هل يمنح الحزب ثقته لحكومة سلام؟
أتى ترحيب السفارة الأميركية في لبنان بتأليف حكومة الرئيس نوّاف سلام تتويجاً لزيارة نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي كرّست القرار الأميركي بولادة حكومة لا تمثيل لـ”الحزب” فيها، و”بحضورها شخصيّاً”. لكن قبل أن تعتلي أورتاغوس منبر القصر الجمهوري و”تفتي” بالحظر الأميركي، سمعت هذا الأمر بوضوح من رئيس الجمهورية جوزف عون، ولاحقاً من الرئيس سلام الذي كان لا يزال مُكلّفاً: “حكومة كفاءات واختصاص وخبرات لا تأثير حزبيّاً على كامل أعضائها… wait and see“.
بعد مغادرتها لبنان تقصّدت الموفدة الأميركية أورتاغوس أمس نشر صورة على صفحتها الخاصة على “إنستغرام”، وهي إلى جانب ضابط هندسة في اللواء الخامس في الجيش خلال جولتها يوم الجمعة في الجنوب، حاملة صاروخ 107، تردّد أنّه من مصادرات الجيش من مخازن “الحزب”، وكتبت معلّقة: “كلّ هذا، في يوم عمل”. بدا الأمر، وكأنّ أورتاغوس تستبق مداولات البيان الوزاري حول حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، بمعزل عن التزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية.
في المقابل، كان لبنان الرسمي، بأركانه الثلاثة، وبغياب رموز مارونية، من ميشال عون إلى جبران باسيل وسمير جعجع، يحتفل بقدّاس عيد مارون ضمن مشهديّة قلب الصفحة مع عهود سابقة: فريقٌ شيعي، للمرّة الأولى منذ نهاية حقبة الوصاية السورية، لا صوت وزاريّاً له داخل الحكومة، و”احتلال” قوّاتي- كتائبي لحصّة “العونيين” في الحكومة، وحصّة وزارية مشتركة متجانسة ودسمة لرئيسَي الجمهورية والحكومة، و”ترويج” مُسبَق من محيط بعبدا والسراي أنّ الحكومة الراهنة ستقوم بأكبر نفضة في تاريخ الحكومات في مجال التعيينات الإدارية والقضائية والأمنيّة والعسكرية، تُشبِه الطابع المستقلَّ عن الأحزاب الذي عكسه طاقم عمل الحكومة الراهنة.
نقاش مع “أهل الاختصاص”
مع رصد مسار انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، وتكليف نوّاف سلام، ثمّ تشكيل حكومته خلال 27 يوماً (احتلّت المرتبة الثانية بعد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2005 التي ولدت بعد 20 يوماً)، يمكن التسليم بأنّ صياغة البيان الوزاري لحكومة “الإنقاذ والإصلاح” لن تستغرق وقتاً طويلاً، وذلك بعد تشكيل لجنة مصغّرة يوم الثلاثاء، ستتولّى عمليّاً إعادة صياغة خطاب القسم و”عَجنه” مع مسلّمات سلام خلال ولايته المحدودة زمنياً، وخطط عمل الوزارات.
النقاش الفعليّ، كالعادة، لن يتمّ بين أعضاء اللجنة “غير الحزبيين”، تحديداً في شأن بند المقاومة، بل مع “أهل الاختصاص” بذلك، أي الرئيس نبيه برّي و”الحزب” مباشرة.
يقول متابعون إنّ “رسالة الرئيس نبيه برّي الواضحة لمورغان أورتاغوس بأنَّ استمرار احتلال الأراضي اللبنانية يستوجب مقاومته، هي من باب تأكيد “الثنائي الشيعي” حتمية تكريس هذا الواقع، في ظلّ صياغة البيان الوزاري تحت الاحتلال الإسرائيلي لبعض بلدات الجنوب، واحتمال عدم انسحابه من بعض النقاط الاستراتيجية “الكاشفة”، والأهمّ في ظلّ تأثيرات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير الغزّيّين من أرضهم، ودعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السعودية “التي لديها أراضٍ شاسعة إلى إقامة دولة فلسطينية عليها”.
لا شكّ أنّ معركة البيان الوزاري ستكون الرابعة للثنائي الشيعي بعد المواجهة على جبهة انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف نواف سلام، والكباش حول الحصّة الشيعية في الحكومة.
بيان وزاريّ مختلف
مع ذلك، تؤكّد مصادر قريبة من رئيس الحكومة لـ”أساس”: “نحن نتكلّم عن حكومة لا ثلث معطّلاً فيها لأحد، بل حكومة “ثلثَي الإنتاجية والتجانس” للرئيسين عون وسلام، وورقة الميثاقية مُعطّل مفعولها، وطاقمها الوزاري خبير بالملفّات، وليس بتلقّي الاتّصالات من خارج قاعة مجلس الوزراء”.
تضيف المصادر: “البيان الوزاري لحكومة سلام سيكون مختلفاً بكلّ المعايير عن البيانات الوزارية السابقة، لا سيما أنّ الحكومة مداها الزمني قصير نسبياً. وفي ما يتعلّق بموضوع سيادة لبنان والمقاومة، لدينا اتّفاق الطائف، وخطاب القسم وكلمة رئيس الحكومة من القصر الجمهوري في يوم التأليف، والمادّة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والأهمّ هناك اتّفاق وقف إطلاق النار، والكلّ ملتزم به”.
تكتمل الصورة بالموقف الأوضح الذي عَكَسَه أمس رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، الذي قيل إنّه كان لديه التأثير الأقوى على سلام في اختيار بعض الوزراء، بحديثه عن “إرغامات (وهي خارجيّة وُلِدت الحكومة في ظلّها)، يجب العمل بها لإنقاذ لبنان”.
ارتياح شيعيّ لتوزير “القوّات”
تنتظر الحكومة ثقة مؤكّدة في مجلس النواب ستتجاوز اعتراض رئيس “التيّار الوطني الحرّ” الذي نصّب نفسه كتلة داعمة للعهد، ولم يُعرف هل ينتهي هذا الدعم في “جلسة الثقة”. إضافة إلى نقمة النواب السنّة على احتكار رئيس الحكومة لحصّة الطائفة.
ستتركّز الأنظار أيضاً على ثقة “الثنائي الشيعي” الذي تصرّف وكأنّه نال مراده في الحكومة. بل أكثر من ذلك، كان لافتاً أمس قول المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان “إنّنا في حالة ارتياح لوجود القوّات اللبنانية في الحكومة، ويجب الاستماع إلى صوت المعارضة والأقلّيات”.
موقفٌ شيعي من أعلى المرجعيات الدينية بدا ردّاً على مناشدة جبران باسيل الرئيس المكلّف، قبل اللحظات الأخيرة من ولادة الحكومة، “أخذ الوزير الخامس من الثنائي الشيعي أو من حلفائه، أو خذوا منه وعداً بعدم التعطيل، لكن لا تتمرجَلوا على غير الثنائي”.
وكان يقصُد بذلك الحصّة الهزيلة التي عُرِضت على “التيّار الوطني الحر”، ورَفَضها، إضافة إلى تأكيد باسيل “عدم وجود تحالف مع “الحزب”.
يُذكر أنّ “الحزب”، كما الرئيس برّي، كان يمنح ثقته لمعظم الحكومات السابقة، بما في ذلك حكومات سعد الحريري وتمّام سلام وحسّان دياب وحكومة نجيب ميقاتي الأخيرة.
ملاك عقيل - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|