عندما تُحوِّل المقاومة التهديد الى فرصة للمفاجأة والمناورة...
لا يختلف أحد على أنها كانت حرباً قاسية جداً على المقاومة في لبنان، وأن أثمانها كانت باهظة جداً وثقيلة عليها وعلى بيئتها، لذا كان مجرد الصمود بوجهها يُسجَّل نصراً لحزب الله، فكيف إذا حُسبت الضربات التي وجهها للعدو الإسرائيلي من عجزه عن السيطرة على قرية جنوبية واحدة، الى وصول الصواريخ الى "تل أبيب"، حتى جاء منه طلب وقف إطلاق النار، الذي لا يعني انتهاء الحرب أو الصراع بينه وبين المقاومة، باعتبار أنه سيبقى مستمراً بأشكال متعددة باستمرار بقائهما.
دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، ودخلت معه المقاومة مرحلة جديدة من المواجهة والتحدّي، تقول مصادر متابعة ، خاصة بعد المحاولات الإعلامية التي تُرافِق كلّ حرب حول نتيجتها وجدلية النصر والهزيمة، مع آلة إعلامية ضخمة تُروِّج لفكرة الهزيمة.
فبعد أن كان السيد حسن نصرالله يَنسف جهوداً إعلامية مشوِّهة لصورة المقاومة بخطاب واحد، جاء هذه المرة مشهد تحرير الجنوب في السادس والعشرين من كانون الثاني، لينسفَ مساراً إعلامياً بلغ ذروته في الحرب وبعدها، ويُعيد التوازن للمشهد اللبناني بالدرجة الأولى، بتثبيت فكرة أن المقاومة جزء من الشعب، وأن الشعب يريد أن يقاتل العدو لاستعادة أرضه، وأن كل الأثمان التي دفعها لم تكسره، بل من خلال صورته في الجنوب استطاع تحطيم أحلام البعض، كما أكّد من جديد أن "إسرائيل" ممكن تحدّيها وكسرها، وهذا ما وتّر البعض وأدى الى هجومه على مشهد التحرير، وفق المصادر.
لا يمكن إنكار أن مشهد الجنوب صدَم الجميع، واستُكمِل بخطاب المصارحة للشيخ نعيم قاسم، الذي تحدّث بواقعية مِن منطلَق عدم استقرار الوضع في المنطقة، وأن الأحداث جارية ومترابطة وغير مستقرة، وهناك متغيّرات ستحصل، وفق المصادر، لذا لم يُعلِن عن معادلات وقواعد جامدة ولم يضع ضوابط في مساره، وإنما ترك هامشاً للمرونة والحرية والتقدير، وأكّد أكثر أن المقاومة في مرحلة الفعل ثم الكلام، وهي تتعامل مع الواقع الحالي في المنطقة والإقليم والتوازن الدولي، بقراءة مُعمَّقة قياساً بإمكاناتها ومبادئها.
حتى الترويج الأميركي و "الإسرائيلي" لضعف حزب الله والبناء عليه، يُعطي المقاومة فرصة للمفاجأة والمناورة، وبخاصة أن الحزب يَبني على حقيقة واقعه الذي يَعرفه، لذا لم يتضمن خطاب الشيخ قاسم قيوداً على أدائه السياسي والعسكري في الوقت الحالي وفق مصلحته العقائدية بالتأكيد، تقول المصادر، وبخاصة أن المقاومة اليوم أمام لحظة لا بدّ من احتوائها لتجاوزها، ومعها كل الوقت لإعادة صياغة القوّة والقدرة مع اللحظة الجديدة، باعتبار أن اختزال الوقت لا يصب في مصلحتها.
إذاً، في المواجهة مع العدو، لم ولن يكون المعيار ضعف أو قوّة المقاومة، وإنما يكون المعيار ثبات فكرة أن العدو قاتل ووجوده غير شرعي، وهذا يكفي لاستمرار المواجهة بثبات مبادئها ومرونة أساليبها، لذا يمكن توصيف الخطاب أنه واقعي وواضح وصريح وحاسم في الوقت نفسه، وقوّته أنه جاء بعد بصمة شعبية بالدم لخيار المقاومة لا يستطيع أحد تجاهلها، فالمقاومة لا تزال تملك خيارات متعددة للمواجهة، وعلى الجميع أن يَنتظر لِيَراها...
مريم نسر-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|