"عقلٌ مدبر" وراء استراتيجيات ترامب في الشرق الأوسط!

في مؤتمر صحفي للرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لفت الأنظار جلوس إريك تريجر، منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، في الصف الثاني خلف نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، في الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض.

وفي اليوم التالي، ظهر تريجر واقفًا في أقصى يمين المكتب البيضاوي أثناء اجتماع ترامب مع ملك الأردن عبد الله الثاني. في كلا الحالتين، كان تريجر يحمل ملفًا ورقيًا يُعتقد أنه يحتوي على وثائق هامة قد يحتاجها الرئيس أثناء لقاءاته مع ضيوفه من الشرق الأوسط، وهو يُعتبر من أبرز مستشاري ترامب وأهم صانع قرار في السياسة الأميركية تجاه المنطقة.

من أجل فهم أهمية دور تريجر، حرص كل من وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على لقائه في مبنى كبار الموظفين في الجناح الغربي بالبيت الأبيض خلال زياراتهم الأخيرة إلى واشنطن.

وقد شغل تريجر هذا المنصب تحت رئاسة ترامب، خلفًا لبريت ماكغورك، الذي لعب دورًا كبيرًا في مفاوضات التهدئة مع حركة حماس. ويُعد تريجر أحد صانعي السياسة الأميركية في ملفات الشرق الأوسط، حيث تؤثر مواقفه بشكل كبير على القرارات الأميركية في هذه المنطقة الحيوية.

وُلد تريجر في نيويورك، ويعرف عنه حبه لفرق نيويورك في رياضة البيسبول. تخرج من جامعة هارفارد حيث درس العلوم السياسية واللغات العربية والعبرية، ثم حصل على الماجستير من الجامعة الأميركية في القاهرة، وتخصص في الإصلاح القانوني الإسلامي.

ونال أيضًا درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بنسلفانيا، حيث ركز على دراسة المعارضة المصرية تجاه الرئيس السابق حسني مبارك واحتجاجات ميدان التحرير خلال الربيع العربي.

أمضى تريجر وقتًا طويلاً في القاهرة، حيث درس في إطار منحة فولبرايت وركز على دراسة الحضارات الإسلامية. ومن بين أدواره السابقة، عمل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، حيث كان له تأثير كبير في قضايا الشرق الأوسط.

ومن بعد تركه لهذا المعهد في عام 2017، انتقل للعمل في مجلس الشيوخ الأميركي وشارك في لجنة العلاقات الخارجية، ثم أصبح كبير موظفي لجنة القوات المسلحة في المجلس تحت رئاسة السيناتور الجمهوري جيمس أنهوف.

لا يقتصر دور تريجر على تقديم المشورة للبيت الأبيض، بل هو يشارك في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المتعلقة بالشرق الأوسط، ويُعد أحد الأشخاص الرئيسيين في تشكيل السياسة الأميركية في المنطقة. وقد تعاون مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، الذي يفتقر إلى الخبرة السياسية في المنطقة، ويعتمد على أسلوب الصفقات. يتمثل دور تريجر في دعم وتوفير الملخصات والمواقف المتعلقة بالقضايا المختلفة.

لقد أُشرف على العديد من المبادرات والمفاوضات الرئيسية، ومن أبرز الشخصيات التي عمل معها في السابق كان مارتن إنديك ودينيس روس، بالإضافة إلى كبار المسؤولين الإسرائيليين مثل رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير.

ويُعرف معهد واشنطن بتوفير التدريب والخبرة للأفراد الذين يشغلون مناصب قيادية في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط.

يعد تريجر من أبرز الباحثين الذين قاموا بدراسة مصر وجماعة الإخوان المسلمين، حيث كان يصرّ على أن هذه الجماعة تعتبر "جماعة كراهية متطرفة". كما انتقد إدارة الرئيس باراك أوباما في فترات عدة على تعاطيها مع مصر، خاصة عندما تم تجميد المساعدات العسكرية.

في مجالات أخرى، كان تريجر من أشد المؤيدين للتشدد مع إيران وندد بالاتفاق النووي لعام 2015. وهو أيضًا معروف بعلاقاته القوية مع الدبلوماسيين العرب، ولا سيما السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة.

في الآونة الأخيرة، توقف تريجر عن نشر آرائه الشخصية على منصة "إكس" منذ 7 تشرين الأول 2023، واكتفى بإعادة نشر تعليقات من لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ حول الصراع في الشرق الأوسط.

وكان قد نشر انتقادات موجهة لإدارة الرئيس جو بايدن بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، وكذلك انتقد حجب بعض الأسلحة عن إسرائيل.

عُرف تريجر بغزارة إنتاجه في مجال المقالات والتقديرات السياسية التي نشرت في صحف أميركية كبرى مثل "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"فورين أفيرز"، كما أصدر كتابًا بعنوان "الخريف العربي: كيف ربح الإخوان المسلمون مصر وخسروها في 891 يومًا" الذي تناول فيه تأثير جماعة الإخوان على السياسة المصرية خلال فترة الربيع العربي.

على الرغم من مشاغله السياسية، تظل أولويته التأثير في سياسة الشرق الأوسط الأميركية لضمان حماية المصالح الأميركية في هذه المنطقة الحساسة.