إيران "ممنوعة" في الأجواء اللبنانية... الضغوط تزداد
تزداد الضغوط على حكومة نوّاف سلام التي تَجهد في مهلة قياسية لإعداد بيانٍ وزاريّ يَسمح بنيلها الثقة ضمن مهلة زمنية قصيرة، لتبدأ “ورشة الإنقاذ”. لكنّ أخطرها الضغط الأمنيّ، الذي انفجرت أحد بؤره ليل الخميس، مع نزول مناصرين لـ”الحزب” إلى الشارع، وقطع طريق المطار لساعات، اعتراضاً على منع طائرة “ماهان” الإيرانية من التوجّه إلى بيروت، وهو ما استدعى تدخّلاً سريعاً للجيش لإنهاء التحرّك، في ظلّ معلومات أمنيّة عن احتمال تجدّد الاعتراضات في الشارع من طريق المطار… إلى الحدود الجنوبية، ربطاً بعدم التزام إسرائيل بالانسحاب من جنوب لبنان. وهذا ما حصل فعلاً حيث تمّ قطع طريق المطار مجدداً مساء الجمعة، والاعتداء على موكب لـ “اليونيفيل”، وإحراق سيارة تابعة لقوات حفظ السلام.
الأجهزة الأمنيّة والعسكرية، خصوصاً الجيش اللبناني، إجراءات أمنيّة استثنائية فرضتها عدّة محطّات، منها الحشد الشعبي لتيّار المستقبل منذ مغادرة الرئيس سعد الحريري لبنان عام 2019 في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ويوم تشييع الأمين العامّ لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله في 23 شباط، والتحسّب للتداعيات الأمنيّة في حال مرور تاريخ 18 شباط من دون تنفيذ العدوّ الإسرائيلي التزامه الانسحاب الكامل من القرى الحدودية والنقاط الاستراتيجية المحتلّة، بعد التمديد الأوّل لاتّفاق وقف إطلاق النار.
توتّر مستمرّ على الحدود الشّرقيّة
على الحدود الشرقية مع سوريا، وبعدما أرسل الجيش تعزيزات عسكرية وانتشر في بعض النقاط الحدودية “ضمن القدرات الممكنة”، وذلك للحدّ من الاشتباكات التي اندلعت بعد هجوم مسلّحي “هيئة تحرير الشام” على مسلّحين من عشائر بقاعيّة ومجموعات مؤيّدة لـ”الحزب”، لا يزال الوضع الأمنيّ غير مُطمئن وتحت المتابعة والرصد.
يَحدث ذلك في ظلّ معطيات أمنيّة تؤكّد أنّ هدف مسلّحي “الهيئة” تطهير البلدات المتداخلة مع سوريا، وغالبيّتها تابعة جغرافيّاً لسوريا ويسكنها لبنانيون منذ عقود، من كلّ وجود لبناني، بما في ذلك البلدات المتاخمة للهرمل وتلك الواقعة في ريف القصير، وإقفال كلّ الممرّات والمعابر غير الشرعية التي كان يستخدمها “الحزب” في تنقّلاته بين البلدين، خصوصاً لجهة نقل المال والسلاح، إضافة إلى ملاحقة عصابات التهريب على أنواعه.
يجعَل هذا الواقع الهدوء الحذر على الحدود الشرقية مع سوريا قابلاً للسقوط بأيّ لحظة، خصوصاً إذا ما رُبط هذا الاستاتيكو المستجدّ مع ما يجزم قريبون من “الحزب” بأنّه “استكمال لمؤامرة خنق “الحزب” على الحدود الجنوبية والشرقية وصولاً إلى شمال الليطاني ومطار بيروت، ومحاصرته بالكامل من خلال الإطباق على كلّ مصادر تمويله وإقفال مؤسّساته المالية، على رأسها القرض الحسن، وتجفيف منابع تمويله حتى لو كانت تحصل عبر أشخاص أو حقائب فردية”.
غرفة عمليّات رئاسيّة
فعليّاً، لا تستطيع حكومة سلام، مُجتمعة، اتّخاذ أيّ موقف في شأن “وَضعيّة المطار”، أو الحدود الشرقية، أو الإصرار الإسرائيلي على البقاء في نقاط حدودية جنوب لبنان، قبل نيلها الثقة في مجلس النواب.
لكنّ مصادر مطّلعة تجزم لـ “أساس” بأنّ “رئيس الحكومة لا يملك راهناً سوى إصدار المواقف التي قد يبدو صعباً عليه أن تصدر بما يُناقض التوجّهات الأميركية. من ضمن ذلك ما حصل مثلاً في المطار لجهة طلب سلام من وزير الأشغال فايز رسامني، الذي طلب بدوره من مديرية الطيران المدني، عدم منح الطائرة الإيرانية الإذن بالهبوط”.
أمّا رئيس الجمهورية، تضيف المصادر، فقد فتح غرفة عمليّات في بعبدا موصولة بغرفة عمليّات قيادة الجيش، للإشراف على المستجدّات الأمنيّة، وعلى رأسها الاشتباكات بين المتظاهرين والجيش على طريق المطار، التي جرت طوال ليل الخميس -فجر الجمعة، ثم تجدّدها مساءً.
تفيد المعلومات بأنّ اللجنة الأمنيّة لـ”الحزب” كانت تحاول الضغط على المحتجّين لعدم توسيع رقعة التظاهر، وعدم الاصطدام مع القوى العسكرية، وهو ما يوحي إمّا بتوزيع الأدوار بين أجنحة “الحزب” نفسه، أو باستمرار “الحزب” بممارسة ضبط النفس إلى الحدّ الأقصى، بسبب الأيام القليلة الفاصلة عن تشييع السيّد. وكان لافتاً أمس استنكار حركة أمل والحزب لممارسات المحتجين الذين اعتدوا على “اليونيفيل”، حيث تحدّثت قناة «المنار» عن «معلومات عن قيام أشخاص ملثمين بتنظيم تحرّك مشبوه يهدف إلى افتعال فوضى على طريق المطار”، فيما وصفت حركة أمل قطع الطرقات ب “الطعنة للسلم الأهلي”.
لا طائرات إيرانيّة في المطار
عمليّاً، “المفاجأة” الفعليّة التي حصلت تَكمن في استجابة السلطات في لبنان بعد ساعات قليلة للرغبة الإسرائيلية، أو خضوعها للتهديد الإسرائيلي، الذي عَكَسَته تغريدة أشار فيها ناطقٌ باسم جيش العدوّ صباح الخميس إلى استغلال “فيلق القدس و”الحزب” مطار بيروت في الأسابيع الأخيرة من خلال رحلات مَدنيّة في محاولة لتهريب أموالٍ مخصّصة لتسلّح الحزب”.
هنا تفيد المعلومات بأنّه، حتّى إشعار آخر، لن يُسمح للطائرات الإيرانية بالهبوط في مطار بيروت، وقد يطال الحظر بعض الطائرات العراقية “المشكوك في أمرها”، وهو ما قد يستدعي موقفاً رسمياً من طهران وبغداد.
باتت الحلقة القريبة من “الحزب” تتصرّف على أساس أنّ ما حصل يؤسّس لحقبة جديدة في التعاطي الرسمي مع إيران قد تنتهي بمنع الطيران الإيراني نهائياً من القدوم إلى لبنان، وربّما إلى توتّر العلاقات الدبلوماسية، وأنّ من مفاعيله القريبة جدّاً منع الوفود الإيرانية الآتية من طهران التي تقدّر بالآلاف، بما في ذلك اللبنانيون القاطنون هناك، من المشاركة في تشييع السيّد. ولهذا الواقع تداعيات لن يكون بإمكان بيئة المقاومة أو قيادتها تجاهلها، وهو ما يفتح الوضع الداخلي على العديد من الاحتمالات.
وحظر إيرانيّ على “ميدل إيست”؟
أمس، لاحت بوادر توتّر لبناني-إيراني من خلال ردّ الطيران المدني الإيراني على طلب شركة “ميدل إيست” السماح بهبوط طائرتين تابعتين لها في مطار طهران لنقل الركّاب اللبنانيين، بالطلب أن يتمّ التواصل من خلال الخارجية اللبنانية، وفقاً للقوانين. وهذا ما فسّره وزير الخارجية يوسف رجّي، بأنّه “منع إيراني لطائرات ميدل إيست من الهبوط في طهران”.
حتى يوم أمس كان لا يزال التفاوض قائماً بين وزارتَي الخارجية اللبنانية والإيرانية لحلّ الأمر، من دون إعطاء لبنان clearance لهبوط أيّ طائرة إيرانية في مطار بيروت. وهذا ما أكّده أمس المدير العامّ لمطار الإمام الخميني، بقوله إنّ “الرحلات إلى مطار بيروت لا تزال ملغاة منذ صباح الخميس بعد أن لم يمنح لبنان الإذن باستئنافها”.
هكذا، وفي ظلّ الإصرار الإسرائيلي على التمسّك باحتلاله لمناطق في جنوب لبنان، والتضييق اللبناني المستمرّ على “الطيران الإيراني”، تتخوّف أوساط معنيّة من انفجار الشارع، بعد إتمام مراسم تشييع السيّد نصرالله، خصوصاً أنّ معطيات مؤكّدة وصلت إلى قيادة المقاومة بأنّ القرار صدر فعلاً بنزع سلاح “الحزب” على كامل الأراضي اللبنانية، وبمنع وصول الأموال له حتى تلك المخصّصة لإعادة الإعمار أو استكمال برنامج توفير تكاليف الإيواء والترميم، وهو ما يعني أنّ الحكومة ستكون أمام استحقاق مصيري إذا غطّت سلسلة إجراءات ميدانية وماليّة وسياسية تستهدف بنية “الحزب” العسكرية والماليّة.
ملاك عقيل - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|