مارك ضو: مفروض يدفع حزب الله حق اللي عملو واذا بيقعد برا الحكومة بكون أحسن
“الحزب” مجدَّدًا في سوريا!
هل عاد “حزب الله” الى العمل العسكري مجدّدًا في سوريا؟ بدا هذا السؤال الذي تردَّدَ مساء الجمعة الماضي، وكأنّه يشير إلى أنَّ عقاربَ الزَّمن عادت الى الوراء. كما يشير إلى أنَّ رئيسَ النّظام السّوري بشار الأسد لم يفرّْ تحت جَنْحِ الظّلام من دمشق في 8 كانون الأول الماضي؟
أتى هذا السُّؤال على خلفيَّةِ ما أوردته وسائل اعلام إخباريَّة نقلًا عن بيانٍ أصدرَه الجيشُ الإسرائيلي وتحدَّثَ فيه عن “إطلاقِ نارٍ في منطقةٍ تعملُ فيها قوّات الجيش داخل الأراضي السّورية وتحديدًا في المنطقة العازلة”.
وأشارت إذاعةُ الجيش الإسرائيلي إلى أنَّ “هذه الحادثة غير عاديّةٍ بشكلٍ خاصّ لأنَّها المرة الأولى منذ بدأت إسرائيل عملياتِها البريَّة في المنطقة العازلة وجنوب سوريا، يصل فيها مسلّحون إلى منطقةِ عمليات قواتِنا ويطلقون النّار عليها”.
وذكرت الإذاعةُ أنَّ “مجموعةً تطلق على نفسها اسم “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” أعلنت مسؤوليّتَها عن إطلاقِ النّار على قواتِنا”.
وأثار اسم “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” اهتمامًا بأنَّ هذا التنظيمَ آتٍ من “حزب الله” الذي اعتاد منذ أعوامٍ طويلة تسميةَ ذراعِه العسكرية بـ”المقاومة الإسلامية”؟! فهل هذا دليلٌ ثابتٌ على صلةِ “الحزب” بالمنطقةِ الحدوديّةِ السوريّة التي تحتلُّها إسرائيل؟
سارعت وسائلُ إعلام “حزب الله” والتّابعة لها في لبنان الى تبنّي بيانِ الجيشِ الإسرائيلي. وأعطتْ لعبارةِ “المقاومة الإسلاميّة” الأهمّية القُصوى التي تستحقُّها انطلاقًا من أنَّها تحملُ طابعَ “صُنِعَ في لبنان”. وعنوَن في هذا السّياق موقعُ “العهد الاخباري” الالكتروني التابع لـ”الحزب” بالآتي: “لأوَّلِ مرّةٍ بعد التوغُّل البرّي… إطلاقُ نار ضدّ قواتٍ “إسرائيليّةٍ” في القنيطرة السّوريّة”. وبعدما أوردَ الموقعُ ما أصدرَه الجيش الإسرائيلي في هذا الصّدَد، أورد أيضًا بيانًا جاء فيه: “أعلنت مجموعةٌ تطلقُ على نفسِها “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا”، في بيانٍ منسوبٍ لها ونُشر على مواقع التّواصل الاجتماعي، بدءَ عملياتِّها ضدّ “الإسرائيلي”، مشيرةً إلى أنَّها استهدفَت لأول مرة الجيشَ “الإسرائيلي” في ريفِ القنيطرة، وأجبرته على “التراجع والانسحاب”.
بدورِها، وصفَت صحيفةٌ لبنانيةٌ حليفةٌ لـ”حزب الله” ما جرى في القنيطرة السّورية المحتلة بـ”الحَدَثْ”. وقالت في رئيسيّتِها السبت الماضي: “المقاومة الإسلامية في سوريا تعلنُ أولى عمليّاتها في القنيطرة… وإسرائيل تعترف”.
في المقابِل، قدَّم موقع “تلفزيون سوريا” الإلكتروني ومركزُه في إسطنبول معطياتٍ مختلفةٍ كلّيًّا عن الروايةِ الإسرائيليةِ التي تبنَّاها “الحزب” وتوابعه من بيروت الى طهران. وأتَت هذه المعطيات في سياقِ تغطيةٍ للموقعِ من دمشق. ويمثل “تلفزيون سوريا” حاليًّا النافذةَ الرئيسيَّةَ للأنباء من سوريا حيث حل بديلًا عن كل وسائل اعلام النظام الأسدي السابق.
وتحت عنوان “ليْسَ هجومًا جماعيًّا… حقيقةُ ما جرى في طرنجة بالقنيطرة”، جاء في مقالٍ نشره الموقعُ السّوري: “شهدت قرية طرنجة في ريف القنَيْطرة، مساء الجمعة، تبادلًا لإطلاق النّار، فقد زَعَمَ الجيشُ الإسرائيلي أنّه هجوم مسلح استهدفَ قوّاتِه، في حين أكَّدت مصادرُ محلية أنَّ الحادثةَ كانت فرديةً ووقعَت على خلفيّةِ محاولةِ اعتقال. وفي تفاصيل الواقعة، أفاد مراسل تلفزيون سوريا، بأنَّ قوةً إسرائيليةً توغَّلت داخل قرية طرنجة لاعتقال أحدِ الشبان، إلّا أنّ الأخيرَ بادرَ إلى إطلاقِ النّار في محاولةٍ لمقاومةَ الاعتقالِ، قبل أن تتمكَّنَ القوةُ من السيطرةِ عليه واعتقالِه مع شخصٍ آخر كان متواجداً في المكان”.
يُستفادُ أوَّلًا من كلّ هذه الحادثةِ، استعادة الابعاد التّاريخيّةِ لها. ويتصدّرُ هذه الابعاد، أنّ إسرائيلَ موجودة منذ ستينيّات القرن الماضي مرتفعاتِ الجولان. وأبرمت على مدى عقودٍ مع النِّظام السّوري صَكًّا تنازلَ بموجبِه الأخيرِ عن الجولان منذ العام 1974 ضمن ما سميّ اتفاق “فصل القوات”. وانتهزت إسرائيل فرصة فرارِ الوريثِ الأوَّلِ والأخيرِ لمؤسِّس النظام الاسَدي، أي بشَّار، كي تضيفَ مساحاتٍ جديدةً من الأراضي السّورية بذرائع لا تتَّصل بالواقعِ الجديدِ في سوريا.
ويأتي بعد البُعدِ التّاريخي لحادثة القنيطرة الأخيرةِ بعد تلاقِي المصالِح غيْر المباشِرة بين إسرائيل وجماعة إيران في لبنان. فقدّمَت الدولةُ العبرية روايةً أمنيَّةً لِما جرَى في القنيطرة كمَنْ يقدِّمُ “هديةً على طبقٍ من فضَّة” لهذه الجماعةِ التي دأبَت بعد انهيارِ نظام الأسد، وتاليًا انقطاع شريان الحياة الوحيد الذي يربطُ “حزب الله” بطهران، على القولِ إنَّها وحدها صاحبة الحقِّ في مقاومةِ إسرائيل في لبنان وخارجِه.
في أيّ حال، ذهبَت حادثةُ القنيطرة السّورية سريعًا الى غياهب الأنباء الجانبيّة. واعطت في الوقت عينه دليلًا على عُمْقِ أزمةِ “حزب الله” وراعيه الإيراني الوجوديّةِ في لبنان وإيران والمنطقةٍ عمومًا. وما أدَّت إليه الحربُ الإسرائيليةُ منذ أيلول من خسائرَ مهولةٍ لحقَتْ بـ”الحزب” ولا سيّما مصرَع أمينِه العام السَّابق حسن نصر الله ما زال مرتسمًا على وجهِ السَّفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني. فقد كان الأخيرُ أحدَ ضحايا مجزرةِ تفجيرِ أجهزةِ المناداة “البيجرز” في 17 أيلول الماضي، والتي أودت بآلاف العناصر في “حزب الله” بين قتيلٍ ومُصَاب. وظهر أماني الذي ما زالت آثارُ الإصابةِ في احدى عينيْه قبلَ أيامٍ الى جانب وحيد جلال زاده، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القنصليّة والبرلمانيّة خلال زيارة الأخير الرّسمية للبنان.
وأفادت وسائلُ إعلامٍ عربيةٍ، نقلًا عن مصدرٍ أمني، بأن وحيد جلال زاده حضرَ إلى لبنان لتسهيلِ نقلِ عشرات الإيرانيين من دمشق إلى بيروت، وضمانِ سفرِهم إلى طهران عبر مطار رفيق الحريري الدولي.
وذكر المصدرُ أنَّ معظمَ هؤلاء الأشخاص يقيمون في دمشقَ وضواحيها، ولا سيّما في منطقة السيّدة زينب. وبحسب التقرير، فإنَّ الحرسَ الثّوري الإيراني كان قد نقلَ هؤلاء الأشخاص من إيران إلى دمشق خلال حكم بشّار الأسد، وتم منحُهم الجنسيَّة السُّوريّة.
وأضاف المصدرُ أنَّ أحدَ أهدافِ زيارة جلال زاده هو متابعةُ أوضاعِ السّوريّين الذين فرّوا إلى لبنان، حيث تشعرُ طهران بالقلقِ من احتمالِ اعتقالِهم وتسليمِهم إلى الحكومة السّورية الجديدة.
اعتدْنا على مدى عقودٍ أن يتضمَّن برنامج زيارة أيّ مسؤولٍ إيراني للبنان لقاء مع الأمين العام السابق لـ”حزب الله” حسن نصر الله الذي أمضى على رأس هرم “الحزب” نحو 32 عامًا. ولم يتجاوَز نائبُ وزير الخارجية الإيراني، الذي كان آخر زائرٍ رسمي من طهران لبيروت، تقليد اللقاء مع نصر الله، واختار في ختامِ زيارتِه اللبنانيَّة زيارةَ الموقعِ الذي لقيَ فيه الأخير مصرَعَه في الغَارةِ الإسرائيليَّةِ التي استهدفتهُ في 27 أيلول الماضي في مقرِّه الحصين تحت الأرضِ في الضّاحية الجنوبيّة لبيروت. وصرّح زادة من على مقربةٍ من الحفرةِ العميقةِ التي أحدثَتْها تلك الغارة قائلًا: “نشهدُ اليوم في مكانِ استشهاد حسن نصر الله هزيمةَ الأعداء”. وأعرب في التّصريحِ الذي نقلته “وكالة مهر للأنباء” الرّسمية الإيرانية عن الأمل في “أن يتقدَّمَ لبنانُ حكومةً وشعبًا”. وكان لافتًا أنَّ زادة لم يورِد كلمةَ “مقاومةٍ” التي تعني “حزب الله” في سياق التّصريح الذي أدلى به.
لكنَّ السّفير الإيراني الذي رافقه في زيارة الحفرة، استدرَك على ما يبدو أنّه “سقط سهوًا” من تصريحِ كبيرِ مسؤولي خارجيّةِ نظامِه. ونقلت وكالةٌ إيرانيةٌ رسميةٌ أخرى للأنباء هي (إیسنا) عن أماني تأکيده علی “أنّ الجمهوريةَ الإسلاميةَ تدعمُ المقاومِين في المنطقة”.
يخلص كلّ هذا المشهد بِنا الى متابعةِ فَصْلٍ من حادثةٍ جرَت في القنيطرة السّورية ما بدا وكأنَّه يشيرُ الى أنَّ “حزب الله” قد عاد الى قواعدِه في سوريا عندما كان نظام الأسد قائمًا. لكنَّ توضيحًا سريعًا لهذا النبأ جاء من إيران نفسِها. وذكر التوضيحُ الذي أوردناه آنفًا أنَّ الجمهوريةَ الإسلاميةَ تحاولُ الاستعانةَ بلبنانَ كي تخرج من تبقّى لها من رعايا من سوريا، لا أنْ ترسلَ رعايا جددًا إليها (باعتبار أنَّ “حزب الله” تابع لها).
أحمد عياش -”هنا لبنان”
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|