سلام يغرق في بحر وحدة المعايير
على نار هادئة، يطبخ الرئيس المكلف نواف سلام طبخته الحكومية، فهو منذ البداية يميل إلى سرعة إنجاز التشكيلة الحكومية لا التسرع.
أكثر من اجتماع عقده مع الثنائي، فالتقى النائب علي حسن خليل المعاون السياسي للرئيس نبيه بري، وحسين الخليل المعاون السياسي لأمين عام حزب الله. تعامل معهما بإيجابية وانفتاح على قاعدة عدم الإقصاء والإلغاء.
ويقول أحد المرجعيات الحكومية لـ “هنا لبنان” أنه نصح نواف سلام خلال أحد الاجتماعات بالتعامل بمرونة مع الثنائي، لكنه حذره من إعطاء الوعود والضمانات منذ البداية.
لم يسمع سلام بنصيحة المرجع، ومنذ الاجتماع الأول اتفق معهم على تلزيم حقيبة المالية للطائفة الشيعية، وعلق النقاش معهم على الاسم، ليتفقوا بعد أكثر من اجتماع على اسم النائب السابق ياسين جابر.
تعاطي سلام، و”نيته الطيبة” استفزت باقي المكونات النيابية التي طالبت التعامل معها على نفس القاعدة، فـ”الظلم بالسوية عدل في الرعية” يقول أحد نواب المعارضة لـ”هنا لبنان”، ويضيف: “عندما سمّينا القاضي سلام لتشكيل الحكومة، كان هدفنا إحداث صدمة إيجابية لدى اللبنانيين، ليتذوّقوا فعلاً طعم التغيير الحاصل بعد انتهاء الحرب وبداية عهد جديد، إلا أنّنا اصطدمنا بتعاطي سلام، القليل الكلام، والذي عندما لا يجد جواباً واضحاً على أي سؤال، يتملص بـ”ابتسامة وبرمة راس”. قمنا بواجبنا، وسلمنا بناءً على طلب سلام، السير الذاتية لاقتراحات الوزراء في الحكومة، و”هيدا وجه الضيف”.
وبوجه القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، رفع سلام سلاح “لا للحزبيين”، حاصراً المرشحين المؤهلين للتوزير بالحزبيين، ورافعاً معايير جديدة، على قاعدة “أنت حزبي إذاً لا يحق لك بالعمل الوزاري وربما أنت فاسد”.
لم تُخفِ الأحزاب المسيحيية امتعاضها من هذه المعايير المزدوجة، إلا أنّ مصادرها تقول لـ”هنا لبنان، “أعربنا عن اعتراضنا مباشرة، ولكن سنعطي سلام الوقت الكافي. لا نطلب إرضاءنا كما الثنائي، على قاعدة أننا مجروحون، لكن لن نقبل بأن يتمّ إقصاء كفاءات في القوات اللبنانية على قاعدة أنهم ملتزمون حزبياً”.
أما الزعل الأكبر فحلّ لدى نواب الطائفة السنية، الذين خذلوا نجيب ميقاتي، وساروا مع رياح التغيير، يقول مصدر نيابي: عقدنا أكثر من اجتماع معه، طرحنا الكثير من الأسماء وتركزت مطالبنا على تمثيل المناطق.
قطع لنا الطريق على مناقشته بحقيبة وزارة الداخلية، وكان جوابه على باقي الحقائب “ما بتكونوا إلا راضيين” إِلّا أننا لم نلمس منه أي أفعال حقيقية.
امتصّ سلام غضب نواب تكتل الاعتدال، لكنه واجه رئيس تيار الكرامة فيصل كرامي. فمشكلة كرامي مع التوزير قديمة، تعود إلى حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2018 بعد الانتخابات النيابية. حينها قام حزب الله بتجميع شتات نواب السنة من مختلف المناطق في كتلة من ستة نواب، لإحراج الرئيس الحريري بأنه لم يعد الممثل الوحيد للسنة، وأنّ حزب الله بات حاضراً في هذه الساحة.
حينها تخلى الثنائي عن حقيبة شيعية، وشكلت الحكومة بأربع وزارات للشيعة وستّ للسنّة إرضاء لحلفائهم.
اليوم تغيرت المعادلة، أعلن كرامي بعد سقوط النظام السوري فكّ الارتباط مع محور المقاومة ومبكراً دعم جوزاف عون رئيساً للجمهورية، خاذلاً الثنائي.
وفي تشكيل الحكومة، وجد كرامي اليوم نفسه وحيداً، فالثنائي غير ملزم بخوض معركة توزير كرامي، بعد فكّ الحلف بينهم، والرئيس نواف سلام ذهب بعيداً في إغضاب الافندي، عندما سمى ابنة عائلة كرامي (ريما كرامي) لوزارة التربية، المحسوبة على المجتمع المدني كما يصنفها الطرابلسيون.
كما أنّ هدف الثلث المعطل الذي كان يسعى إليه الثنائي في كل حكومة، انهار بعد انسحاب التيار من اتفاق 6 شباط وتفاهم مار مخايل.
وحده الحزب التقدمي الاشتراكي، كان متناغماً مع سلام، لم يضطرّ الاشتراكي أن يطلب، ولا حتى سلام أن يُفاوض، فللبيك فضلٌ على سلام، فهو كان دائماً من المبادرين إلى طرح اسمه لحمل لقب “دولة الرئيس”.
ريمان ضو ـ”هنا لبنان”
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|