لعبة الشارع... خيط رفيع بين الحق والباطل
يوم بدأ الحشد الشعبي في الجنوب لاقتحام القرى المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي والتمكن من تحرير بعض القرى نُظّمت الاحتفالات في الضاحية الجنوبية من خلال الإعداد لمسيرات سيارة وعبر الدراجات النارية، لكن في تلك الليلة تسرّبت بعض المجموعات وغرّدت خارج السرب فوصلت إلى مناطق في بيروت محسوبة بحسب التقسيم الطائفي على غير "الشيعة" وأدت إلى ما أدّت إليه من إشكالات، وشكّلت مادة دسمة لخصوم الحزب لمحو المشهد الجنوبي والتركيز على مشهد الدراجات النارية في شوارع بيروت.
في ذلك اليوم وبعد المشاهد الإستفزازيّة، حصل تواصل بين المعنيين في قيادتي حركة أمل وحزب الله لمعرفة هوية من تحرك وأسباب التوجه نحو تلك المناطق، وكانت الخلاصة بأن هذه المجموعات تحركت بشكل تلقائي دون أيّ طلب، وكادت أن تؤدّي إلى نتائج خطيرة على الاستقرار والسلم الأهلي.
أول من أمس، تكرر المشهد بصورة مختلفة، فبعد القرار اللبناني بمنع استقبال الطائرة الإيرانية في مطار بيروت الدولي، وبغض النظر عن الأسباب التي يمكن بحثها في مقال مفصل، كانت الدعوة رسميّة إلى تحرك في محيط مطار بيروت الدولي للإعتراض ورفع الصوت تجاه ما تعتبره بيئة "المقاومة" "اذعاناً لبنانياً" للمطالب والأوامر الإسرائيليّة، ونية مبيّتة لضرب علاقة لبنان وإيران، ولكن بعد ساعتين تقريباً على التحرك أمام المطار، بدأت تُقفل الطرقات في أحياء مختلفة من مدينة بيروت، وصولاً إلى منطقة الشويفات، وهو ما تؤكّد مصادر عليمة بتفاصيل تلك الليلة، أنه لم يكن بقرار حزبي.
بحسب المصادر فإنّ القرار الحزبي كان بالتحرك أمام المطار، وبعد بدء العمل على الحلول وتدخل الجيش، عمد حزب الله إلى تهدئة الشارع والطلب من المواطنين فتح الطريق، ولكن لم يكن هناك أي قرار بنقل الاحتجاجات إلى بيروت، خصوصاً أن المدينة كانت تشهد مسيرات سيارة لجماهير تيار المستقبل الذين كانوا يحيون الذكرى العشرين لاغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري.
وتكشف المصادر أنه بالتزامن مع هذه التحركات التي كانت بقرار شخصي من قبل المتحركين، نُشر مقطع مصور لمناصري تيار المستقبل يهتفون بعبارات مسيئة للشهيد السيد حسن نصر الله، وهو تسجيل قديم، أعيد نشره للتسبّب بالفتنة التي يخشاها الجميع ولكنها قد تقع في أي لحظة تخرج فيها الأمور عن السيطرة كما كاد أن يحصل ليل الخميس الجمعة.
بعد انتشار التحركات في أكثر من منطقة، عمل حزب الله على محاولة احتواء التحركات ولمّ الشارع، وكانت هذه المرة هي الثانية التي كاد الشارع فيها أن يفلت من أيدي من يمكنهم لمّه، وهناك خشية أن تكون "الثالثة ثابتة".
لا يمكن لأحد أن ينزع عن المواطنين حقّهم بالتحرك والاعتصام والتظاهر والتعبير عن مواقفهم ورفضهم واعتراضهم، ولكن ما بين "الحق" بالتحرك، و"الباطل" الذي يمكن أن ينتج عن تفلت الشارع أو استثماره بغير مكان، خيط رفيع جداً، وهذا الخيط إذا ما قُطع فإنّه يؤدي بالبلد إلى ما لا تُحمد عقباه، خصوصاً أنه وكما يقول المثل الشعبي "فالبلد لا تهزّه، واقف عَ شوار".
محمد علوش-النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|