"خدعوا الموساد": وثائق تهز إسرائيل... من هو عراب هجوم 7 أكتوبر الحقيقي؟
لا ثلث معطلاً لأيّ فريق ولا وزير ملك؟
يخوض الرئيس المكلّف نواف سلام في مخاض تشكيل الحكومة أكثر من معركة على أكثر من جبهة تمثلها المكونات السياسية، القلقة على مكاسبها ونفوذها في مرحلة حساسة تعدّ فيها العدة لخوض الانتخابات النيابية المقبلة. وإذا كانت المعارك الدائرة اليوم على الحصص والحقائب السيادية منها والخدماتية، كما على نوع المشاركة في ظل المعايير المفروضة من الرئيس المكلف، فإنّ أم المعارك التي يستشرس كل فريق في خوضها تتمثل في الثلث الضامن للبعض والمعطل للبعض الآخر. هذه المعركة التي يسعى الرئيس المكلّف إلى عدم تجرّع كأسها، لمعرفته بما تعنيه من احتكار فريق للعمل الحكومي وللقرارات والتوجّهات الصادرة عن الحكومة.
أوّل العاملين على هذا الخط ثنائي "حزب الله-أمل"، نظراً إلى أهمية هذا الموضوع والحاجة الملحة اليه، لئلّا يخرج القرار السياسي من يده، سيّما وان هذا الفريق يستشعر بقوة الضغوط الداخلية والخارجية لإبقائه خارج المعادلة، أو أقله إضعافه بحيث يفقد نفوذه المتمادي على الحكومات المتعاقبة منذ العام 2005، حيث فقدت الأكثرية قدرتها على الحكم، وتحولت السلطة عملياً للأقلية المعطلة، قبل ان تستحوذ هذه الأقلية أخيراً بالسلطة مع خروج قوى المعارضة منها وعلى رأسها حزب "القوات اللبنانية" الذي اختار البقاء في صفوف المعارضة رغم امتلاكه اكبر كتلة نيابية في المجلس.
يعمل الرئيس المكلّف على تلافي هذه المعضلة التي قد تنجم عن إمساك الحزب وحركة أمل بقوة وزارية في حكومة الـ 24 وزيراً التي يعتزم سلام السير فيها على ما كان أعلن سابقاً، وذلك من خلال تسمية الوزراء الشيعة الخمسة ضمن حصة الثنائي، يضاف اليها حصة "التيار الوطني الحرّ"، المتمسك بثلاث حقائب في حين أنّ تيار "المردة" لن يكون إلى جانب هذا التحالف، بعدما وضع تكتله، (بانضمام النائب جورج بوشكيان إليه)، نفسه في تصرّف العهد، وبالتالي ستكون له حقيبة وزارية وقدّم لائحة من أربعة أسماء ووضعها في تصرّف الرئيس المكلف، ما يعني أنه لن يكون هناك وزير لحزب الطاشناق، مع اقتصار كتلة النواب الأرمن على نائبين، بعد انسحاب بوشكيان والنائب جان طالوزيان. ويعمل الرئيس المكلف على فكفكة أيّ تحالف ممكن مستقبلاً بين هذه القوى، عبر سحب مرشح شيعي من يد الثنائي لتقتصر حصة الأخير على أربعة وزراء بدلاً من خمسة، علماً أن حصة التيار قد تقتصر بدورها على وزيرين. ما يعني أن الحزب لن يكون قادراً على تأمين تسعة وزراء (الثلث +١)،
ليست المرة الأولى التي تتركز فيها مشكلة الثلث المعطل الذي ركن إليها الثنائي منذ أصبحت الأكثرية النيابية في يد الفريق المعارض. إذ كان هذا الثلث الوسيلة الفضلى للتحكم بالقرارات الحكومية. هكذا كانت الحال في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الاولى عام ٢٠٠٧ المنبثقة عن الانتخابات، وقد واجهت تحديين كبيرين، عدوان تموز وأحداث ٧ ايار. استقال منها الوزراء الشيعة إلى جانب الوزير السابق يعقوب الصراف، بعد ان تعرضت للتعطيل من ثلث أعضائها لتُتهم لاحقاً بعدم ميثاقيتها. كذلك كانت حال حكومة السنيورة الثانية بعد اتفاق الدوحة التي ضمّت 30 وزيراً وتعرّضت أيضاً للتعطيل.
بعد الانتخابات النيابية وتكليف سعد الحريري مرتين نجح في تأليف الحكومة الرابعة بعد اغتيال والده. وكان سبب التعثر إصرار "حزب الله" على توزير جبران باسيل الساقط في الانتخابات النيابية، لتولّي وزارة الاتصالات في حكومة ضمّت 30 وزيراً من مختلف الأحزاب. لكنّ الحزب أسقط تلك الحكومة عام 2011 والحريري على باب البيت الأبيض!
وبعد حكومة اللون الواحد برئاسة نجيب ميقاتي في غياب "تيار المستقبل"، وحزب "القوات اللبنانية" عنها، تم تكليف الرئيس تمام سلام الذي عجز عن التأليف لـ 11 شهراً، وهي أطول فترة تكليف عرفها لبنان، بسبب الشروط التعجيزية لفريق 8 آذار لتوزير باسيل وقد تعطل عملها مع انتقال صلاحيات رئاسة الجمهورية إليها بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، واستمرت في ممارسة تلك الصلاحيات حتى عودة الحريري بحكومته الثانية في نهاية العام 2016، ومن ثمّ الأولى (وكانت ثلاثينية) في عهد الرئيس السابق ميشال عون من قوى 8 و14 آذار، لكنها سقطت في نهاية عام 2017 بإعلان الحريري من الرياض استقالتها (رغم رفض عون قبولها).
عاد الحريري بعد انتخابات أيار 2018 ليؤلف حكومته الثالثة بعد 7 أشهر على تكليفه، لكنه لم تستمرّ بعد إعلانه الاستقالة بعد عشرة أيّام على انتفاضة 17 تشرين.
عاد الحريري مجدداً الى رئاسة الحكومة بعد تجربة فاشلة خاضها عهد عون بحكومة تكنوقراط غابت عنها الأحزاب وترأسها الرئيس حسان دياب لم يكن ثمّة حاجة فيها إلى ثلث معطل كونها كانت كانت من لون واحد وقد اثبتت عجز هذا الفريق عن الحكم حتى بوجوه غير حزبية.
ومع اعتذار الحريري في تموز عام 2021، عاد ميقاتي إلى السرايا بحكومة اللون الواحد، التي سقطت بعد انتخابات أيار 2022.
ورغم إعادة تكليفه، عجز عن التأليف قبل نهاية عهد عون، ما حوّل حكومته الى تصريف الأعمال حتى اليوم في انتظار صدور مراسيم حكومة الرئيس نواف سلام.
لم يكن الثلث المعطل السبب الوحيد في تعطيل الحكومات، وإنما النفوذ الدائم للحزب على الحكومات المتعاقبة، الأمر الذي وضع مسألة مشاركته اليوم في مقدمة النقاش السياسي ليس لجهة حجم التمثيل، وإنّما حجم الدور والقدرة على التسهيل ولعب الدور السياسي من خارج منظار النفوذ والقوة، بل من مفهوم المشاركة. وهو الأمر الذي ستحسمه معايير سلام في التأليف عند ولادة حكومة العهد الاولى. علماً أنّ ما يقلق الحزب لا يقف عند عجزه عن تأمين الثلث الضامن له، وإنّما ان يكون هذا الثلث في يد الفريق المعارض له!
سابين عويس - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|