قطر و"كلمة سرّ" أميركية كبرى وصلت الى دوائر القرار اللبناني؟؟؟...

هل وصلت "كلمة سرّ" ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية؟ وهل بات التشكيل قريباً، بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني؟

رسائل "ناضجة"

ففي العادة، تتمتّع الديبلوماسية القطرية بإطار مُتحفّظ بشكل عام، وهي لا تتحرّك إلا لنقل رسائل واضحة و"ناضجة"، أميركية بشكل خاص، عندما يحين الوقت لذلك، وعندما لا يعود تأخير بعض الأمور مقبولاً بشكل مجاني.

وإذا أخذنا في الاعتبار أن لبنان بات على مشارف نهاية المرحلة المُمَدَّدَة لاتّفاق وقف إطلاق النار في 18 الجاري، وأن المستقبل فيه يتطلّب حكماً واضحاً، وحكومة واضحة، وتشكيلة حكومية واضحة، وبياناً وزارياً واضحاً يحدّد مدى إمكانية تجديد العمليات القتالية أو لا، والجدوى من هذا الاحتمال أو ذاك، (إذا أخذنا كل ذلك في الاعتبار) فإن الزيارة القطرية أمس قد تكون "كلمة سرّ" معيّنة تسبق الإعلان عن تشكيلة حكومية لبنانية.

غزة وسوريا

وإذا أخذنا في الاعتبار أن قطر هي الوحيدة القادرة على وضع المسؤولين اللبنانيين في حقيقة ما يُحيط بمستقبل قطاع غزة، ومستقبل سوريا، تُصبح الدوحة أفضل من بإمكانه نقل بعض الرسائل الأميركية الواضحة و"الناضجة"، وذلك بما ينسجم مع رسم مستقبل الاستقرار وإعادة إعمار لبنان، ومساعدته على استثمار ثروته من النفط والغاز، وعلى تحسين أوضاعه الاقتصادية والمالية، إذا أسرع في إنجاز استحقاقاته الداخلية السياسية والإصلاحية، وفي تطبيق القرارات الدولية.

فلا أحد حول العالم يضيّع وقته بزيارة لبنان لتوجيه التهاني، بل للحثّ على الإسراع وسط عالم لم يَعُد يمتلك الوقت لأي نوع من المماطلة، في أي مكان.

إشارات خارجية

أكد الوزير السابق فارس بويز أن "الديبلوماسية القطرية لا تتحرك بمعزل عن سقف أميركي واضح، وهي لا تخرج عن هذا السقف في العادة. ومن هنا يمكن قراءة أي تحرّك قطري الى حدّ نسبي معيّن. ولكن في الوقت عينه، تصطدم قطر أحياناً بنوع من خطّ سعودي يرغب بأن لا تحتلّ الدوحة موقعاً أساسياً في الأدوار. ولذلك، يتضارب الدور بينهما أحياناً، فتتراجع قطر أو تتحفّظ أو تغيّر مجرى تحرّكها، لكونها لا ترغب بحصول مشاكل مع السعوديين. هذا مع العلم أن السياسة السعودية لا تتعارض مع سقف السياسة الأميركية في العادة أيضاً. ولكن المعايير تختلف أحياناً بين قطر والمملكة العربية السعودية".

وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "قطر تصطدم حالياً بعقبات أساسية في الملف اللبناني. فالحوار الأميركي - الإيراني الذي كان حاصلاً خلال ولاية (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن انتهى بانتهاء ولايته، وهو حوار أنجز الاستحقاق الرئاسي وتكليف رئيس بتشكيل الحكومة في لبنان، قبل خروج بايدن من "البيت الأبيض". ولكن إدارة ترامب باتت موجودة اليوم، وهي لم توضح بَعْد مجرى علاقاتها مع إيران. فهل يريد ترامب الحرب أو الحوار مع طهران؟ وما هو مضمون هذا الحوار؟ وبالتالي، أعتقد أن الملف اللبناني هو جزء من هذا الحوار، وطالما أنه (الحوار) مُتوقف حالياً، فإن ذلك ينعكس على الأوضاع في لبنان. ولذلك، نرى تصعيداً في المواقف الداخلية، وكأن الأمر ينتظر إشارات خارجية معيّنة".

تسهيل إيراني

ولفت بويز الى "وجود عقبات لبنانية داخلية تُعيق تشكيل الحكومة. فالتشكيل كان يُفتَرَض أن يحصل بسرعة، مُستفيداً من الرياح الدولية التي سهّلت انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس بتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما لم يحصل. وإذا أضفنا تأخُّر التشكيل، الى توقُّف الحوار الأميركي - الإيراني مع ترامب، نصل الى ما نحن فيه الآن".

وأضاف:"من الواضح أن إيران لها تأثير كبير على "الثنائي الشيعي"، ولا بدّ من رسالة تسهيل من جانبها تشمل مجموعة من الأمور، من بينها التركيبة الحكومية، وموضوع الجنوب، وطريقة تطبيق القرار 1701. هذه الرسالة الإيرانية لم تصل بعد، وهو ما يوفّر ذرائع لمختلف الأحزاب والقوى المحليّة، لتتحدّث عن وحدة معايير، وعن عراقيل تؤخّر تشكيل الحكومة".

بعد 18 شباط؟

وردّاً على سؤال حول إمكانية تجدُّد العمليات العسكرية بعد 18 الجاري، إذا تأخّر تشكيل حكومة تتمتّع ببيان وزاري مقبول دولياً، أجاب بويز:"لسوء الحظّ، يتوجب علينا أن ننظر في هذا الإطار أولاً، الى نتائج مباحثات ترامب مع (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو، لنتمكّن من تحديد ما هي النظرة الأميركية الفعلية والجديدة للشرق الأوسط، وما إذا كانت المنطقة مُتّجهة الى تصادُم مع إيران، أو إذا ما كان ترامب سينجح في إقناع نتنياهو بعملية تفاوض معيّنة".

وختم:"قد يكون من الصّعب وضع أي تصوّر لحلول، بمعزل عن هذا الموضوع، وعن كيفية تعامُل مختلف الأفرقاء مع نتائج تلك الزيارة".

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"