغط دمه!

ي الثالث من شباط الجاري، يمرّ على توقيف حاكم مصرف لبنان السابق، رياض توفيق سلامة أربعة أشهر داخل السجن. لا نحتاج إلى كثير من الشروحات للقول أنه كان ولا يزال سجينًا بامتيازات خاصّة. منذ عدة أيامٍ، أخرج بقرارٍ قضائي من النيابة العامة التمييزية، من غرفته في السجن ببيروت، إلى طابق خاص في مشفى بحنّس للإقامة هناك مؤقتًا، وإجراء الفحوص الطبية والاطمئنان على صحته.

سلامة المُكبّل
بالعودة إلى الثالث من أيلول العام 2024، حضر سلامة إلى قصر عدل بيروت من دون أي وكيل قانونيّ، معتقدًا أنها زيارة "رسميّة" للاستماع إلى أقواله في قضية تحويل الأموال من المصرف المركزي إلى حسابات مصرفية. دخل النيابة العامة التمييزيّة ليفاجأ بأن القضاء اللبنانيّ انقلب عليه، وقرر توقيفه. دقائق قليلة، رُسمت ملامح الصدمة على وجهه، ليبلغه المدعي العام التمييزي، جمال الحجار أن الأدلة والمستندات تدينه بشكل كامل، وأنه متهم بتهريب الأموال من المصرف المركزي إلى حساباته المصرفية، ويجب توقيفه، أي أنه اختلس المال العام من المصرف، ومن ثمّ اقترب رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية، العميد نقولا سعد من الحاكم، واضعًا الأصفاد الحديدية على يديه، وهي المرة الأولى التي يُكبّل فيها سلامة، وحاوطته عناصر المباحث الجنائية المركزية لنقله بمؤازرة أمنية متشددة إلى "منزله" الجديد في المبنى الرئيسي للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
طيلة فترة احتجازه، طالب عدة مرات بإخلاء سبيله، ورُفض الطلب من قبل قاضي التحقيق الأول، بلال حلاوي. جُهزت غرفة خاصة له في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بامتيازات خاصة، وواظب على تدخين السيجار وقراءة الكتب والتجول تحت أشعة الشمس، وتحول إلى سجين رفيع المستوى، عند سجانين لا يرفضون له طلبًا.

"تلاعب" ضغط الدم
وحسب الرواية القضائيّة التي بررت نقله إلى بحنس فجأة، فإن الحاكم السابق شعر بدوارٍ وبتعب شديد داخل غرفته منذ أيامٍ، وطلب إحضار الطبيب للكشف عليه، وبعد معاينته من قبل طبيب للقوى الأمن الداخلي (م.م) طلب الأخير نقل الحاكم إلى المشفى، لإجراء الفحوص الطبية اللازمة ومراقبته، بذريعة أن "ضغط الدم يتلاعب"، ويرتفع فجأة وقد يسبب خطرًا مباشرًا على حياته، ويحتاج إلى مراقبة طبيّة. فالحاكم يعاني من ارتفاع في ضغط الدم بسبب احتجازه داخل مديرية قوى الأمن الداخلي. ومن بيروت إلى مستشفى بحنس، نُقل سلامة إلى طابق كامل كان قد حجزه قبل أيامٍ على نفقته الخاصة وطلب تجهيزه بشكل كامل من برادٍ وتلفاز وغيرها. وحسب مصادر "المدن" فإن الحاكم كان مصرًا على اختيار مشفى بحنس لمتابعة وضعه الصحيّ عوضًا عن الانتقال إلى أي مشفى خاصّ جامعيّ في بيروت.

جمود الملف
قضائيًا، سيطرت حالة الجمود على ملف سلامة، فالآراء القانونيّة اختلفت بين قاضي التحقيق الأول في بيروت، بلال حلاوي، والمدعي العام المالي، علي إبراهيم. وكانت الهيئة الاتهاميّة قد وافقت على الدفع الشكلي المقدم من المحامي مروان عيسى الخوري، الذي اعترض على التحقيق معه في عدد من الجرائم الجديدة من دون الحصول على إذن ملاحقة من نقابة المحامين، وطلبت الهيئة الاتهامية من حلاوي التقدم بطلب جديد لنقابة المحامين لإعطاء الإذن لاستجواب المحاميين (مروان عيسى الخوري وميشال تويني) الملاحقين في هذه القضية. وعلى هذا الأساس، طلب حلاوي من نقابة المحامين إعطاء الإذن مرة أخرى، ليتمكن من استجوابهما ببعض الجرائم الجديدة في هذا الملف، إلا أن أعضاء مجلس النقابة انقسمت آراؤهم بين الموافقة والرفض، فطلبوا من النيابة العامة تزويدها بالملف للاطلاع عليه، لكنها لم تحصل على أي تقرير مختصر من الملف، وعليه لم يعط الإذن بعد.

إخلاء سبيله؟
وعلّقت مصادر قانونيّة متابعة لـ"المدن" إلى أن ملف سلامة عاد لمرحلة الجمود، ولم تكمل التحقيقات بعد بانتظار قرار نقابة المحامين، ولفتت المصادر إلى أن فترة توقيف سلامة تجاوزت الأربعة أشهر، ومن الممكن أن نشهد تطورًا مفاجئًا للقضية خلال الشهرين المقبلين، أي بعد انقضاء ستة أشهر على توقيفه، وذلك في حال قرّر القضاء اللبناني تطبيق المادة 108 من أصول المحاكمات الجزائية، التي جاء فيها بعدم جواز تعدي مدة التوقيف الاحتياطي في الجناية فترة الستة أشهر، وبالتالي يخلى سبيل الموقوف، لكن من الممكن تجديد فترة الاحتجاز من قبل قاضي التحقيق لمرة واحدة فقط لمدة ستة أشهر بقرار معلّل. وعلّق المصدر إلى أن القضاء لم ينفذ سابقًا هكذا مواد قانونيّة بشكل دقيق، ولكن من الممكن أن يكون سلامة هو الشخصية الاستثنائية في المرحلة المقبلة.

فرح منصور - المدن