عندما فرض مصرف لبنان إجراءات أمنية لحماية موجوداته في الحرب
لم تقتصر تداعيات الحرب الاسرائيلية على الخسائر المباشرة التي دفعها لبنان، سواء في الأرواح او تدمير قرى واحياء بكاملها في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، وما ستفرضه اعادة الإعمار من اكلاف مالية عالية جداً.
كان اقتصاد لبنان يتعرض ايضاً لانتكاسة، حاولت الهيئات الاقتصادية الحدّ من خسائرها، في وقت كانت قدرات الدولة اللبنانية متواضعة لا تملك سُبل المواجهة لوقت طويل.
كان اللافت هو عدم تأثر مصرف لبنان المركزي بتداعيات الحرب، اذ حافظ على الاستقرار النقدي، واستطاع تأمين العملات النقدية بالليرة اللبنانية او الدولار إلى كل المناطق، فلم تنقص السيولة المالية في السوق، وبقيت تداعيات الحرب بعيدة عنها.
من جهة ثانية، اقدم المصرف المركزي على زيادة قيمة المدفوعات في التعاميم المخصصة للمودعين، مما ساهم في استفادة ما يزيد عن 400 الف مودع، في عزّ الأزمة التي شهدها لبنان.
وبحسب المعلومات، فإن تجنّب تداعيات الحرب، لم يكن صدفة، ولا عملاً سهلاً، بل نتيجة خطة عمل متكاملة اقرها المصرف المركزي، ونجحت بتحقيق اهدافها.
تشعبّت تلك الخطة لتطال جوانب أساسية:
توالت تقارير عن امكانية حصول قرصنة مالية لحسابات مصرف لبنان، خصوصاً التي يرتبط بها مع البنوك والعواصم الخارجية. مما دفع المركزي إلى تعزيز الامن السيبراني بشكل يمنع اي خرق او قرصنة محتملة خلال الحرب، واحباط محاولات في هذا المجال.
اقام حرس المصرف المركزي في المبنى، ولم يغادره طيلة ايام الحرب. كما خصص المركزي لموظفيه امكنة للاقامة قرب مبنى المصرف، لضمان استمرار تواجدهم على مدار الايام والساعات، خشية من عدم قدرتهم على الوصول إلى عملهم جرّاء الاستهدافات التي كانت تتعرض لها مناطق لبنانية. وهو ما ساعد في تأمين استمرارية عمل المصرف وبالتالي تأمين أمور اللبنانيين ومتطلباتهم النقدية.
استحدث المركزي كذلك خلال الفترة السابقة خزنات مصفحة لحماية وتخزين الأموال بالعملة اللبنانية والعملات الأجنبية، لا سيما وان تحويل الأموال للخارج لم يعد ممكنا مع توقف شركات الطيران الأجنبي من القدوم الى لبنان، مع تشديد الحماية على خزائن الاموال الموجودة والذهب، لمنع اي محاولات سرقة، في حال توسعت الحرب وادّت إلى احتمال تفلّت امني داخلي، خصوصاً ان افاق الحرب لم تكن واضحة.
كما واجه المصرف المركزي مشكلة توقف شركات نقل الأموال إلى المناطق نتيجة اشتداد القصف والحرب على لبنان، وامتناع شركات نقل الاموال عن تأمين سياراتها المصفحة نتيجة وقف شركات التأمين عقودها معهم، الأمر الذي الزم المصرف المركزي اتخاذ إجراءات يقتضي عدم الإفصاح عنها ويمكن اختصارها باستخدام سيارات خاصة محمية للقيام بذلك، وفي هذا الإطار نفّذ المركزي توصية قوى الامن الداخلي بشراء سيارات مصفحة، للأسباب الأمنية المذكورة.
وكانت اجراءات مصرف لبنان في السنتين الماضيتين فاعلة على مستويات عدة: تثبيت سعر صرف الليرة، والنجاح في منع المضاربة، زيادة الاحتياط حوالي ملياري دولار، تأمين سيولة نقدية بالدولار لرواتب الموظفين مع الزيادات التي حصلت، زيادة قيمة التعاميم، مأسسة المركزي بشكل نال اشادة العواصم الدولية وصناديقها وبنوكها المالية، مما حيّد القطاع المصرفي في لبنان عن تداعيات اللائحة الرمادية، بحيث استمرّ تعامل المصارف المراسلة مع المصارف اللبنانية دون أيّ تغيير .
وبإنتظار بت قوانين تتعلق بأموال المودعين، بات مصرف لبنان جاهزاً على هذا الصعيد، لمواكبة الخطة الحكومية لحلّ تلك الأزمة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|