الصحافة

تعتيم شامل وغضب ساطع… وانتقادات مكتومة الصوت!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يَستعجِل رئيس الجمهورية الرئيس المكلّف تأليف حكومة بأسرع ما يمكن، ونوّاف سلام يستعجل “الشركاء” في طبخته الحكومية النزول عن سلّم مطالبهم العالي جدّاً، والمواجهة على الحدود الجنوبية تضغط على الجميع.

دوران في الحلقة المفرغة سيفضي إلى نتيجة مؤكّدة: لن يتمكّن سلام الذي كان، بمطرقته، يَحكم في نزاعات 193 دولة تابعة للأمم المتّحدة، وبأحكام نهائية غير قابلة للاستئناف، المواءمة بين “الكبّة بأرنبيّة” التي طالب بها مارك ضو فور تكليف سلام ومطالبة “التغييريين” بثمن تسميته، وبين “التكليف الشيعي” بالحقائب الخمسة، وإرضاء النوّاب السنّة، وإقناع سمير جعجع بأنّ الحقيبتين السيادتين المسيحيّتين من حصّة رئيس الجمهورية، وتذكير جبران باسيل بأنّه لم يعد “وليّ العهد العوني”.

أمس أعلن النائب مروان حمادة صدور التشكيلة الحكومية خلال 48 ساعة، مشيراً إلى حسم مسألة تعيين ياسين جابر وزيراً للمالية وحسم الإسم الشيعي الخامس من حصة عون وسلام، ومنح الحزب الاشتراكي حقيبتين . مع ذلك، بقي التشكيك قائماً حيال احتمال إعلان صدور مراسيم الحكومة خلال يومين.

كان يُفترض وفق المنطق وتحت وهج التطوّرات الانقلابية بدفع خارجي التي قادت إلى انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية بمشاركة شيعية، وتكليف نوّاف سلام، بعدما غفا نجيب ميقاتي على “وعد” رئاسته للحكومة للمرّة الرابعة، أن يتماهى تأليف الحكومة مع استثنائية الأحداث لناحية بتّ توزيعة الحقائب والأسماء سريعاً، بعد أخذ القرار بهويّة الحكومة بحنكة أكبر.

الأمر الأكثر ضغطاً على الرئيس المكلّف هو المشهد الجنوبي الآخذ في التأزّم تحت سقف القرار بعودة الجنوبيين بالقوّة إلى بلداتهم التي لا تزال تحت الاحتلال. هو الواقع، الذي دفع العدوّ الإسرائيلي للمرّة الأولى أمس بعد تمديد العمل باتّفاق وقف إطلاق النار، إلى تحذير الجنوبيين من العودة إلى قراهم، في استعادة للأيّام الأولى من مرحلة اتّفاق الـ 60 يوماً.

مشهد “العودة 2″ قد يتكرّر في الأسابيع المقبلة، وقد يكون مُكلفاً للغاية على رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف و”الحزب” وجمهوره، وعلى كلّ الجنوبيين. مع ذلك تبدو “ورشة” تشكيل الحكومة منفصلة بالكامل عن هذا الواقع الخطير، وتتشابه بالكامل مع آخر نماذج التأليف “بالتنتيع” في عهود سعد الحريري وحسّان دياب ونجيب ميقاتي.

تعتيم شامل

يعتمد رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف التعتيم الشديد على مداولاتهما في الحقائب والأسماء التي لا تقتصر على اللقاءات العلنية والسريّة، بل يبادر سلام يومياً إلى الاتّصال بالقصر الجمهوري لمزيد من التنسيق.

على الرغم من تأكيد الطرفين أنّهما لا يرغبان بأيّ حصّة حكومية، تدلّ كلّ المؤشّرات على أنّهما يسعيان إلى تعطيل أيّ فيتو شيعي داخل الحكومة، والإتيان بطاقم وزاري محسوب بثلثَيه على الرئيسين، بمعنى “تحرّره” من سطوة الأحزاب.

هو الثلث “الضامن” لكلّ تعيينات الفئة الأولى الأساسية التي ستواكب سنوات العهد الستّ في المراكز العسكرية والأمنيّة والقضائية والإدارية، إذا ما تمّ الركون إلى التصويت. في تعيينات الفئة الأولى، التوافق يعني الإجماع، وإلّا فالتصويت بالثلثين. والأكثرية مطلوبة في القرارات التي ستتّخذها الحكومة في الملفّات الكبيرة.

الغضب السّاطع

بِحكم صلاحيّته الدستورية تقديم التشكيلة الوزارية إلى رئيس الجمهورية “الذي يُصدِر بالاتّفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة” (المادّة 53 من الدستور)، تصبّ القوى السياسية جامّ غضبها على الرئيس المكلّف، وأوائل الغاضبين من سمّوه و”طبّلوا” لوصوله إلى السراي.

لن يكون تفصيلاً هامشياً أن يعلو سقف سمير جعجع في الاعتراض على أداء سلام إلى حدّ اتّهامه بمساواة “الأحزاب المنيحة (القوات) بتلك التي جرّت لبنان إلى الخراب (“الحزب”)”، وأن تحذّر ستريدا جعجع من ولادة حكومة “قد تشكّل انتكاسة لانطلاقة العهد وضرباً للمعايير التي وردت في خطاب قسم رئيس الجمهورية”.

يحصل ذلك بينما يعتمد النائب جبران باسيل حتى اللحظة خطاباً دبلوماسياً أكثراستيعاباً، على الرغم من القرار السياسي المتّخذ بإضعاف رئيس التيّار الوطني الحرّ. وأمس، بلغ الاعتراض القوّاتي مداه بالقول إنّ “استمرار الحظر على وجود “القوات” في حكومة يفترض أنّها سيادية وإصلاحيّة لا يُفسّر بغير أنّ ملائكة محور الممانعة ما زالت حاضرة وتتدخّل من هنا ومن هناك”.

حتّى الثنائي الشيعي الذي حَسَم منذ أيام علناً، من الرئيس نبيه بري والشيخ نعيم قاسم ونزولاً، أنّ الـ Deal تمّ مع نوّاف سلام، لكنّ الريبة تجتاحه من قطبة مخفيّة تجعل الرئيس المكلّف ينقلب على التفاهمات معه، بما في ذلك التوافق على حقيبة المالية، وأن يكون قد سُمّي بأمر عمليات أميركي لإقصاء “الحزب” من السلطة التنفيذية.

ما حدن راضي

“ما حدن راضي”، ربّما إلى حين مجيء الموفد السعودي يزيد بن فرحان مجدّداً إلى بيروت هذا إذا قرّر المجيء. هذه المعادلة تختصر نقاشات الأيّام العشرين للتأليف.

لا شكّ أنّ أكبر الاعتراضات تأتي من السنّة، نواباً ومرشّحين وطامحين، على أداء الرئيس المكلّف “السنّي”. فالفريق السنّي غاضب من “إقصائه وتهميشه” على اختلاف توجّهاته، إلى حدّ التلويح بحجب الثقة عن حكومة نوّاف سلام المفترض أنّها “إصلاحية”، ولا تشبه أيّ حكومة سابقة.

في الكواليس انتقادات مكتومة الصوت، تتقاطع مجموعات سنّية عليها مع قوى سياسية أخرى، ولم تجد بعد صداها إلى الخارج. واللافت أنّها تطرح السؤال ونقيضه:

– الفريق الذي سمّاه يعترض ويرفع الصوت، فيما تمكّن سلام من التفاهم مع من لم يُسمِّه.

– ثمّة من يسأل بصوت عالٍ: هل خلافه هو مع “الحزب” أم مع مرجعيّته الدينية فقط؟

– تاريخ سلام الفكري يصطدم بتاريخ الأحزاب المسيحية، فهل بياناته كافية لإعادة الثقة بين الطرفين؟

– السؤال الأهمّ: هل الأصوات التي سمّته، بمعظمها، كانت فعلاً له أم منعاً لوصول نجيب ميقاتي، وبين الاثنين فارق كبير؟

– هل يحقّ له اختزال السنّة بشخصه، ويقبل باختزال “الثنائي” للشيعة، والاستخفاف بالتمثيل المسيحي؟ استطراداً، هل يبحث عن رعاية سعودية-أميركية لترويكا عون-سلام-الشيعة؟

– أمّا السؤال النقيض: هل استبدل سلام أرانب نبيه برّي بأرانب مارك ضو ووضّاح الصادق، مع العلم أنّهما يتكفّلان بالاتّصال ببعض الشخصيّات وطلب السير الذاتية في شأن التوزير؟

– حتّى الآن لا تزال قوى سياسية معنيّة بالتأليف تسأل: ماذا قصد سلام حين أفتى بمعادلة الإعجاز: “لا وزارة حكراً على طائفة، ولا وزارة ممنوعة على طائفة”؟ وهل قالها لتمرير تعيين ياسين جابر وزيراً للمالية؟ وماذا قصد تحديداً حين كَسَر البروتوكول بزيارة عين التينة بعد المقاطعة الشيعية للاستشارات النيابية غير الملزمة، مصرّحاً من هناك بأنّ الاستشارات لم تنتهِ بعد؟

ملاك عقيل - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا