لِكشف مصير القرضاوي... دعوة للاحتجاج أمام سفارة الإمارات في بيروت
بين المرحلة الواعدة.. والوقائع الصادمة!
النقاشات الدائرة حول تأليف الحكومة، وما تفرزه من حملات مغرضة تستهدف بعض الشخصيات الموثوقة، والمرشحة لتولي حقيبة وزارية، كشفت حجم صدمة بعض الأطراف في المنظومة السياسية، من المعايير والقواعد التي وضعها الرئيس المكلف في تشكيل حكومة العهد الأولى، بما ينسجم مع المهمَّات الملقاة على عاتق السلطة الجديدة، ويلبي تطلعات وآمال اللبنانيين في إعادة بناء الدولة، وتحقيق الإصلاحات المطلوبة.
لعلها من المرات النادرة في تاريخ الحكومات اللبنانية، أن تكون الكفاءة هي المعيار الأساس في إختيار الوزراء، على قاعدة «الرجل المناسب في المكان المناسب»، بعيداً عن إعتبارات الإنتماء لهذا الحزب أو ذاك التيار، ودون إنتظار الترشيحات على خلفية الولاء الشخصي للزعيم، ومدى قدرته في خدمة مصالحه الفئوية أو الإنتخابية، ولو على حساب مصالح الدولة والناس أجمعين.
ليس تفصيلاً أن تتدفق السِيَر الذاتية (CV) بالمئات إلى مكتب الرئيس المكلف، الذي استطاع أن يخاطب كل صاحب اختصاص وكفاءة من اللبنانيين المقيمين والمغتربين، ويُحرك فيهم الرغبة في خدمة الدولة على قاعدة الكفاءة والخبرة، وتحقيق «طموح شخصي ما» في تولي منصب وزاري، لم يكن متاحاً له حتى الأمس القريب، لأنه رفض الإنخراط في صفوف المستزلمين والمنافقين للسلطان.
لقد أصبح كل صاحب كفاءة معنياً في المشاركة في مسيرة الإصلاح والإنقاذ، في عهد رفع رايات النزاهة والإختصاص ونظافة اليد، كشروط أساسية يجب توفرها لكل من يريد الإنضمام إلى ورشة بناء دولة المؤسسات، ومحاربة أمراض الفساد والمحسوبية المتفشية في الوزارات والإدارات العامة.
ولكن الإشكالية التي تؤخر الولادة الحكومية تكمن في عدم تسليم بعض الأطراف السياسية بتلك المبادئ والمعايير، ومازالت تتصرف وكأن الدولة يجب أن تبقى رهينة المحاصصات السياسية والحزبية، رغم ما أدت إليه الممارسات السابقة من أزمات وكوارث، أوصلت البلاد والعباد إلى الإفلاس المالي والإقتصادي، فضلاً عن إنهيار مجموعة القيم والتوازنات التي قامت عليها الشراكة الوطنية بين اللبنانيين.
الواقع أن المعايير التي يتمسك بها الرئيس المكلف، طبعاً بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، تُعتبر بداية الخطوات الإصلاحية السياسية، التي كثُر الحديث عنها في العهود السابقة، ولم تأخذ طريقها إلى التنفيذ، بسبب عرقلات المنظومة السياسية الفاسدة لأي محاولات إصلاحية.
فصل النيابة عن الوزارة. عدم ترشح أي وزير للإنتخابات النيابية. إعتماد الكفاءة والإختصاص في تولي الوزارات الخدماتية. عدم تورط المرشح لدخول الحكومة في عمليات فساد. أن لا يكون عضواً أو ملتزماً بأي تيار أو حزب سياسي.
تلك هي المعايير الأساسية التي يعتمدها الرئيس نواف سلام لتشكيل حكومته، والتي تلقى مماطلة من هنا، وعرقلة من هناك، رغم أنها تنسجم مع المواصفات التي وضعتها لجنة الدول الخماسية للسلطة الجديدة التي ستقود عمليات إعادة بناء الدولة، وتحقيق الإصلاحات المطلوبة من الدول المانحة، كشرط أساسي لتقديم المساعدات الضرورية لنهوض لبنان من كبوته الحالية.
ولا نذيع سراً إذا قلنا أن إختيار العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية، والقاضي الدولي نواف سلام لرئاسة الحكومة، إنما تم في إطار هذا المخطط الذي وضعته «الخماسية»، للمساعدة في إعادة تكوين السلطة في لبنان، على قواعد واضحة من الشفافية والحوكمة، وطي صفحة مرحلة الفساد التي أنهكت البلد، وإستنزفت قدراته التنموية والإقتصادية، في عمليات نهب منظمة، بلغت ذروتها في الإستيلاء على أموال المودعين في المصارف.
ورغم أن لبنان لم يعد يحتمل ترف الخلافات النمطية بين الأطراف السياسية، في ظل التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، فإن بعض الأطراف الحزبية مازالت تقرأ في الكتاب القديم، وتتجاهل التعامل مع العهد الجديد وفق ما ورد في خطاب القسم الإصلاحي، وتتمسك بما تعتبره «مكاسب» حققتها في فترات سابقة، وأسقطتها المتغيّرات المتلاحقة في لبنان والإقليم.
وثمة من يخشى أن تستمر عرقلة الولادة الحكومية إلى ما بعد ١٨ شباط، تاريخ الإنسحاب الإسرائيلي الجديد، مما قد يؤدي إلى تمديد التواجد الإسرائيلي في القرى الحدودية فترة أخرى، بحجة عدم وجود سلطة مركزية متماسكة في لبنان، تلتزم تنفيذ موجبات الجانب اللبناني كما وردت في إتفاق وقف النار.
كما أن التأخير المتمادي في تظهير الحكومة العتيدة، من شأنه أن يُفقد العهد الجديد الكثير من الزخم الذي أحاط به، فضلاً عن إحباط آمال اللبنانيين وتطلعاتهم إلى قيام دولة قادرة على تحقيق الإصلاح والإنقاذ وحفظ الأمن والإستقرار في البلد.
من يتحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية عن بقاء لبنان متأرجحاً بين المرحلة الواعدة..والوقائع الصادمة؟!
صلاح سلام -اللواء
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|