وسط الدمار وشلل الإنتاج.. كيف يستعيد الاقتصاد السوري عافيته؟
يواجه الاقتصاد السوري أزمة غير مسبوقة بعد أكثر من عقد من النزاع، فقد تسببت الحرب بتدمير البنية التحتية وشلل القطاعات الإنتاجية، ما أدى إلى خسائر تقدر بتريليون دولار، وفق تقديرات الخبراء.
وعلى الرغم من محاولات الإنعاش، فإن النمو الاقتصادي لا يزال بطيئاً، مما يجعل التعافي مساراً طويلاً وشاقًا.
ويرى المختصون أن العقوبات الدولية، بالإضافة إلى انهيار القطاعات الحيوية مثل الطاقة والزراعة، تشكل عقبات رئيسة أمام إعادة البناء.
ومع ذلك، يمكن للمجتمع الدولي أن يؤدي دوراً محورياً في تسريع عملية التعافي من خلال الاستثمارات الاستراتيجية، والدعم المالي والتقني، وتهيئة بيئة سياسية مستقرة تسهم في عودة الاقتصاد السوري إلى مساره الطبيعي.
أزمات عميقة
في هذا الصدد، يقول الأكاديمي الدكتور مهيب صالحة، إن خسائر سوريا بلغت بالمجمل حوالي تريليون دولار دون حساب خسائر النمو الاقتصادي في سنوات الأزمة التي تبلغ حوالي 300 مليار دولار، وهذا يعني أن تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي غير مبالغ بها إن لم تكن متفائلة.
وأضاف صالحة لـ"إرم نيوز"، أن الاقتصاد السوري يواجه أزمات عميقة، إذ يعاني انهيار البنية الاقتصادية، وضعف الطلب، وتراجع القدرة الشرائية بفعل سياسات النظام السابق.
وأردف أنه رغم طرح مفهوم التعافي الاقتصادي المبكر، فإن العقوبات الدولية تحول دون تحقيق تقدم حقيقي، إذ تبرز عدة تحديات تعرقل هذا التعافي، أهمها، التحديات السياسية التي تتعلق بعملية الانتقال السياسي وتحقيق مشاركة وطنية شاملة ستسهم في رفع العقوبات وتلقي المساعدات.
بيئة سياسية مواتية
وأوضح صالحة أن التحدي الثاني هو ضرورة بسط السيطرة الكاملة على الجغرافيا السورية، بالإضافة إلى التحديات التي تشمل انهيار البنية التحتية، ونقص الموارد المالية، وارتفاع الأسعار، وعدم استقرار سوق الصرف، ومشكلات البطالة والديون الخارجية، إلى جانب بعض التحديات الاجتماعية المتعلقة بالمصالحة الوطنية.
وبيّن أن المجتمع الدولي يمكنه مساعدة سوريا من خلال المساهمة في عملية انتقال سياسي، تصون وحدة البلاد واستقلالها وسيادتها، والتوافق على بناء دولة حديثة يحكمها دستور عصري.
وخلص صالحة إلى ضرورة ربط رفع العقوبات الاقتصادية والمساعدات الخارجية وتوظيف ثروات ومقدرات الشعب السوري بعملية تعافٍ اقتصادي، عندئذ يكون مؤتمر دولي بخصوص سوريا وسيلة خلاقة وفعالة لوضع سوريا على سكة التعافي الاقتصادي، لأنه لا يمكن أن يتعافى الاقتصاد دون إنتاج بيئة سياسية مواتية تجعل من سوريا جزءا من المجتمع الدولي.
دمار البنية التحتية
بينما يرى الخبير الاقتصادي، أحمد أديب أحمد، أن أبرز التحديات التي يعاني منها الاقتصاد السوري الدمار الواسع للبنية التحتية الذي خلفته سنوات من الصراع، ويشمل البنية الأساسية مثل الطاقة، والمياه، والصرف الصحي، مما يعيق العودة إلى الحياة الطبيعية ويزيد صعوبة توفير الخدمات الأساسية للسكان.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن الاقتصاد يعاني أيضاً معدلات مرتفعة للفقر والبطالة، وحالة عدم استقرار في معدلات التضخم وسعر الصرف، مما يزيد معاناة السكان ويؤثر سلباً في الاقتصاد الشخصي والمجتمعي.
العقوبات الغربية
وأشار أحمد أديب إلى أن العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الدول الغربية كانت وما زالت عائقاً كبيراً أمام تعافي الاقتصاد السوري، لافتا إلى أن هذه العقوبات تعرقل العمليات التجارية، وتحد من الاستثمارات الأجنبية، ما يزيد التحديات التي تواجه سوريا، كما يعاني القطاع الزراعي بدوره من تدهور في الإنتاج، مما يثير مخاوف جدية حول الأمن الغذائي، ويزيد التبعات السلبية على السكان.
وأوضح أن المجتمع الدولي يمكنه أن يؤدي دوراً حاسماً في تسريع عملية التعافي الاقتصادي في سوريا من خلال تقديم الاستثمارات طويلة الأجل في البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الطاقة، والمياه، والصحة، والتعليم، كما يمكنه تخفيف العقوبات الاقتصادية لتسهيل العمليات التجارية وتعزيز التعاون الدولي لتقديم الدعم المالي والتقني، إلى جانب تقديم المساعدات الإنسانية لدعم السكان المحتاجين وتخفيف الفقر والبطالة.
وأردف أحمد أديب بأن تعزيز السلم الأهلي ووقف الانتهاكات وضمان الحريات من الأمور الواجبة لفتح أبواب الثقة من المجتمع الدولي، وكذلك الإفراج عن المعتقلين وإعادة المفصولين إلى عملهم، وصرف الرواتب والأجور، إذ تعد نقاطاً أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|