وزير الخارجية: السياسة الخارجية للبنان ستقوم على مبادئ الاستقلالية والسيادة
ببركات مار مارون... اقتضى التوضيح...
في بلادنا، اعتادت الشعوب على ربط كل الاستحقاقات المدنية، من سياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية، وغيرها، بأبعاد دينية أو إيديولوجية أو فلسفية - ماورائية... بشكل يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول قوة وسهولة ارتباط عقول أهل تلك البلاد بالعواطف.
لن تتغيّر...
في هذا الإطار، يمكن لحرب مثلاً، بوجهها العسكري ونتائجها الكارثية، أن تتحوّل الى مادة لإضفاء شرعية ماورائية على شخص، أو لنزعها عنه، أو لاستعمالها كأداة عبادة وصلاة وصوم.
كما يمكن لتقارير اقتصادية أو مالية، أو لانهيارات وعقوبات على هذا المستوى... أن تُصبح مقياساً لاكتساب الحاكم قوة خفيّة من أخرى ماورائية، من خلال الظروف الصّعبة التي تُصوَّر كحروب على الأخلاق والشرف والقِيَم والدّين، في حالات كثيرة.
وحتى إنه يمكن لخلاف سياسي داخلي حول مقعد وزاري أو نيابي أو رئاسي أو حتى بلدي... أن يتحوّل الى مادة للتراشُق الطائفي والمذهبي، وصولاً الى حدّ التكفير وتوزيع شهادات الإيمان وإجراء فحوص الالتزام الديني... وغير ذلك.
فهذه هي بلادنا التي لن تتغيّر على الأرجح، ولو "تعلمن" العالم كلّه. فتشكيل حكومة يمكن النّظر إليه كبركة من قديس، وذلك قبل معرفة خير تلك الحكومة من شرّها، ومدى التزامها العمل بموجب المصلحة العامة وخير الإنسان. وانتهاء حرب عشيّة عيد معيّن قد يُعتبَر إشارة من السماء، ليس للتقويم والتصحيح والتصويب واستخلاص العِبَر، بل للتأسيس من أجل مزيد من الحروب والمشاكل والقتل والتدمير، في المستقبل.
تمييز الذهب
تحوّلت حكومة الرئيس نواف سلام خلال اليومَيْن الماضيَيْن، الى بركة من بركات القديس مارون، لكونها أبصرت النور عشيّة عيده. ولكن اسمحوا لنا...
نحن لا نحكم باكراً، طبعاً. ولكن يحقّ لنا القول إن التأنّي أولاً، هو من أبسط واجباتنا، وذلك قبل التأكُّد ممّا إذا كانت الحكومة تشكّلت ببركة مار مارون بالفعل، أم لا، أي إذا ما كانت حصّة القديس (مارون) فيها محصورة بالتاريخ (ليلة عيده في 8 الجاري) لا أكثر، فيما لا شيء يشبهه فيها. وهذا تماماً مثل من يحاول أن يجهد في التمييز ما بين الذهب الأصلي، وذاك المُقلَّد.
لا مجال... أبداً...
وانطلاقاً من هنا، قد تكون الحكومة أبصرت النور في ليلة عيد ما مارون، ولكن ليس ببركته الفعلية. ولا مجال لاعتبار أن هناك بركة على أي شيء إلا بعد اختباره، وتبيان النتيجة منه. وفي حالة الحكومة، لا مجال للقول إنها تشكّلت ببركة مار مارون إلا إذا أتت نتائج عملها بعد مدّة لخير البلد والإنسان، أي لاستعادة كرامته في العيش، وتمكينه من تأمين احتياجاته كافّة.
ولا مجال للقول إن الحكومة الجديدة أبصرت النور ببركة مار مارون، إلا إذا أمّنت للإنسان في لبنان سُبُل التحرُّر من العصابات المُغطّاة بإسم شرعية، المتمثّلة بالأحزاب كافة، وبأذرعها المنتشرة في أرجاء البلد عموماً، والتي تعيث فيه فساداً، ونهباً، وقتلاً، وتنكيلاً، وشتماً...
ولا مجال للقول إن الحكومة الجديدة تشكّلت ببركة مار مارون، إلا إذا وازنت بين القروض التي يحتاجها البلد، وبين ضرورة أن لا يتسبّب الاقتراض وبرامجه بزيادة نِسَب الفقر والمرض والجوع... فيه.
طريق طويل
فبركة مار مارون ليست يوماً من 24 ساعة. ولا هي ليلة 8 شباط من كل عام، ولا يوم 9 شباط، ولا صفة تُطلَق على أي شيء يحصل في هذَيْن التاريخَيْن، بل هي (بركة مار مارون) حياة، قبل أي شيء آخر. والحياة في حالة الحكومة، هي ما يمكنها أن توفّره من ظروف جديدة، تنقل الإنسان في لبنان من جهنّم التي توغّل فيها قبل نحو خمس سنوات، وحتى اليوم.
وبالاستناد الى ما سبق، نقول إن الحكومة خرجت الى الضّوء قبل يومَيْن، أي في ليلة عيد مار مارون. وأما أن يكون ذلك تمّ ببركة القديس مارون أم لا، فمن المُبكر جداً البتّ به، إلا بعد طريق طويل، وطويل جداً...
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|